اعرف ان هذا المقال سيكلف صاحبه الكثير من الشتائم والقليل من الانصاف واعرف ايضا ان من يتحدث عن العلوي كانه يتحدث عن صدام حسين رغم البون الشاسع بين الرجلين ومع انني واحد من ضحايا الثاني وقريب من الاول كان لابد لكم ايها المستاؤون والغاضبون والمتحاملون على العلوي ان تصغوا ولو قليلا لصوت من يستدرك الحقيقة قبل فوات الاوان فما كتبته يمثل عين الحقيقة ودعونا من (سالفة) علاقة العلوي بصدام حسين اذ لو اخبرتكم عن اصدقاء صدام حسين وفلذات كبده في السياسة العراقية الحالية لتفجرت اعصابكم كما تتفجر مفخخة في شارع ببغداد ..فالاصدقاء يتوزعون في السياسة العراقية اليوم على شكل نواب وضباط كبار في الجيش وقوى الامن الداخلي وشعراء وكتاب ومن الشعراء والكتاب من يحتل مكانة مميزة في قلب قادة كتل واحزاب سياسية راهنة والعلوي الذي يتهيأ للبعض انه محسوب على صدام حسين لايتذكر من الرجل الا قرارا بتحويله الى مضمد في وزارة الصحة وكأسا من القهوة احتساه مرغما سقط شعر جسده بعدها ويعيش بربع عضلة قلب من اثر الثاليوم منذ 30 عاما من الان ورغم علته المستعصية لكن العلوي وقف على علل الازمة فانتج كتابا نوعيا وفتح الباب على مصراعيه لجدل نوعي وحوار كبير ومهم حول المشكلة الطائفية سيبقى مثار نقاش طويل الى ان يرث الله الارض ومن عليها!.
ساقول بعض الحقيقة واكتب جزءا من سيرته واضعه بين يدي التاريخ لعله ينصف الرجل بعد تحامل وكيد وكتل من الكراهية في مسيرة ناهزت ثلاثة عقود عكف فيها على ترجمة مشروعه الوطني والقومي ودفاعه عن قومه الشيعة في مواجهة حملة التعجيم كما تحامل بنو امية على اهل البيت وانا اخشى ان يتعرف الناس على قيمة العلوي بعد موته حيث لم يدركوا تلك القيمة في حياته وهو عين مانعانيه في ساحتنا الاسلامية اذ لايعرف الفقيه الا بعد موته والمبدع الا في زمن البدعة!.
ليس هنالك مفكر يعمل بصفة امام وليس هنالك رجل منزه عن الخطأ وانا هنا لااتحدث عن العلوي الا بالمعيار الذي قدم نفسه من خلاله مفكرا في السياسة وشيخنا في الاعلام وجملة عميقة في كتاب نوعي اما العلوي المزاج والسلوك ومنظومة القيم الخاصة فهي مسالة شخصية لاانا ولاغيري حتى المتحاملون عليه بامكانهم ان يتدخنلوا فيها او يضعون انفسهم مساطر او قضاة يحكمون بالعدل او اللاعدل عليه..لان الكمال لله وحده!.
فلا ترموا الرجل بمساطركم الخشبية لتقولوا انكم مكان الله في الحكم او الاحتكام اليه والشاعر العربي يقول :
وكلك عورات وللناس السن!.
انا اقدم العلوي هنا مفكرا وكاتبا ومسيرة من العمل القومي ناهزت ال60 عاما امضاها في محراب الكتابة والمواجهات الفكرية في اطر ومحطات وخلايا وسجون وصالات العمل الاعلامي والسياسي ..اقدمه كما هو دون تزويق او تزييف ودون ان اتطرف في القول واشتم من يتقول عليه كما اقرا لغيري فيه!.
حسن العلوي مسيرة مفكرر وومضة مشعة في الفكر السياسي وعالم اجتماع وصوت مرتفع في الحقوق المدنية يتوالد عبر التاريخ باستمرار وهو محط اهتمام اصحاب جلالة وامراء ورؤساء عرب وهو شوط طويل من عطاءات في المعرفة وعلم الاجتماع البشري توزعت في رجل ولا غرابة في ذلك وحسن العلوي فضاء يصعب اختزاله وهو الذي يتامل دائما في صورة العلوي مرددا امامي بعد نهاية اي مطبوع يمليه علي:
اوزع جسمي في جسوم كثيرة!.
حسن العلوي صانع كتاب نوعي وصناجة تاريخ من جدل التشكيل وجملة مشرقة تؤرخ لانسان وتحمل مؤهلات معرفة وتتدفق ابداعا وتتجنب بدعة .
في العام 1954 يكتب عن الحرية وهو طالب في مقاعد الدراسة يتدرج في التامل ويتدحرج في السكون المهيب.
وفي العام 1956 يضع مقالا في (نماذج قومية) فيقارن بين فولتير وشكسبير والفراهيدي والجاحظ في وقت تعز فيه المقارنة على اقران واشباه.
في العام 1959 يتصدر قائمة الاسماء الاولى في الحملة القومية لمواجهة الشيوعيين وما تبعها من اعتقالات ومداهمات ليجد نفسه الاول من بين المعتقلين وبعد كل مداهمة المعتقل الاول من بين المداهمين لكنه لم ينس وهو يكتب ويتأمل الهوية العربية وحال المشروع القومي والحرية الرغبة في العدالة الاجتماعية كما الرغبة في الخروج من نفق معاهدات الانتداب والوصاية الاجنبية ان يكون من كتيبة المداهمين وصاحب الصولة العربية الاولى في سرايا الفدائيين والمثقف الاول في كتيبة المثقفين.
كان يكتب ويتأمل ويسجل ويقارن وكان صاحب المقال الذي لا يختفي على صفحات الجريدة الاولى الا عندما يكون رهن الاعتقال!.
اين انتم من الكتيبة القومية الاولى وصولة الرجال في الانتفاضات والثورات والحركات الوطنية ومحاربة الانتداب والوصاية الاجنبية وصاحب الجملة التي تتدحرج على مرايا الايقاع الموسيقي الجميل المكثف بالالق المداف بماء المقادير ودماء الشهداء حسن العلوي؟!.
كيف سمحت لكم انفسكم ان تكونوا في صفوف الجبهة الاولى للنيل منه وكيف تنالون من العلوي وفي كل هذا التاريخ المعبأ بالكواتم والثاليوم واقبية الامن العامة صوت يتحدث عن فكرة قالها هنا او لمعت في ذهنه خلف القضبان هناك وكتاب وضعه في الحقوق المدنية في المنفى؟.
كيف يمكن التفكير بالعدوان على رجل كان الصوت الاول والخبر الاول والصورة الاولى والكتاب الاول ولازال؟.
علاقاته الاعلامية وحجمها في المكان حيث قاد اكثر من حملة قومية مع كتاب ومثقفين عرب في لبنان وسوريا من اجل القضايا العربية الكبرى اكبر من احزابكم السياسية العاجزة المعاقة!.
حين يتحدث العلوي ينصت الاعلام لصوته وحين ينظر في المشروع القومي حيث العروبة جعل الهي يستعيد العروبيون روح التراب والاسلاميون روح محمد ثم يبدأ تاريخ الفتوحات يتهادى بين يديه وكأن الرجل مفتتح عهد وصانع مشروع ومبتدع شعب!.
نعم حسن العلوي اول من فجر في الصحافة العربية وفي اوساط المعارضة العراقية ان الشيعة شعب بخصائص الشعوب القديمة في التاريخ شأنه شأن الشعب الياباني والماليزي والتركي والايراني لهذا وضع اعظم كتاب في التاريخ السياسي العراقي انصف الشيعة وتحدث عن حقوقهم المدنية سماه (الشيعة والدولة القومية في العراق).
في العام 1970 وقع عقودا واتفاقيات ثنائية مع معظم وكالات الانباء في العالم الثالث من يوغسلافيا تيتو الى هند جواهر لال نهرو.
في العام 1972 ترأس مكتب وكالة الانباء العراقية في المغرب وتونس وليبيا وكان مقره الرباط وعبر هذا الغمار الطويل من العمل الاعلامي العربي كان حسن العلوي يكتب في الصحافة العربية ويدلي بارائه في معظم النشريات والصحف العربية الكبرى وكان سيبقى فضله كبيرا ومشهودا على الصحافة المغربية.
حين عاد الى بغداد تولى رئاسة تحرير مجلة الف باء المركزية وهي المجلة الاولى للدولة بشروطه وليس بشروط الدولة لهذا استمرت الف باء في عهد العلوي وهي تحمل خصائصه وشروطه الشخصية ولم تكن تحمل خصائص الدولة..وشروطها!.
في المنفى من العام 1980 وفي اولى خطوات استقراره بعد عملية قيصرية صعبة كادت تودي بحياته بدأت من الكويت وانتهت باسبانيا كان العلوي زعيم الاعلام العراقي المعارض وشيخه وعنوانه حيث وضع كتاب (قتلى في طور الانتظار) الذي نشر في جريدة حزب الدعوة (الجهاد) اوائل الثمانينات في طهران و(دولة المنظمة السرية) و(الشيعة والدولة القومية) و(دولة الاستعارة القومية) و(التأثيرات التركية في المشروع العربي القومي) وقد تميزت كتبه النوعية هذه بالواقعية السياسية الشديدة والشمولية والعمق والدقة ونهج ليبرالي في مقاضاة الحقائق!.
كان العلوي يقاتل صدام حسين طيلة 24 عاما ويكتب في المنظمة السرية ويدافع عن حقوق قومه الشيعة في مواجهة حملة التعجيم وكان يوقر اعتقادات الطائفة ويهاجم ابدا السياسة الطائفية وربما كان العلوي العنوان الوحيد الذي لن يتكرر في معارضة سياسية ناهزت احزابها ال70 حزبا وتنظيما وتيارا سياسيا لكنها لم تشكل خطرا نوعيا على نظام كان كل همه كيف يعتقل منشور دولة المنظمة السرية ويلقي القبض على النسخة الاولى من كتاب قتلى في طور الانتظار ويطارد الخلية التي تبشر بالشيعة والدولة القومية!.
وفي الوقت الذي تنتشر المعارضة الاسلامية والعلمانية على طول خارطة المنفى في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايران وسوريا ولبنان لكن عيون السلطة لم تكن تطارد الا رجلا يطاردها فتفتح خط الاتصال الهاتفي به وترصد مليون دولار ومطبعة خاصة شرط ان يتخلى عن المعارضة والكتابة في الحقوق المدنية لكنه لم يستجب لاغراء السلطة فيعقد مؤتمرا صحفيا بدمشق ويفضح الصفقة ويتواصل مع قومه ويلقي محاضرة في اليوم التالي في حسينية الولاية بمنطقة السيدة زينب حيث تتواجد الغالبية العراقية الشيعية وهو يردد .. العين التي لا تبكي الحسين عين سفيانية.
اقام في دمشق اكثر من خمسة وعشرين عاما لكنه لم يشارك في اي اجتماع حزبي للبعث العربي واقام عشر سنوات مستشارا لصدام حسين في بغداد ولم يقلب مرة كتاب (في سبيل البعث) لميشيل عفلق.
وفي الوقت الذي كانت الدنيا تتزلف لصدام حسين كان العلوي يضع هواجسه ككاتب يتحسس مصير الكبرياء الشخصي له على الورق فيكتب في جريدة الجمهورية العراقية عن محمد ابن الليث الفقيه الذي يخرج من سجن الحاكم العباسي وهو العارف ان العباسيين لن يتركوه وشأنه الفقهي والديني ولن يتركهم وشأنهم في المفاسد وسياسة الناس!.
اقام في السعودية سنتين وكان محط انظار الصحافة والكتاب والامراء والمؤسسات الاستشارية الخاصة بالملك ولازالت الصورة ومربعها الملون شاهدة على ملامح الشيخ وحوله يتحلق مريدو الرأي في مرحلة كان فيها اسم الكاتب العراقي شيئا منفرا تماما كما يرد اسم الزرقاوي في خلية دينية في النجف او في حلقة حزبية للتيار الصدري او لعصائب الحق!.
ليس هنالك صحيفة سعودية او كويتية او خليجية ليس لها صلة بالعلوي وهكذا الامر مع الصحافة العربية في لندن والمغرب وتونس وبيروت حتى الرباط ونواكشوط!.
كيف تفكرون بفتح معركة اعلامية مع العلوي وانتم تعرفون ان من يفتح معركة معه كمن يفتح نار الكلاشينكوف على بطارية صواريخ توماهوك او يلقي رمانة يدوية على فرقاطة نووية روسية في عرض البحر!.
حسن العلوي يدير بالهاتف من اربيل او بغداد او من اي مكان يقيم فيه عشر فضائيات عربية وعراقية ويتواصل بالخبر الاول مع عشر صحف ويعطي خطا في الرؤيا السياسية في برنامج تلفزيوني ناجح مع اكثر من 15 مقدم برنامج وما ترونه من برامج ناجحة هنا وهناك في هذا الفضاء التلفزيوني العراقي وما يقف في عمود وكالات الانباء العربية والاجنبية كالرمح وما هو محسوب في شريطها الالكتروني عائد للعلوي الساكن في قلب الشريط الرابض كالنورس في رصيف كل ساحل ومحيط!.
حسن العلوي في كل هذا التاريخ وفي كل الذي كتب ووضع وشد الذاكرة وجلب الاهتمام وانصت له من رؤساء واصحاب جلالة وسعادة وسمو لا يمثل نفسه انما يمثل المشروع الذي اوقف نفسه لخدمته والمفاهيم والافكار النوعية التي كتب فيها واخرجها كما يخرج البحار اللؤلؤ من المحيط وهو الصاعود ابدا في المرتفعات..من نخلة البيت في كرادة مريم الى مرتفعات السلطة والنيابة والكتابة وهاهي قبرص وهاتفها وفاكسها ومؤسستها الاستشارية شاهدة على نوعية الافكار والاراء التي قدمها لرؤساء وامراء واصحاب جلالة ستبقى طي الكتمان وسيبقى العلوي معها الشاهد الذي لن يتكرر وقد ناهز الـ 78 عاما إذ اكمل دائرة الحراك التاريخي النوعي في مئة عام دونها مشاهدات مالك بن نبي وتاريخ الحضارة لتوينبي!.
اعرفتم من تهاجمون وتحاربون؟!.
حسن العلوي هو الذي وقف معكم في الازمات مع ما بينه وبينكم من خلافات جوهرية في التصور السياسي وادارة الدولة وفي وجهة العمل للحقوق المدنية للشيعة وهو الوحيد الذي خرج من القائمة العراقية وبقي مستقلا يحارب بالرأي دعاة الطائفية والتقسيم والفساد والوحيد الذي خرج على اياد علاوي وانتخب المالكي والوحيد الذي التقاه 18 مرة وتحدث معه كما يتحدث مع اصدقاءه الخصوم فؤاد الهاشم وعبد الباري عطوان وعبد الحسين شعبان وباقر الحكيم واياد علاوي!.
وهو الوحيد الذي يعرف سر الدولة لأنه شيخها ويتقن فن الدعوة للحقوق المدنية وهو الذي وضع للشيعة اعلانهم الاول وميزهم في قضاء المعارضة فتحول الى مانديلا الشيعة!.
حسن العلوي الذي تفصله بحار من الشك بنوايا دولة القانون في ادارة دولة لا علاقة لها بالقانون لم يصوت يوما وهو النائب المستقل الا لجانب دولة القانون ايمانا منه ان العمل بالرأي المأهول الذي يمتلكه في اطار قائمة غير مؤهلة سيثقل حجة الاخر بالدليل المختلف ولم ينسحب مرة مع من انسحب في التصويت على شيء له علاقة بالحقوق المدنية للناس!.
اعلمتم الان من تحاربون؟
اعلمتم انكم خسرتكم الجزء الاكبر من تاريخكم بخسارتكم للرجل الذي اعلى مكانة الشيعة وافنى ما تبقى من عمره في الكتابة عن الهم اليومي لقومه؟.