18 ديسمبر، 2024 3:47 م

العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية*

العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية*

مقدمة

 الهجرة السكانية قديمة قدم وجود الإنسان على الأرض، وهي تحدث استجابة لأسباب متعددة، مثل البحث عن موارد معيشية وحدوث الكوارث الطبيعية، والتغيرات المناخية، والحروب، والاضطهاد الإثني والديني والمذهبي. واستجابة لدوافع اقتصادية مثل البطالة والبحث عن عمل وحياة أفضل. ولأسباب سياسية خصوصا التعرض للقمع السياسي والفكري ومصادرة الحريات في ظل النظم المستبدة وغيرها. لكن الانتقال من المرحلة الاقطاعية إلى الرأسمالية في أوروبا على وجه الخصوص والتوسع الرأسمالي العالمي خصوصا الاستعماري منه زاد من أعداد المهاجرين على نحو كبير، سواء على صعيد الهجرة الداخلية مثل الهجرة الريفية – الحضرية أو الهجرة الحضرية – الحضرية أو على صعيد الهجرة الدولية. كذلك تنوعت أنماط الهجرات واتجاهاتها وتعقدت تأثيراتها المتبادلة الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية والثقافية سواء في البلدان المرسلة للمهاجرين أو المستقبلة لهم.

    ارتبط ظهور الرأسمالية وخاصة في مرحلتها التجارية بالاكتشافات الجغرافية في القرن السادس عشر، وما نتج عن هذه الاكتشافات من هجرات ضخمة من أوروبا نحو ما سُمي بالعالم الجديد، الأمريكيتين وأستراليا ونيوزلندا. واستمرت هذه الهجرات في مرحلة الرأسمالية الصناعية التي ظهرت في القرن التاسع عشر نتيجة الثورة الصناعية في بريطانيا. لكن بعد النمو الاقتصادي الذي شهدته بلدان أوروبا الغربية في ستينيات القرن العشرين تباطأت الهجرة من أوروبا إلى العالم الجديد، بل أصبحت مقصدا رئيسا للمهاجرين القادمين خصوصا من البلدان النامية نتيجة تعمق التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين هذه البلدان والبلدان المتقدمة.

    سنركز في هذا المقالة على فحص العلاقة البنيوية بين الرأسمالية كنظام وبين الهجرة خصوصا الدولية منها وآليات عملها. وكيف أن الرأسمالية تخلق شروط الهجرة وتديمها وكيف تُسهم الأخيرة في إدامة الرأسمالية. وسنتناول الجانب النظري الذي يمهد لتفسير هذه العلاقة وفهمها، ونبحث في الهجرة القسرية: تجارة الرقيق، والحرب والهجرة، والليبرالية الجديدة والهجرة، والليبرالية الجديدة والهجرة المصرية مثالا، وأخيرا تأثيرات الهجرة في البلدان المتقدمة.

 

   الجانب النظري

       اشار كارل ماركس في القرن التاسع عشر إلى أن البرجوازية (الطبقة الصناعية)، في بحثها عن الأرباح واستخلاص الفائض من البروليتاريا (الطبقة العاملة)، ستوسع آفاقها الجغرافية جاذبة بلدان الهامش نحو نظامها باعتبارها مزودا لليد العاملة الرخيصة والمواد الخام(1). وهذا ما حصل فعلا على نطاق واسع، عن طريق استعمار البلدان الأوروبية المباشر لكثير من البلدان، خصوصا النامية منها.     

       كذلك ذكر ماركس بأنه في مجرى عملية تراكم رأس المال فإن مشكلة تقييم العمل لها علاقة بالتغير التقني الذي يخلق “جيشا احتياطيا” من العمالة العاطلة عن العمل أو “سكان فائضين نسبيا” ويزيد من الصراع الطبقي. لذلك، من الممكن المناقشة بأن التغير التقني هو متغير حاسم في خلق شروط الهجرة في ظل الرأسمالية من خلال خلق العمل الفائض. هذا هو السبب في أن كتلة كبيرة من العمالة المهاجرة المحلية والدولية تكون عمالة فائضة تبحث عن عمل وظروف حياة أفضل في بلدان المقصد.

     في عملية الإنتاج الرأسمالي تخلق القوى العاملة المزيد من القيمة التي تستخدم في استبدال القوى العاملة في دائرة دائمة التوسع من الإنتاج السلعي. ويعتبر ماركس التراكم الرأسمالي، من خلال السعي لإنتاج فائض القيمة وتوسيعه، القوة الدافعة للرأسمالية. لذلك، فإن هجرة العمالة من وجهة نظر ماركسية هي عامل ضمني في عملية الإنتاج السلعي الرأسمالي، وهي تلعب دورا مركزيا في التراكم الرأسمالي وفي النموذج المركزي الإمبريالي للتراكم الرأسمالي. وبقدر ما تساهم العمالة المهاجرة والأنشطة الاقتصادية التي تنطوي عليها عمليات الهجرة في تراكم رأس المال، بقدر ما تصبح الهجرة جزءا حيويا من القوة الدافعة للرأسمالية(2). وهكذا يتضح الترابط البنيوي بين الرأسمالية والهجرة الدولية .

     يترافق توسع رأس المال عالميا مع هجرة كل من العمالة الماهرة والعمالة غير الماهرة كي يؤدي دوره في انتاج القيمة في النموذج المركزي الإمبريالي للتراكم الرأسمالي. لذلك، يطوف رأس المال العالم للبحث عن فرص الاستثمار ويتحرك العمال للبحث عن عمل أفضل وتحسين ظروف معيشتهم. ومع ذلك، يواجه العمال معوقات أكثر في حركتهم من رأس المال. لا يذهب رأس المال فقط إلى العمالة في البلدان الأجنبية فهو يجند أيضا العمالة من البلدان الأجنبية، وبهذه الطريقة يديم بروليتاريا العمالة والصراع الطبقي على الصعيد العالمي(3).

      كان مفهوم “الدفع – الجذب” غالبا ما يستخدم في تعليل أسباب الهجرة والذي يخص الهجرة الداخلية والدولية في المجتمعات الصناعية والريفية. وعلى قاعدة هذا المفهوم يهاجر الأشخاص إلى المناطق التي تتوفر فيها فرص عمل أفضل من أماكن إقامتهم. وفي برنامج بحث لجنة “التغيير العالمي وحركية السكان”، عُدّ هذا المفهوم قديما من بعض النواحي وبسيط جدا في هذه الأيام لتفسير الهجرة التي لها علاقة بالشرط المالي وبالنشاطات الإنتاجية. فقد نشأت أيضا حركية السكان في السنوات القليلة الماضية من الاستهلاك والترفيه والسياحة والبحث عن أسلوب حياة جديد(4)، حتى خارج البلدان المتقدمة، وهذا يمكن أن ينطبق على ما يُسمى بهجرة المتقاعدين خصوصا إلى البلدان الأوروبية المتوسطية والتي تكون في كثير من الأحيان موسمية.

    تتضمن الهجرات عملية مزدوجة من التحويلات الاقتصادية. فمن ناحية، فهي تمثّل نقلا للعمالة من مجتمعات الأصل إلى الاقتصاديات المتطورة. ومن ناحية أخرى، تشكل التحويلات والسلع والخدمات التي يرسلها المهاجرون نقلا معاكسا يُسهم بإعادة الإنتاج الاجتماعي للمهاجرين وعائلاتهم ومجتمعاتهم. ويربط هذا النظام المزدوج للتحويلات الاقتصادية إعادة إنتاج قوى العمالة المهاجرة في أماكن الأصل مع إعادة إنتاج رأس المال والاقتصاد في مجتمعات المقصد، لذلك، يُسهم في إعادة إنتاج الرأسمالية كنظام اقتصادي منتج وعالمي.

    في الحالة الأولى، عندما تشترك العمالة المهاجرة في العملية الإنتاجية فإنها تُصبح جزءا من عولمتها. وهنا تقع أهميتها بأنها تمثّل قوى عاملة تتجلى مساهمتها على حد سواء في آليات سوق العمل وفي الإنتاج والنمو الاقتصادي في المجتمعات المتقدمة، وتُسهم في توليد الفائض الاقتصادي اللازم للحفاظ على إعادة إنتاج رأس المال المتوسع. وفي الحالة الثانية، فإن التحويلات المالية هي صندوق للأجور وظيفته إعادة إنتاج القوى العاملة الضرورية والمتاحة لنمو رأس المال وتراكمه(5). هذه القوى العاملة تكون في البلدان المرسلة للمهاجرين خصوصا النامية منها.

     كذلك تُسهم الهجرة في خفض تكاليف إعادة إنتاج القوى العاملة بالنسبة إلى رأس المال، خصوصا، الشبكات الاجتماعية التي تديم الهجرة في اتجاه واحد، فإنها من ناحية أخرى تُسهم بجزء من تكاليف إعادة إنتاج القوى العاملة من خلال التحويلات إلى العائلات ومجتمعات الأصل(6)، وهذا ما نلاحظه في مجتمعات البلدان المرسلة الرئيسة للعمالة مثل مصر والمغرب وتونس وغيرها.

  

الهجرة القسرية

    1- تجارة الرقيق

     الاتجار بالبشر ظاهرة لا إنسانية قديمة اقترنت بالانقسام الذي حدث في المجتمعات إلى فئات مالكة وأخرى غير مالكة أو معدمة. وكانت معروفة من قبل عدة شعوب أوروبية، مثل الرومان وآسيوية مثل العرب والأتراك والفرس والهنود. وهناك من يرى بأن العبودية وتجارة الرقيق تمثل الجذور التاريخية للاتجار بالبشر الذي يمارس حالياً.

      يُعدّ كارل ماركس وفردريك أنجلز من أبرز من أهتموا بدراسة نظام الرق في المجتمعات القديمة، حيث بيّنا أن الحضارة الإنسانية اعتمدت في مرحلة من مراحلها على العمل العبودي لتجاوز معالم المشاعية البدائية المتميزة بغياب الملكية الخاصة(7).

       تحفزت وتيرة تجارة الرقيق إلى حد كبير في العصر الحديث، وخاصة من غرب أفريقيا إلى الأمريكيتين ومنطقة الكاريبي، بعد أن بدأ المستعمرون البرتغاليون والإسبان السيطرة على أغنى الموارد الطبيعية في أمريكا. وعلى الرغم من وجود عدم اتفاق حول حجم هذه التجارة، لكن التقديرات الأكثر شهرة تذكر بأن حوالي ألفين من الرقيق كانوا يُنقلون سنويا بالسفن إلى أمريكا في القرن السادس عشر. وقد قفز هذا الرقم كثيرا إلى عشرين ألفا في السنة في القرن السابع عشر، حيث اكتسبت مزارع السكر في البرازيل ومنطقة الكاريبي زخما. وقد ثبت أن القرن الثامن عشر كان علامة فارقة في الاستعباد، حيث ارتفعت الأرقام السنوية إلى 55000 في بداية القرن وإلى 88000 في نهايته. وبعد أن انتهت تجارة الرقيق عبر الأطلسي في القرن التاسع عشر، فإن ما بين 10-12 مليون أفريقي استعبدوا في المزارع والمناجم الأمريكية(8). وهناك من قدر بأن ما بين 15-20 مليون أفريقي نقلوا عبر المحيط الأطلسي. وترفع تقديرات أخرى العدد إلى 50 مليونا(9). على الرغم من أن هذا العدد قد يكون مبالغا فيه، إذا أخذنا في الاعتبار البطء الشديد لنمو السكان خلال تلك الفترة.

إضافة إلى ذلك، ربما وقع ضحية تجارة الرقيق ما يصل إلى عشرة ملايين في شمال إفريقيا وغربها، حيث استمرت هذه التجارة بالرغم من عدم شرعيتها إلى القرن العشرين(10)، علما أن هذه المناطق كانت خاضعة للاستعمار الأوروبي.  

    وطيلة ثلاثة قرون، كان الرقيق يمثل أهم صادرات أفريقيا، والتي مارسها البرتغاليون والهولنديون والفرنسيون والسويديون والدنماركيون. وفي القرن السابع عشر، أصبحت التجارة بالإنسان الأسود أمراً معترفاً به، ونوعاً من النشاط التجاري. وهذا واضح من تصريح دار تماوث وزير المستعمرات البريطانية عام 1775، الذي قال فيه “إننا لا نستطيع أن نسمح للمستعمرات أن توقف أو تقاوم- إلى أي حد- تجارة مربحة لهذه الدرجة لشعبنا”(11). ورغم تحريم بريطانيا لتجارة الرقيق فيما بعد طبقاً لقانون 1807، إلا أن هذا لم يؤثر كثيراً، فقد اندفعت دول أخرى لهذه التجارة.
    لقد تعرض السود إلى أسوأ ما يمكن أن يعامل به بنو الإنسان، حتى في المناطق التي نقلوا لها قسراً، حيث كانوا يعاملون بالقسوة والتمييز العنصري، ويعتبر وضعهم في أمريكا الجنوبية أكثر حظاً، حيث اختلطوا بالسكان، لكن في أمريكا الشمالية، لم يحدث هذا وكانوا يباعون ويشترون مع الأرض. ففي عام 1705، صدر قانون امتلاك السود واعتبارهم جزءا من الممتلكات الشخصية، إلى أن الغي قانون الرق عام 1865، بعد الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في أمريكا(12) لكن مع ذلك استمر التمييز العنصري ضدهم على أشده إلى أن بدأ يخف نسبيا في العقود الأخيرة نتيجة النضالات التي خاضها السكان السود للمطالبة بالمساواة، ودعم القوى التقدمية على المستوى الداخلي والعالمي لهذه المطالب العادلة.

    وحاليا يُقدر تقرير مؤشر الرق العالمي لعام 2023 عدد الأشخاص الذين عانوا الرق المعاصر بخمسين مليون إنسان خلال عام 2021. وبيّن أن الفئات الأكثر تعرضا للرق المعاصر، جاء على رأسها النساء والأطفال والمهاجرون. ويؤكد التقرير أن العمالة المهاجرة باتت أكثر عرضة للعمل الإجباري بمقدار ثلاثة أضعاف بالمقارنة بالعمالة غير المهاجرة. ومن أسباب الرق المعاصر بحسب التقرير ارتفاع معدلات الفقر المدقع والهجرة القسرية، وبيّن أن هذين الأمرين ساهما معا بنصيف وافر في زيادة المخاطر المتصلة بالرق المعاصر. وكذلك سياسات الهجرة الصارمة للدول، وخاصة الأوروبية منها، التي أفضت إلى تعريض المهاجرين والنازحين لمزيد من مخاطر الاستغلال. وتؤدي ممارسات الشراء التي تتبعها الحكومات والشركات الغنية إلى تفاقم الاستغلال في البلدان المنخفضة الدخل التي تُمثّل الخطوط الأمامية لسلاسل التوريد العالمية. ويشدد التقرير على “تغلغل الرق المعاصر في الصناعات التي تعمل في القطاع غير الرسمي، والتي توُظّف أعدادا أكبر من العمالة المهاجرة وتوجد في مناطق تتسم بمحدودية الرقابة الحكومية”(13). وهكذا نرى بعد تحريم الرق في أشكاله التقليدية، انبثقت أشكال أخرى من الرق في مجرى النظام الرأسمالية وآليات عمله. 

 

2- الحرب والهجرة

     بما أن الحروب هي وسيلة من وسائل النظام الرأسمالي للسيطرة السياسية والاقتصادية وتوسيع نفوذه واسواقه على المستوى العالمي، فلا بد من أن تكون لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهجرة العمالة وتدفق اللاجئين. وهناك أمثلة كثيرة يمكن إيرادها لتأكيد هذه الفكرة.

    لم يسبق لمجموعة مهاجرة في التاريخ الأمريكي أن أكدت أو كانت قادرة على أن تؤكد مطلبا تاريخيا بمنطقة أمريكية مثل ما يستطيع المكسيكيون والمكسيكيون – الأمريكيون تأكيده. كانت تكساس ونيومكسيكو وأريزونا وكاليفورنيا ونيفادا ويوتاه جميعها تقريبا جزءا من المكسيك إلى أن خسرتها نتيجة حرب تكساس 1835- 1836 والحرب الأمريكية – المكسيكية 1846- 1848. وقد دخلت القوات الأمريكية المكسيك وعاصمتها، والحقت نصف أراضيها بالولايات المتحدة. لذلك لا ينسى المكسيكيون هذه الأحداث. ومن المفهوم تماما، أن يشعروا أن لديهم حقوقا خاصة في هذه المناطق خلافا للمهاجرين الآخرين(14). لذلك وصلت أعداد المهاجرين المكسيكيين في الولايات المتحدة إلى الملايين سواء المهاجرين بطريقة نظامية أو غير نظامية. ويمكن أن يكون هذا الحيف أحد الأسباب لضعف اندماجهم في المجتمع الأمريكي.  

    كانت إحدى الأفكار المطروحة بعد الحرب العالمية الثانية بخصوص إيطاليا هي التقليل من السكان المسببين للفوضى، أي المطالبين بحقوقهم في العمل عبر تشجيع الهجرة. فقد استخدمت أموال خطة مارشال الأمريكية في إعادة بناء البحرية التجارية الإيطالية “لمضاعفة أعداد المهاجرين الإيطاليين الممكن نقلهم لما وراء البحار سنويا”، واستخدمت الأموال أيضا في إعادة تدريب العمال الإيطاليين “بحيث يصبحون أكثر قبولا في البلدان الأخرى”. لذلك أقر الكونغرس الأمريكي مخططات “بهدف نقل المهاجرين من إيطاليا لأماكن في العالم غير الولايات المتحدة”. واختارت بعثة مشروع مارشال أمريكا الجنوبية ذات “المناطق الأقل تطورا نسبيا”، وكانت البرازيل من أوائل المتلقين لهذه المساعدات عام 1950(15).

     ونتيجة الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003، والتدخل العسكري الأمريكي والأوروبي المباشر في الحرب في سوريا، أسفر ذلك عن هجرة قسرية ضخمة في المنطقة لا مثيل لها في تاريخها الحديث، حيث تدفق الملايين من اللاجئين داخل المنطقة وخارجها. مما أحدث تغيرات كبيرة في البنية الديمغرافية والاقتصادية – الاجتماعية لبلدان المنطقة.

     لذلك لا غرابة أن تشهد المنطقة العربية مستويات غير مسبوقة من الهجرة الدولية. ففي عام 2021 استضافت البلدان العربية أكثر من 41 مليون مهاجر ولاجئ. وخلال الفترة نفسها، بلغ عدد المهاجرين من الدول العربية نحو 33 مليونا، 44 في المائة منهم يقيمون في المنطقة العربية(16).

  

الليبرالية الجديدة والهجرة

     استتبعت الليبرالية الجديدة الكثير من “التدمير الخلاّق”، ليس فقد للأطر المؤسساتية السابقة (إذ تحدت حتى الأشكال التقليدية لسيادة الدولة)، بل أيضا لتقسيمات العمل، والعلاقات الاجتماعية، وخدمات الرعاية الاجتماعية، والتركيبات التكنولوجية المختلفة، وطرق الحياة، والتفكير والتكاثر، والارتباط بالأرض والعادات الشعورية والوجدانية(17)، لا غرابة في ذلك، لأنها أيديولوجية تهدف إلى تشكيل العالم وفق منظورها وربطه بالمتروبول.

     تعاني الليبرالية الجديدة من إشكالات في موقفها من الهجرة، إذ يذكر دينيس كانتربري “تتميز الرأسمالية النيوليبرالية بنزعتين متناقضتين تجاه الهجرة الوافدة – هما زيادة الهجرة وفي الوقت نفسه تقييدها. الأمثلة التي تُبرز هذا التناقض هي أعمال إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في تقييد الهجرة الوافدة، مستهدفة على نحو محدد بلدانا فقيرة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأماكن أخرى. والدعوة في الوقت نفسه إلى زيادة الهجرة المنظمة”. ويضيف “هناك بُعد آخر للتناقض وهو أن الرأسمالية النيوليبرالية تعزز الهجرة المنظمة بحيث يجري تفضيل فقط المهاجرين الذين يتوفرون على المال والمهارات العالية للقبول في البلدان الغنية”(18). ويشير نعوم تشومسكي إلى أن أنبياء الليبرالية الاقتصادية لم يفكروا بالسماح “بالانتقال الحر لقوة العمل… من مكان لآخر”، والذي هو أحد أسس حرية التجارة التي أكد عليها آدم سميث(19). ويقول صموئيل هنتنغتون: في عالمنا المعاصر، يأتي التهديد الأكبر لأمن الأمم المجتمعي من الهجرة. وتستطيع البلدان أن تواجه ذلك التهديد بإحدى طرق ثلاث أو توليفة منها. وهي: هجرة ضئيلة أو لا هجرة، هجرة دون اندماج، أو هجرة مع الاندماج(20). علما أن هذه الطرق الثلاث قد جربت، لكن نتائجها لم تكن دائما تتوافق مع ما تخطط له البلدان المتقدمة. 

 

    وهناك دليل آخر على تناقض الليبرالية الجديدة تجاه الهجرة، فقد “تمثّل خط الصدع الرئيسي في قضية الهجرة بالنسبة إلى الليبرالية الجديدة في تقرير التنمية البشرية لعام 2009، وفي النقاش حول الاتجاهات الجديدة والتفكير بشأن التأثير التنموي للهجرة في ظل الرأسمالية النيوليبرالية… لقد اتخذت إسرائيل والولايات المتحدة خطوات منحطة لبناء جدران عازلة لمنع دخول العمالة المهاجرة الفلسطينية والإفريقية والمكسيكية، على التوالي، في حين استثمر الاتحاد الأوروبي ملايين اليوروات في ليبيا، كي يراقب هذا البلد البحر المتوسط لإبعاد العمالة المهاجرة الأفريقية عن الاتحاد الأوروبي”(21).

     ويذكر كانتربري “أجبرت سياسات التكيف الهيكلي النيوليبرالية البلدان النامية على الانخراط في ما يسمى بـ”ترشيد” مؤسسات الدولة لتقليل تكاليف تشغيلها. وباتت سياسة الهجرة الآن شكلا من أشكال “الترشيد” ولكن تشمل البلد بأكمله بدلا من أن تشمل مؤسسة معينة مملوكة للدولة”(22). وهذا دليل على عمق اختراق سياسات الليبرالية الجديدة لسيادة البلدان.    

      واكتشفت المؤسسات الرأسمالية أن الحراك العالمي لرأس المال يتطلب بالمثل حراكا عالميا للعمالة كي يستطيع توظيفها أينما ذهب؛ إذ يتحدث البنك الدولي عن الفقراء، ويقول إن حل مشاكلهم هو الدخول في السوق العالمية في حين أنه يهدف في الحقيقة لمساعدة الحراك العالمي لرأس المال على خلق حراك عالمي مثيل في صورة عمالة دولية رخيصة سهلة التحرك من مكان إلى آخر يستطيع رأس المال جلبها معه أينما ذهب. إذا حدث ما يأمل فيه البنك الدولي، فإنه يكون بذلك قد ساعد على تكوين بروليتاريا عالمية(23). وهذا هو ما يحدث على أرض الواقع.

        يمكن أن تستمر في السنوات القادمة حركية السكان بسبب توسع الفجوة في معدل النمو السكاني بين الدول المتقدمة والدول النامية. يحدث هذا خصوصا مع ظهور فكرة “بدون حدود” العائدة للعولمة التي خلقت عدم توازن جديد بين الدول الغنية والدول الفقيرة. وبالإضافة إلى عدم التوازن القديم والجديد في الثروة انبثق عدم توازن ديموغرافي. ينتج عن هذا الوضع عدم توازن في سوق العمل في اتجاه معاكس، حيث يكون الطلب في قطاعات معينة أعلى على نحو مهم من العرض(24)، وهذا ما تشهده العديد من البلدان خصوصا في أوروبا الغربية، مثل ألمانيا وفرنسا وهولندا وغيرها.

      تشكلت مع العولمة أشكال جديدة من التفاوت الاجتماعي التي لا تتوافق مع كلا من الاشكال التقليدية للاستبعاد الاجتماعي أو على الأقل استمرار البنى الاجتماعية التقليدية أو ما قبل الحديثة. ففي العولمة، يتشكل الفقر والعمالة غير المستقرة، في هذه الحالة فإن المهاجرين، هو ليسوا نتيجة استبعادهم من سوق العمل (البطالة والجيش الاحتياطي الصناعي الخ)، لكن على العكس هم نتيجة الطريقة التي جرى بها ضمهم ودمجهم في عالم العمل، على وجه التحديد كعمالة مهاجرة. المسألة هي انهم عمالة ضعيفة أو عالية التأثر جرى دمجها بالقطاعات الاقتصادية الديناميكية. وبالمعنى الدقيق للكلمة، هذه عملية متناقضة فهي تحفز على الدمج والاستبعاد الاجتماعي في الوقت نفسه. في المجتمع الدولي، لم يُعدّ يُشكل وضع الأقلية الاجتماعية (حالة المهاجرين) خطر استبعادهم الاقتصادي المحتمل، بل أصبح الشرط الضروري لاندماجهم الجزئي والهش. إذ يجري في النظام الاقتصادي العالمي، وبهذه الطريقة، إعادة انتاج رأس المال، والتراكم والنمو الاقتصادي على قاعدة إعادة انتاج حالة التفاوت الاجتماعي اللانهائية والذي هو في هذه الحالة أيضا أساس استغلال العمالة المهاجرة(25)، والعامل على خلق ديمومتها. 

       وفي هذا الاطار من المفيد الإشارة إلى أن انهيار الاتحاد السوفيتي قدم وسائل جديدة لتعميق انقسام الشمال – الجنوب داخل المجتمعات الغنية على نحو أشد. فخلال إضراب عمال الاشغال العامة في ألمانيا في أيار 1992، حذر رئيس شركة ديملر – بنز من أن رد الشركة على الإضراب قد يتمثّل بنقل مصانع سيارات مرسيدس إلى أماكن أخرى، ربما إلى روسيا نظرا لتوفرها على العمال المدربين المتعلمين الأصحاء والمطيعين(26). وهذا يمثّل عملية استغلال جلية من خلال دفع أجور أقل لهم مقارنة بنظرائهم في ألمانيا.

 

الليبرالية الجديدة والهجرة المصرية مثالا

      ولدت مبادئ الليبرالية الجديد التي فرضت قسرا على البلدان النامية نتائج كارثية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي. وتمثل أحد التداعيات في تنامي تيارات الهجرة الداخلية خصوصا الهجرة الريفية – الحضرية والهجرة الخارجية، وأبرز مثل على ذلك في المنطقة العربية يتمثّل في مصر كونها أكبر بلد عربي مرسل للعمالة المهاجرة سواء على المستوى العربي أو الدولي.

      فقد تلقت البلدان العربية 57,9 مليار دولار من تحويلات مهاجريها عام 2020، أي بنسـبة 8 فـي المائـة مـن تدفقـات التحويلات العالميـة(27). واحتلت مصر المرتبة الأولى عربيا؛ إذ تلقت 29,6 مليار دولار من التحويلات في هذا العام(28).

    إن المصاعب الاقتصادية التي جلبتها الليبرالية الجديدة واشتراطاتها الاقتصادية الهادفة إلى تحجيم وظائف الدولة الاقتصادية والاجتماعية أدت بدورها إلى مزيد من التحولات الطبقية في التشكيلات الاجتماعية للدول الوطنية، الأمر الذي أفضى إلى تزايد الهجرات الجماعية القسرية لأسباب اقتصادية – سياسية أمنية(29). وهذه الحالة تنطبق على البلدان العربية التي اتبعت هذا النهج ومنها مصر.      

    توفر مصر مثالا نموذجيا لفحص العلاقة بين تبني الليبرالية الجديدة والهجرة. فقد كانت نموذجا إقليميا للإصلاح القائم على الليبرالية الجديدة، وفي الواقع، تم إدراج الحكومة المصرية في زمن الرئيس حسني مبارك باعتبارها واحدة من أفضل عشر حكومات في العالم في مجال تنفيذ الإصلاحات، وذلك من قبل البنك الدولي. ومن السبعينيات فصاعدا، أنتج التحرير الاقتصادي ضغطا مستمرا على معظم المصرين، مع تفاوت في تأثيراته استنادا إلى الحالة الاجتماعية-الاقتصادية. وكانت إحدى نتائج هذه السياسة ارتفاعا كبيرا في مستوى الهجرة الداخلية والدولية(30).

     فقد أدى الضغط الشديد على سكان الريف الناتج من الإصلاح النيوليبرالي إلى المساهمة بشكل حاسم في حركات السكان هذه. وتؤكد دراسة هجرة الأطفال غير الموثقة من منطقة الدلتا في مصر من جانب منظمة إنقاذ الأطفال في المملكة المتحدة في عام 2012 هذه العلاقة. وقد ركز مشروع الدراسة على القرى التي ينطلق منها عدد متزايد من القاصرين غير المصحوبين بوالديهم والذين حاولوا عبور البحر المتوسط إلى إيطاليا أو إلى بلدان أوروبية أخرى. وسجل الباحثون شهادات قرويين في العيون في محافظة البحيرة. وقد اكتشفوا بأن إيجار الفدان الواحد ارتفع إلى 6000 جنيها مصريا بعد أن كان في السابق مستقرا نسبيا عند 500 جنيه مصري. وارتفعت أثمان الأسمدة بشكل حاد أيضا، في حين انخفضت أسعار المنتجات المصرية الموجهة إلى التصدير بشدة. النتيجة، هو أن الشباب تركوا العمل الزراعي بصفة متزايدة وتوجهوا إلى السفر إلى الخارج. وباتت التنمية يُنظر لها بشكل سلبي من قبل السكان المحليين. وقد لاحظت المنظمة أن الأراضي المتاحة للزراعة تقل بطراد مما يدفع بالمزيد من الشباب إلى الهجرة إلى الخارج وتحفيز المزيد من البناء على الأراضي الزراعية(31)، ومن ثم تراجع الإنتاج الزراعي. 

 

تأثيرات الهجرة في البلدان المتقدمة

       باتت الهجرة الدولية جزءا مهما من المشهد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي في البلدان المتقدمة المستقبلة للمهاجرين، لذلك لا بدّ أن تنتج عنها تأثيرات عميقة الأثر في بنية مجتمعات هذه البلدان على مستويات عدة. 

    توضح المعطيات الآتية أطروحة الدور المركزي الذي تبدأ الهجرة الدولية في توليه في هيكلة المجتمعات المتقدمة. إذ تُظهر ديموغرافية هذه المجتمعات الفشل البنيوي الواضح في توليد العمالة المنوط بها ملء الوظائف التي يحتاجها النمو الاقتصادي الديناميكي لهذه المجتمعات على نحو يومي. وفي مواجهة عدم التوازن البنيوي بين الآليات الديموغرافية الداخلية والنمو الاقتصادي، كان الحل يتمثّل في اللجوء إلى هجرة العمالة الوافدة بأعداد كبيرة، في المقام الأول، من البلدان النامية التي تعيش وضعا ديموغرافيا مختلفا.

     ستحدث منافذ مختلفة في سوق العمل في سياق استقطاب المهن متأت من العولمة الاقتصادية في المجتمعات المتقدمة والتي يُفضل في الغالب إدخال العمالة المهاجرة فيها، والتي تكون في كثير من الحالات غير موثقة، فهي لا تتوافر على أدوات اجتماعية وسياسية ضرورية للمواجهة وإعادة التفاوض بشأن شروط انعدام أمن العمل وثباته، والتي تسود في هذه الأقسام من سوق العمل(32).

      يعزز النمو الاقتصادي استهلاكا جديدا وأنماطا أخرى من أساليب الحياة. وتؤثر النزعة الفردية وعمليات التغيير في الأدوار المنزلية والعائلية، جنبا إلى جنب مع زيادة دمج المرأة في الحياة العامة والعمل، وتتضمن تحررا وانعتاقا مؤكدين من السلاسل القديمة التي ربطت النساء بالعمل المنزلي.

    تفتح هذه التغيرات الاجتماعية أيضا المجال لزيادة اندماج العمالة المهاجرة، رجالا ونساء، في هذه الأنشطة المتنوعة المرتبطة بإعادة الإنتاج الاجتماعي للسكان الأصليين. من هذا المنظور، تساعد أيضا الهجرة الدولية على إدامة التغيرات الاجتماعية والثقافية والديموغرافية التي تميز المجتمعات المتقدمة الحالية. فعلى سبيل المثال، تتوقف رعاية الأطفال وكبار السن، كخدمات منزلية بحد ذاتها، عن كونها مهمة المرأة المحلية، وتصبح عملا سلعيا يقوم به المهاجرون، لكن وفقا للشروط التي تمليها مرونة العمل وإلغاء القيود التنظيمية التعاقدية في المجتمعات ما بعد الصناعية(33). ونحن نعرف أن هذه البلدان تعاني نقصا كبيرا في العمالة في هذه المجال، وكذلك في مجال الخدمات الصحية، ومجالات أخرى مثل التكنولوجيا، مما تطلب في بعض البلدان مثل ألمانيا وفرنسا إقرار سياسات لقبول العمالة المهاجرة ومنحها إقامات لفترات طويلة. ففي الأولى يتقاعد سنويا مئات الآلاف. وإذا لم يتغير شيء، تتوقع وزارة العمل الألمانية نقصا قدره 7 ملايين عامل بحلول عام 2035. سيكون نقص الموظفين على حساب الرفاهية وقدرة الصناعة الألمانية التنافسية. ولتعويض هذا النقص، تريد ألمانيا جذب 400 ألف عامل إضافي سنويا من الخارج(34).

    إذن، لا مفرّ من الاستعانة بالهجرة الوافدة خصوصا من البلدان النامية التي تشهد فيضا في القوى العاملة، نتيجة لضعف اقتصاداتها، لكن المشكلة تتمثل في صعوبة الاتفاق على سياسات موحدة بين بلدان الاتحاد الأوروبي، فمع صعود اليمين المتطرف والذي يتخذ من الهجرة والأجانب ورقة انتخابية رابحة، تتردد بعض الحكومات الأوروبية في تبني سياسة هجرة واضحة وتتبنى إجراءات خجولة في هذا الجانب.

        من جانب آخر، تشدد الرؤى النظرية الفردية ما بعد الصناعية، على سيولة الهويات الاجتماعية – الثقافية، وتقترح أبعادا متعددة للمؤشرات الاجتماعية – الثقافية، وأنواعًا أخرى من الاندماج، فالمجتمعات المتقدمة لا تتطلب، وعلى نحو متزايد، هويات عرقية معينة، أو توجهات جنسية، أو حالات زوجية، أو أفضليات دينية أو سلوكيات عائلية تكون على صلة وثيقة بعضها ببعض. وفي الواقع، تشدد هذه المقاربات، في كثير من الأمثلة، على أنّ ثمة تيارًا واحدًا سائدًا (أو حتى تياريْن أو ثلاثة تيارات محددة)، وتعبّر، على نحو أقل بكثير، عن السمات المعتادة لكثير من البلدان الغربية(35). وتعكس هذه المقاربة واقع الحال في كثير من البلدان الأوروبية، خصوصًا الغربية منها، حيث يزداد التنوع الاجتماعي والثقافي بفعل مكون الهجرة الوافدة المستمر.  

     وأخيرا، ثمة دليل قوي على العلاقة البنيوية بين النظم الرأسمالية والهجرة الدولية، فقد ارتبطت فكرة إرجاع عدد من العمال المهاجرين إلى بلدهم الأصلي، بإعادة هيكلة الصناعات على المستوى الدولي. وهي فكرة ليست جديدة بل تناولتها كثير من الدراسات وذلك قبل الوقف الرسمي للهجرة في معظم بلدان أوروبا الغربية بعد عام 1974، ففي تقرير قدم للمجلس الأوروبي في كانون الأول/ ديسمبر 1973 يرد ما يأتي: “إن الصناعات في البلدان المتقدمة، خصوصا الصناعات التي تستخدم عددا كبيرا من العمال المهاجرين، ملزمة بمحاولة إقامة مصانع في الدول المصدرة لليد العاملة على أساس أن لا يكون إنتاج هذه المصانع مرتبطا بيد عاملة متخصصة جدا. فنظرا لكون مستوى الأجور في هذه الدول أقل ارتفاعا مما هو عليه في بلداننا، نظن أن المخطط المقترح يمكن تحقيقه بالنسبة لبعض الصناعات دون أن تتعرض هذه الأخيرة لأية خسارة”(36). لكن هذه الفكرة لم تتطور، إلا ابتداء من عام 1974 نتيجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة في البلدان المتقدمة خصوصا في أوروبا الغربية، ومحاولتها إيجاد مخارج لهذه الأزمة من خلال إعادة هيكلة الصناعات على المستوى الدولي.

   

     

الهوامش

1- ورويك موراي، جغرافيات العولمة: قراءة في تحديات العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية، ترجمة سعيد منتاق، سلسلة عالم المعرفة 397، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2013، ص 42.
2- Dennis C. Canterbury, Capital Accumulation and Migration, Leiden: Brill, 2012, pp. 30-32.
3- Ibid, pp. 30-32.
4- مجموعة من الباحثين، دراسات اجتماعية – اقتصادية معاصرة، ترجمة هاشم نعمة فياض، بغداد: دار الرواد المزدهرة، 2015، ص 249.
5- Alejandro I. Canales, Migration, Reproduction and Society: Economic and Demographic Dilemmas in Global Capitalism, Leiden: Brill, 2020, 135-136.
6- p. 164.
7- الحسين بو لقطيب، “أوضاع الرقيق في المجتمع العربي الوسيط”، النهج، العدد 32، السنة 1990، ص 140.
8- Charles H. Parker, Global Interactions in Early Modern Age, 1400-1800, Cambridge: Cambridge University Press, 2020, p. 115.
9- هاشم نعمة فياض، أفريقيا: دراسة في حركات الهجرة السكانية، سبها ـ ليبيا: مركز البحوث والدراسات الأفريقية، 1992، ص 21-24.
10- Parker, p. 115.
11- فياض، أفريقيا، ص 21-24.
12- المصدر نفسه، ص 21-24.
13- هيئة التحرير، “مؤشر الرّق العالمي 2023″، حكامة، العدد 7، المجلد الرابع، خريف 2023، ص 236-239.
14- صموئيل ب. هنتنغتون، من نحن؟ التحديات التي تواجه الهوية الأمريكية، ترجمة حسام الدين خضور، دمشق: دار الرأي للنشر، 2005، ص 235.
15- نعوم تشومسكي، سنة 501 الغزو مستمر، ترجمة مي النبهان، دمشق: دار المدى للثقافة والنشر، 1996 ص 75.
16- الإسكوا، الأمم المتحدة، الاستعراض السادس للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية في المنطقة العربية، بيروت، 2023، ص 35.
17- ديفيد هارفي، الليبرالية الجديدة (موجز تاريخي)، ترجمة مجاب الإمام، السعودية: مكتبة العبيكان، 2008، ص 15-16.
18- Canterbury, p. 173.      
19- تشومسكي، ص 22.
20- هنتنغتون، ص 187.
21- Canterbury, p. 175.      
22- Canterbury, p. 174.      
23- أشرف منصور، الليبرالية الجديدة: جذورها الفكرية وأبعادها الاقتصادية، القاهرة: رؤية للنشر والتوزيع، 2008، ص 336-337.
24- مجموعة من المؤلفين، ص 252-253.
25- Canales, p. 1
26- تشومسكي، ص 100.
27- الإسكوا، الأمم المتحدة، معالجة قضايا الهجرة في المنطقة العربية، بيروت، 2023، ص 4.
28- ESCWA, Situation Report on International Migration 2021 Building forward better for migrants and refugees in the Arab region, UN, 2022, p. 148.
29- لطفي حاتم، المنافسة الرأسمالية وسمات بنيتها الأيديولوجية، القاهرة: دار الحكمة، 2017، ص 126.
30- هاشم نعمة فياض، العلاقة بين الهجرة الدولية والتنمية من منظور البلدان المرسلة للمهاجرين، بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2022، ص 103-104.
31- المصدر نفسه، ص 105-106.
32- Canales, pp. 205-206.
33- Canales, p. 207.
34- هاشم نعمة فياض، موضوعات اجتماعية – اقتصادية معاصرة مع التركيز على حالة العراق، بغداد: دار أهوار للنشر والتوزيع، 2024، ص 128.
35- Caroline B. Brettell & James F. Hollifield (eds.), Migration Theory: Talking Across Disciplines, London: Routledge, 2015, 80.
36- عزيز صدقي، “حول إشكالية عودة وإعادة دمج العمال المغاربة المهاجرين في الاقتصاد الوطني المغربي”، النهج، العدد 16، لسنة 1987، ص 114.

* نشرت في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 442، كانون الثاني 2024.