19 ديسمبر، 2024 1:04 ص

العلم التركي وجنارجك والكرم العراقي

العلم التركي وجنارجك والكرم العراقي

الذي يزور اسطنبول لابد ان يفكر بزيارة يلوا تلك المدينة الجميلة التي تقع على بحر مرمرة ليتمتع بمناظرها الطبيعية الخلابة وسواحلها الجميلة التي تكتظ بالسائحين في الصيف ..ويمكن زيارة يلوا برا او بحراً بواسطة عبارات بحرية ضخمة تتوفر فيها كل وسائل الراحة .. ويبدو من مشاهدتي ان الكثيرين يفضلون طريق البحر على البر لاسباب ابرزها اختصار الوقت بين الطريقين حيث كما قال لي الزميل ابو محمد عصام الشكرجي ان الطريق البري يستغرق حوالي ساعتين ونصف الى ثلاث ساعات ..وكنت من الذين اختاروا العبارات البحرية فتوجهت الى ايدو وهي مقر شركة العبارات وحجزت تذكرتين لي ولزوجتي للتوجه الى يلوا ومنها الى جنارجك .. كان الزميل عصام الشكرجي بانتظارنا عند محطة توقف العباره واصطحبنا منها الى موقف الحافلات المتوجهة الى جنارجك لنترجل في احدى المحطات ومنها الى شقة ابو محمد المطلة على بحر مرمرة .. وقد لاحظت حرص الزميل عصام على دعوة اي زميل لزيارة جنارجك التي يبدو انها تشترك مع مدن تركيه اخرى من حيث توجه العرب ومنهم عراقيين بشكل خاص للسكن فيها بل الاقامة الدائمة ، لذا فان الزائر يمكن ان يلحظ المطاعم والمخابز العربية في اسواقها ..وما يثير الاسى انك تجد العراقي هنالك يلتزم بالحفاظ على شوارع المنطقة عكس سلوكه في العراق حيث لايتورع عن رمي قناني الماء الفارغة او اعقاب السكائروالنفايات في الشارع . كنت ارغب ان اقوم اولا بجولة في المدينة غير اني لا املك غير الرضوخ الى اصرارصديق العمر عصام بالتوجه الى شقته حيث كان باستقبالنا هناك ام محمد وكأن لسان حالها يقول ياضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل ..وبعد وجبة غداء دسمة واكواب الشاي وفناجين القهوة كان لابد من استثمار مابقي من وقت للقيام بجوله سريعة اعترف انها لم تكن كافية لزيارة مافي المدينة من غابات ومعالم اثرية ..اسواق جنارجك ارخص من استنطبول خاصة ما يتعلق بالسمك والخضروات كما ان ابرز مميزاتها النظافة المتناهية جداً ونظافة المواد المعروضة .. اقتصرت جولتنا على ساحل بحر مرمرة وكانت درجة الحرارة معتدلة بل تميل ظهرا الى ارتفاعها قليلا ما اتاح للعوائل وللسياح التمتع بالسباحة وصيد الاسماك .. ثم بعدها توجهنا الى مقهى على الساحل لنلتقي فيها بزملاء من وكالة الانباء العراقية فيصل حسون وغسان القاضي والشاعر خالد العزاوي ابو رامي ..وقرب المائدة التي جلسنا امامها كانت سيدتان تركيتان كبيرتان في السن يتحدثان بعصبية عن قيام احد الصبية من غير الاتراك بالصعود الى احد اعمدة الجسر المجاور للمقهى بانزال العلم التركي ولم يتمالكا نفسيهما فتوجهتا نحو الجسر وامسكتا بالصبي واجبراها على الصعود مرة اخرى واعادة العلم الى ماكان عليه وسط تصفيق وتاييد شعبي لحرص السيدتين على احترام العلم الذي يرمز الى حب وطن والولاء له باخلاص وللامانة فلم اشاهد على اية بناية او شارع علم تركي قديم وقماشه بالي.. اثارت الحادثة في نفوسنا بعض الوجع ونحن نستذكر وضعية اعلامنا العراقية المهلهلة على اسطح بعض دوائر الدولة من دون ان ينتبه مسؤول الدائرة الى رمزية ما يمثله العلم .. انتهى الوقت مع زملاء المهنة ليقترب زمن عودتنا الى اسطنبول بالعبارة البحرية ولكن هذه المرة من جنارجك مباشرة برغم انها تستغرق وقتا اطول .. ولنا عودة في موضوع اخر مع الخدمات الصحية والفارق الكبير بينها وبين سوء هذه الخدمات عندنا مع الاسف .