23 ديسمبر، 2024 8:44 ص

العلامة الشيخ عبد الله العلايلي (1914-1996) في كتابه عن الامام الحسين (ع)

العلامة الشيخ عبد الله العلايلي (1914-1996) في كتابه عن الامام الحسين (ع)

هو فقيه لبناني مجدد درس في جامعة الأزهر، وعمل في دار الافتاء في لبنان، وكان عالما موسوعيا له آراء متميزة  في اللغة والأدب والسياسة والاجتماع. فحينما وضع كتابه الشهير (مقدمة لدرس لغة العرب)  لفت اليه انظار اللغويين من العرب والمسلمين والمستشرقين، لما تضمنه من آراء جديدة تدل على عمق وتمكن صاحبه، فانتخب عضوا في العديد من مجامع اللغة العربية. تتوزع مؤلفاته في مجالات متنوعة مثل فقه اللغة، والرواية والشعر، والفقه المقارن، ومشكلات الافتاء، والتاريخ والدراسات الفكرية، والدراسات الاسلامية، التي يمكن أن نضع كتابه عن الامام الحسين (ع) في إطارها. لقد ظهر هذا الكتاب أولا بعنوان (سمو المعنى في سمو الذات أو أشعة من حياة الإمام الحسين)، ثم اكمله بجزئين آخرين عن (تاريخ الحسين) و(ايام الحسين)، وتعد في مجموعها من أدق وابلغ ما كتب عن الحسين السبط (ع) ونهضته الخالدة. ونقتطف من حديقته الغناء اليوم هذه السطور في ايام شهر محرم الحرام، حيث سفك المجرمون دم ابن بنت نبيهم الذي قال فيه نبينا المصطفى (ص): (حسين مني وانا من حسين، احب الله من احب حسينا). يقول الشيخ العلايلي -رحمه الله- في احد فصول كتابه المعنون:
(مصرع في سبيل الواجب
وازن الحسين (ع) بين الرغبة في البقاء، وبين الواجب، فرأى طريق الواجب افسح الطريقين وارضاهما عند الله والناس… وأشرف الى الأفق، فرأى العهد الزاهر يأخذ بالتلاشي والانحدار شيئاً بعد شيء ليفسح المجال لدنيا جديدة وحياة جديدة، ولم يبق سواه رمزاً للماضي المثالي الاقدس فزاده استعاراً…
هم قلّة المؤمنون بقضيته، ولكن القلة المؤمنة التي تجاهد لله وفي سبيله كثرة، وصوت الحق في معترك الباطل ارفع الصوتين…اطل من علياء مكة التي هي رمز السماء في الارض وينبوع المُثُل في الاسلام، الى الحياة الجديدة التي تجيش فيها الشهوات، في زوبعة يدير رحاها داعية في الجانب الآخر الذي لا تطلع فيه الشمس، فرأى اكفهراراً ورأى تجهّماً استفزّاه…
مشى الى الفوز او الى الموت، والموت نصر سلبي في الجهاد، فمن جاهد ومات فقد طرح اهاب الارض ليلبس حلة السماء حلة الخلود الضافية…
سار بقلته المؤمنة، وثبت في معركة الحق والباطل. وجعل بين ناظريه برهان ربه: ((وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)).
والفتنة في الآية ليست بمعنى الاختلاف والتنازع بل بمعنى شيوع الفساد والفسوق، فخروج الحسين (ع) ليس فتنة- كما اتهموا- بل لمكافحة الفتنة، فأية محاولة وثورة على الفساد في سبيل ان يكون الدين كله لله، ونحن مأمورون بها فالحسين بخروجه لم يجاوز برهان ربه…
سقط الامام صريعاً بعد كفاح رهيب، وبعد ان ارسل كلمة الحق في العراء، هذه الكلمة التي طوّفت بالهياكل وعادت بنشيد الشهداء….) (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عميد الدراسات العليا – الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية، لندن.
(1)عبد الله العلايلي: الامام الحسين، ص347-348 ، بيروت، 1972