18 ديسمبر، 2024 10:11 م
لم يكن مايحدث في عصرنا هذا ليحدث في اي عصر مضى ، و لم يكن ما يدور بيننا اليوم ليدور في اي مجتمع حولنا في الارض الواسعة .
كيف؟ ،، اجيبك :
في كل مصر و عصر هناك جهلة و عوام و مثقفون و طليعة و نخبة و مختصون و علماء . هذا تصنيف اجتماعي فكري لا يختلف و لا ينقص و لايزيد و لايتغير في كل المجتمعات و لكل علم او تخصص او فن او ادب .
في كل المجتمعات و العصور يوجد جهلة و لكنهم يتتبعون العوام او يسألون المثقفين او يقلدون الطليعة .
و في كل المجتمعات و العصور يوجد عوام و لكنهم يسمعون للمثقفين او يشخصون بابصارهم الى الطليعة او يتأثرون بتوجيه النخبة او يتعلمون من المختصين او يستفتون العلماء .
و في كل المجتمعات و العصور هنالك مثقفون يمهدون للطليعة و ينتجون النخبة و يحترمون المختصين و يقفون عند راي العلماء .
و في كل مامر من العصور و لكل من حولنا من الامم طليعة توجه الجمهور و تعتمد على المثقفين و تناقش النخبة و تتشاور مع المختصين و تقف عند راي الفلاسفة و العلماء .
و كذلك فهناك نخبة تحمل على عاتقها صنع الراي العام و تصحيح اخطاء المثقفين و تأييد و دعم الطليعة و تصدير راي العلماء و الوقوف عنده .
فتكون النخبة قدوة للمثقفين و مصبا و ناشرا لآراء المختصين و منارا و معتمدا للطليعة و منتظرا من العوام و ذودا عن راي العلماء.
اين الجهلة من هذا السلم التدريجي للتصنيف الاجتماعي التوجهي ؟ لا وجود لهم . لماذا؟ لانهم جهلة . هل يزعجهم هذا الوصف في المجتمعات الحية المنضبطة ؟ لا ،، فهم يقولون نحن جهلة في هذا العلم و لكننا عوام في ذاك و نطمع ان نكون مثقفين مع الطلب و الجد و لدينا طليعة نتبعها هي اقرب و اعلم منا بما يقوله المثقفون و ماتريده النخبة و ما يقرره المختصون و مايفتي به العلماء . الذين هم اعلى الهرم الاجتماعي التوجيهي البنائي ، او ننزوي .
هذا مادرجت عليه الامم و العصور و منها امتنا في عصورنا السابقة. الا عصرنا الحاضر و امتنا المعاصرة ، فجهلتها لايتحرجون من مماحكة مثقفيها ، و عوامها لا تتردد في مجادلة مختصيها ، بل و لايتوانى اي من الطبقات الست الاخرى او الطبقتين الدنيا “فكريا و علميا” من مناطحة طبقة العلماء و ربما التطاول عليهم بحجة (انهم رجال و نحن رجال) و (حرية الفكر و التعبير) و (فوق كل ذي علم عليم ) .
نعم نحن رجال و هم رجال و لكن في (البايولوجي و الجينات ) صح ، اما في العقل و العلم و التحصيل فلا ، لكل رجل مقام لايقاس به رجل اخر . فمن لم يعرف حجمه و حده فقد جعل من نفسه سخرية تكشفها المناظرات و المحاورات و الاستنباطات و التحليلات و النتاجات .
نعم حرية الفكر و التعبير و لكن الفكر المنضبط المستند و التعبير النافع الجامع ، فمن هذر و خرف و يظن ان هذا تعبير فقد وضع نفسه في موضع اللوم .
فلكل علم علماؤه ، لانه علم ،، هل نعلم معنى علم ! علم و صاحبه هو (ذو علم) و هي اعلى الرتب ، العلم له اصوله و مصادره و شيوخه و اساتذته و مختصوه و مدارسه و مناهجه و اسراره و عوائقه و كلياته و تحليلاته و تراكماته و كتبه و مقالاته و نظرياته و مناظراته و محاججاته و تاليفاته و و و…وأخيرا علماؤه ،  فيقطع الرجل كل تلك المراحل ليكون عالما ، اما جميعنا ممن لم يفعل فهو اما مختص في احسن الاحوال او عامي يتعلم في اقلها ، او جاهل يصمت . فهؤلاء رجال علماء (ذوو علم).(اولو علم).
نعم فوق كل ذي علم عليم ، “عليم” أي اعلم منه و ليس “جاهل” ، و لا (عامي و لامثقف و لاطليعة و لا نخبة و لا حتى مختص) !
“شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”
ها هم يوضعون بعد الله و ملائكته في الترتيب ، و الواضع هو الله الذي آتاهم العلم . و رفعهم فوقنا درجات :” ‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ”
فليعرف كل مكانه و مكانته لنلحق بالامم او نستدرك مافاتنا من ماضي امتنا .و لا اعتبار لراي متنطع يحتج بانكاره لرأي عالم او فتواه او قوله فهذا لايكون الا من عالم في مقامه و في ميدانه ،  فانكار من دونه او من لايعلم ليس دليلا على شيء ، و يحصل هذا دون غرابة ف :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ،،،،، و ينكر الفم طعم الماء من سقم .