6 أبريل، 2024 10:41 م
Search
Close this search box.

العلمانيون وخلط الاوراق   

Facebook
Twitter
LinkedIn

بلا شكٍ إنّ محاولةَ خلطِ الأوراق والمفاهيم التي يمارسها بعض العلمانيين لتشويه حقيقة النظام الإسلامي وأخذه بجريرة المتأسلمين , الفاشلين بإدارة الدولة هو اسلوب غير منصف يستهدف تكريس نظرية فصل الدين عن السياسة وانتهاء صلاحيته لقيادة الحياة بذريعة عجز قوانينه عن مواكبة العصر والتطور وما هذا الفساد المتفشي وتردي الأوضاع  في بعض البلدان الإسلامية إلا شاهد على ذلك .
نسى هؤلاء أو تناسوا أن الإسلام الذي يتهمونه بعدم الصلاح وأنه أفيون الشعوب وبعجزه عن مواكبة العصر , كان قبل 1400 عام يحكم العالم بقوانين ومبادئ  , هم يرفعون شعارها اليوم ,  فالإسلام جعل بموازينه السياسية الشورى حين لم تكن ديمقراطية في إرجاء المعمورة (وأمرهم شورى بينهم) , وسبق كل الأنظمة بعدم التمييز بين الناس لإدارة الحكم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وأعطى  للشعب حق انتخاب الحاكم (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) كما دعا الى محاسبة الحكام والمسؤولين والعمل على إسقاطهم ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وأكد على ضرورة الاشتراك بالانتخابات (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) وإلزام الدولة بالمحافظة حياة إلانسان (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) ودعا الى احترم حرية العقيدة (لا إكراه في الدين ) وإعطاء حق اللجوء السياسي ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ) ومنح المرأة الحرية في كافة شؤونها حتى السياسية ( ولَهُنَّ مثل الذي عليهن بالمعروف)  ومنع المحاصصة والمحسوبية والمنسوبة (من ولى من أمور الناس شيئاً ووّلّى عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة الله) وشدد على سيادة القانون (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وأكد على الحرية الشخصية في كافة المجالات (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم) ومنح حق التجمع والتنظيم والاجتماع وتشكيل الجمعيات والمنظمات والأحزاب ( المهاجرين والأنصار ) وكفل حق التظاهرة ( خروج الخوارج على الامام علي ) , هذا كله يوم كان يعيش العالم في سبات .كما تغافلوا أن رجال الإسلام كان آباء العلم الحديث أمثال أبو الأسود الدؤلي وابن خلدون والفارابي وابن سينا والإدريسي وابن النفيس وابن الهيثم ويعقوب ابن إسحاق الكندي والبيروني والخوارزمي وجابر بن حيان وآخرين , وإن إنتاج أفكار المسلمين الغزيرة ومخترعاتهم تشهد بأنهم أساتذة العالم بشهادة المنصفين من علماء الغرب، لا هذا فحسب، بل تمكنوا أن يبنوا حضارة فتية تنقذ العالم من ويلاته وحروبه ومشاكله في وقت قصير .
ولكن المشكلة , خلف بعدهم خلف أضاع كل هذه المفاخر يوم ابتعدوا عن قيم الإسلام وانحرفوا عن مبادئه وتركوا قوانينه خلف ظهورهم , مشغولين بالسلطة ومناصبها وملذتها بعيدا عن هموم الشعوب , متخاذلين, عاجزين ارتموا بأحضان القوى الإقليمية والدولية تلعب بهم كيف ما تشاء.
إن التجربة السياسية للأحزاب الدينية الوصولية ليست معيارا للحكم على مبادئ الإسلام , فسرقة متدين لأموال الفقراء  أو الاعتداء على حقوق الشعب لا يعطي مبررا لإلصاق تجاوزاته المشينة بالعقيدة والدين الذي ينتمي إليه .
كان الأجدر بالإخوة العلمانيون جعل القران الكريم والرسول ص ومن عينه الميزان بقبول ورفض الأفكار والممارسات , والتفريق بين الإسلام ومدعيه فليس كل مدعٍ هو ممثل عنه , والعمل على درسه بعمق وموضوعية لأخذ العبر والدروس من النظام الإسلامي واتخاذه نموذجا يُحتذى به لما حققه من منجزات حاله حال الأنموذج الغربي , بدلا من شن حملات التشويه والاتهامات ومحاولات إقصاء الإسلام عن مسرح الحياة بشتى السبل والطرق .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب