18 ديسمبر، 2024 7:07 م

العلاقات الصينية – الافريقية روابط الجنوب  بالجنوب والعولمه البديلة

العلاقات الصينية – الافريقية روابط الجنوب  بالجنوب والعولمه البديلة

افريقيا هي ثاني اكبر القارات من حيث المساحه وعدد السكان في العالم وتاتي بعد اسيا وتمتد في نصفي الكره الشمالي والجنوبي وتطل بنافذه على كل ركن من اركان العالم الاربعه فمن نافذه البحر المتوسط تطل على اوربا ومن نافذة المحيط الاطلسي تطل على العالم الجديد ومن نفاذة المحيط الهندي تطل شرقاَ على اسيا بينما تطل جنوباَ على القاره القطبيه الجنوبيه عبر المحيط الجنوبي ،يمر خط الاستواء خلالها وهي تشمل مناطق مناخية متعدده بل هي القاره الوحيده التي تمتد من المنطقه الشماليه المعتدله الى المنطقه الجنوبيه المعتدله ،واصل تسميتها رغم اخلاف التعليلات والتفسيرات لكن الاقرب الى الحقيقه هو اصلها من كلمة “افري”او”افران”البربريه والتي تعني الكهف في اشاره الى سكان الكهوف كمايشير اسم افريقيا او “افري”الى قبيلة “بنويفرن”البربريه التي تعيش في المساحه مابين الجزائر وطرابلس “فبيلة يفرن البربريه”،في افريقيا تتنوع مظاهر الطبيعه من الغابات الكثيفه الى الصحاري الجرداء ومن الجبال الحاده التضاريس الى السهول الفسيحه والهضاب المنبسطه.
تعد القارة الإفريقية مستودعاً للموارد الأولية التي يحتاجها الغرب في التصنيع، ونسبةً لما تمتلكه القارة من مقومات طبيعية نادرة أهّلها ذلك بأن تكون مسرحاً للصراع والتنافس الدولي بين القوى الكبرى المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي خاصة فرنسا، بالإضافة إلى اللاعبين الدوليين الجُدد مثل الصين وإسرائيل . إن الفضاء الإفريقي يمثل ميداناً واسعاً لصراع هذه القوى وتنافسها حول مواردها. بدأ  التنافس منذ الاستعمار الأوربي الذي اجتاح القارة منذ مؤتمر برلين في العام 1884م حيث استعمرت مساحة تقدر بـ 93 % من جملة الأراضي الإفريقية ، وخلال ذلك مارست هذه القوى جملةً من السياسات الاستعمارية التي امتدت آثارها إلى الآن ، ومن ضمنها: سياسة السلب والنهب والاستعباد والتجويع والاستنزاف، وسياسات أخرى مرتبطة بالدين والقوانين والثقافة كالتبشير الكنسي وسياسة المناطق المقفولة وفرض الثقافة الغربية وغيرها. وبعد ظهور النظام العالمي الجديد وانهيار الاتحاد السوفيتي؛ فرضت الولايات المتحدة الأمريكية بعض السياسات المتمثلة في العولمة  أو ” الأمركة” والتي القت خلف سحابة قاتمة في الفضاء الإفريقي، والتي ألقت هي الأخرى  ظلالاً أثرت في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية، مما أدى إلى هيمنة أمريكية صاخبة أفرزت نتائج ومظاهر خطيرة تمثلت في فرض النفوذ الأمريكي بفضل التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية للقارة الإفريقية. إن سياسة الولايات المتحدة تجاه إفريقيا قد حفزت القوى الأخرى وزادت من مطامعها في النيل من موارد القارة واقتسام كعكتها بينها، الأمر الذي أدى إلى الصراع المحموم الذي نشهده الآن، حيث أصبح لكل قوة أجندة خاصة وإستراتيجية محددة لتحقيق أهدافها في إطار منع الآخرين من الحصول على مصالح أكبر.
تعود جذور العلاقات الصينيه-الافريقية الى العام حيث “مؤتمر باندونغ Bandung Conference”الذي عقد في مدينة باندونغ الاندنوسية في 18 نيسان/ابريل 1955م سعت الدول الآسيوية إلى تشكيل منظمة إقليمية تجمعها ، وعقدت مؤتمر العلاقات الآسيوية في نيودلهي عام 1943م، إلا أن تباين وجهات النظر بين الوفود حال دون تشكل هذه المنظمة ، ثم ما لبثت الهند و باكستان و إندونيسيا أن دعوا إلى الدعوة لعقد مؤتمر في باندونج ، اتسعت قاعدة عضويته لوفود أفريقية وآسيوية، وبدأ المؤتمر في 18 نيسان /إبريل 1955 م، واستمر لمدة ستة أيام ، وحضرته وفود (29) دولة ، وكان هذا المؤتمر بمثابة نقطة الانطلاق الأولى لحركة عدم الانحياز ، وساد بين الحضور روح من التفاهم أُطلق عليها آنذاك “روح باندونج” ، غير أن مفهوم عدم الانحياز إلى أي من القوتين العظميين لم يكن في حد ذاته هو المعيار الذي مع هذه الوفود ، إذ كان بينها بعض الدول التي ترتبط بتحالفات وثيقة مع الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي ؛ فكانت هناك الصين ذات الارتباط الوثيق بالاتحاد السوفيتي ، و اليابان ذات الولاء للولايات المتحدة ، ومع تراشق الاتهامات الحادة بين بعض الوفود المشاركة خاصة بين الصين و باكستان حول تزايد الخطر الشيوعي ، أكد للوفود أهمية وضرورة عدم الانحياز لأي من القوتين ؛ وهو ما يفسر أعمال دعوة بعض الدول المرتبطة بتحالفات مع المعسكر الشيوعي أو الرأسمالي للحضور في” مؤتمر بلجراد “سنة 1961م، وكان الوفد الصيني برئاسة رئيس مجلس الدولة الراحل “شوآن لايChuan Lai ” بذل جهودا مثمرة في دفع الدول المشاركة الي الاتفاق علي مبادئ” باندونغ” العشرة مبنية علي أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي ألا وهي الاحترام المتبادل لسيادة سلطة الدولة وكامل أراضيها ، عدم الاعتداء علي الآخر والتدخل في شؤونه الداخلية ، التساوي بين الدول وتحقيق المنفعة المتبادلة والتعايش السلمي . وبذلك ساهم الوفد الصيني مساهمة تاريخية في تحقيق التضامن بين دول القارتين . إن الصين ليست فقط الدولة الداعية بحماسة الي المبادئ الخمسة للتعايش السلمي فحسب بل هي الدولة المخلصة في تطبيقها . فقد أدرجت تلك المبادئ بصورة رسمية في ” دستور جمهورية الصين الشعبية ” لتكون الركائز الأساسية في ممارسة سياستها الخارجية المتسمة بالسلام والاستقلال والمبادرة الذاتية . وفي ظل المبادئ الخمسة قد أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع” 165″ دولة في العالم والاتصالات التبادلية والتعاونية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية مع أكثر من 200 دولة ومنطقة . كما حلت بالطرق السلمية مشاكل الحدود مع معظم الدول المجاورة مما أدي إلي حلول السلام والاستقرار في المناطق المتاخمة لها وزيادة الصداقة بينها وبين الدول المجاورة .
وخاصة بعد تطبيق الصين سياسة الإصلاح والانفتاح قامت الصين بتحسين وتطوير العلاقات التعاونية القائمة علي المنفعة المتبادلة مع كافة دول العالم بغض النظر عن الاختلاف في نظمها ومستوياتها الاقتصادية وبالتالي ساهمت مساهمة من أجل الحفاظ علي السلام العالمي والتقدم المشترك لدول العالم . وفي المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني المنعقد عام 2005 م أعاد رئيس مجلس الدولة الصيني “ون جياباو “التأكيد علي أن الصين ستظل متمسكة بطريق التقدم السلمي والسياسة الخارجية السلمية المبنية علي أساس الاستقلال والمبادرة الذاتية رافعة بعزيمة راسخة راية السلام والتقدم والتعاون لتسعي الي تحقيق التعايش الودي مع دول العالم علي أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي . أثناء مؤتمر باندونغ حضر رئيس مجلس الدولة الصيني شوآنلاي الحفلة التي أقامها الرئيس الاندونيسي سوهارتو علي شرف الحضور مع رئيس الوزراء الميانماري وونو ورئيس الوزراء الهندي نيهرو ورئيس الوزراء الاندونيسي شستروآميزوي ورئيس الوزراء المصري جمال عبد الناصر . في عام 1960 تم التوقيع علي كل من اتفاقية حل مشاكل الحدود بين الصين وميانمار ومعاهدة الحدود بين الدولتين في بكين باعتبار ذلك أول خطوة تتخطاها الصين الجديدة نحو حل رسمي لمشاكل الحدود مع الدول المجاورة لها وتجسيدا حيا للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي .
في العام 2009م كنت في زيارة الى جمهورية مالي في غرب افريقيا وهي دوله غير ساحليه اي ليست فيها موانيء تحدها الجزائر شمالاَ والنيجر شرقاَ وبوركينا فاسو وساحل العاج في الجنوب وغينيا من الغرب والجنوب والسنغال وموريتانيا في الغرب بدعوه من عضو الجمعية الوطنية النائب محمد كابو حيث وصلت الى العاصمة “باماكو”بعد رحلة طويله مررت فيها باكثر من مطار من الدوحة ثم بنغازي والدار البيضاء ثم باماكو المهم وصلت الى باماكو وكان في استقبالي مضيفي الذي رافقني الى الفندق حيث كانت فندق كبير وفخم خمس نجوم كما يطلقون عليه يسمى “فندق ليبيا”ويبدوا انه من الاستثمارات الليبية في جمهورية مالي والحقيقه شد انتباهي حال وصولي الى باحة الفندق كثرة الوافديين الصينيين وبعد ان استكملنا اجراءات الحجز سألت مضيفي عن هذا التواجد الكبير للصينيين في الفندق فاجابني الى المساهمات والاستثمارات الصينية في جمهورية مالي كبيرة واخبرني ان الرئيس الصيني”هو جين تاوHu Jintao ” في زيارة على رأس وفد اقتصادي وسياسي كبير الى مالي منذ صباح يوم الخميس 12 شباط /فبراير2009م وصادف نفس يوم وصولي الى مالي  وقد شاهدت المئات من الماليين يلوحون بالاعلام ترحيباَ بالرئيس الصيني “هو جين تاو “يرافقه رئيس جمهورية مالي “امادو توماني توري” في موكب رئاسي وقد امتلئت الشوارع الرئيسية للعاصمه “”باماكو” بالجداريات التي ترحب بالوفد الصيني  وبعدها التقى الرئيس الصيني برئيس الجمهعية الوطنيه السيد “دينوكوندا تراوري” الذي اشاد بالعلاقات الصينيه ومالي كما رحب بالاتفاقات ومذكرات التفاهم التي وقعت بين البلدين من اجل تحسين البنية التحتية واقامة مشاريع استثمارية استراتيجيه. وقعت مالي تحت السيطرة الفرنسية فى بداية القرن التاسع عشر ، وفي أوائل عام 1959 م اتحدت مالى والسنغال وصارت اتحاد مالى، وحصل اتحاد مالى على الاستقلال من فرنسا فى عام 1960 م وتصنف الامم المتحدة مالى كواحدة من اقل البلدان نموا فى العالم. وتشمل الموارد الرئيسية للبلاد على الذهب والحديد وتربة حجر الشب والدياتوميت والهالايت والفوسفات. وتعد الزراعة هى الصناعة الرئيسية فى مالي، والمحاصيل الرئيسية للبلاد هى الدخن والذرة والأرز والفول السوداني والقطن. ولكن البلاد لم تستطع تحقيق الاكتفاء الذاتي من امدادات الغذاء،ويمثل الذهب والقطن الصادرات الرئيسية للبلاد، والمعدات والنفط والغذاء الواردات الرئيسية لها.
وتتمتع مالي بموارد سياحية غنية، حيث يوجد بها ثلاثة من مواقع التراث العالمي هى” تومبوكتوTimbuktu ” و”دجيني” و”باندياجارا” بالاضافة الى العاصمة “باماكوBamako “، غير أن وسائل النقل فى البلاد ما زالت متخلفة.
أقامت الصين الروابط الدبلوماسية مع مالي في25تشرين الاول/ أكتوبر 1960م وشهدت العلاقات بين البلدين نموا سلسا منذ ذلك الحين، مع توسع التعاون في مجالات السياسة والتجارة والتعليم والرعاية الصحية والموارد البشرية. ووصل حجم التجارة الثنائية بين الصين ومالي من يناير الى أكتوبر عام 2008م  الى 202.7 مليون دولار أمريكي ، بزيادة 58.7 بالمائة على اساس سنوى.
ويبدوا ان زيارة الرئيس الصيني لم تكن محدده الى جمهورية مالي فقط انما واصل زيارته الى دول افريقية اخرى وهي السنغال وتنزانيا وموريشيوس لمواصلة توسيع واثراء علاقة الصداقة التقليدية الصينية ـ الافريقية وتثبيت الثقة المتبادلة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية وتطويرها.
ان الزيارات المتكررة للقيادات الصينية الى افريقيا دليل على العلاقات الصينية ـ الافريقية المتميزة والصداقة التقليدية العميقة،فمنذ قمة بكين، تولي الحكومة الصينية اهتماماً كبيرا لافريقيا بالاستمرار في زيادة المساعدات ودعم الدول الافريقية خاصة في الازمة المالية العالمية التي اخنقت العالم عام 2009م، وان دعوة الرئيس الصيني “هوجين تاو” العالم الى مساعدة افريقيا خلال زيارته لأربع دول افريقية لدليل قاطع على مدى القوة والدفء الذي تعيشه العلاقات الصينية – الافريقية، وفي الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون الصيني – الافريقي الذي عقد في مصربمشاركة الصين و”49″ دولة افريقية و” 20″ رئيس دولة، القى “وين جياباوWen Jiabao ” رئيس الوزراء الصيني خطابا هاما عن مبادرة ذات ثماني نقاط الشاملة للنهوض بالعلاقات الصينية الافريقية فقد دعا الى انشاء الشراكة بين الصين وافريقيا بشان تغير المناخ، دعم التعاون مع افريقيا فى العلوم والتكنولوجيا ، مساعدة افريقيا فى بناء قدرة التمويل،فتح الصين سوقها امام المنتجات الافريقية بشكل اكبر ، دعم التعاون فى المجال الزراعي، التعمق في التعاون فى الرعاية الطبية والصحة، تعزيز التعاون فى تنمية الموارد البشرية والتعليم، التوسع في التبادلات بين الافراد والتبادلات الثقافية، البدأ تدريجيا الغاء التعريفة الجمركية على 95 فى المائة من المنتجات الواردة من الدول الاقل تقدما في افريقيا والتى تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين.
منذ انعقاد “مؤتمر باندونغ” في العام 1955م وحتى سبعينيات القرن العشرين قدمت الصين للدول الافريقية مساعدات مدعومه بشروط وحوافز سياسية حيث تضمنت هذه المساعدات مشروعات للبنى الاساسية وتنمية بعض القطاعات الاقتصادية وفي ثمانينات القرن العشرين حيث بدأ النمو الأقتصادي الصيني بالصعود بدأت تعيد رسم اهداف سياستها الخارجية واضعه نصب اعينها عقد روابط ثنائية على اساس  الاهداف ذات الصله الوثيقه بالتجاره وابتعدت عن الاهداف السياسية او الايدلوجية وازداد الاهتمام الصيني بأفريقيا خلال تلك الفترة وفي تسعينيات القرن العشرين فقد عملت بجد من اجل عقد روابط وثيقه مع افريقيا من اجل تطوير نموها الاقتصادي وتوجهات السياسه الصينية الهادفه الى تخطيط مشروعاتها المحليه على اساس مبدأ”التصنيع من اجل التصدير”وهو سهل عليها ثويق روابطها بالعديد من الدول ومن بينها الكثير من الدول الافريقية الغنية بالمواد الاولية.
في تشرين الثاني /نوفمبر حيث شوارع العاصمة الصينية “بكين”مكسوه بلوحات جدارية كبيرة مزدانه بصور الفيله والزرافات والاسود والنمور واشخاص يرتدون ازياء افريقية تقليدية والعمدة في تلك الشوارع ترفرف عليها اعلام دول افريقيا الحدث اذاَ افريقي بأمتياز في بلاد السور العظيم انه افتتاح القمه الصينيه – الافريقية والتي عرفت رسمياَ تحت اسم “منتدى التعاون الصيني-الافريقي-فوكاكFOCAC Forum on China-Africa Co-operation” حيث يعقد مؤتمرا وزاريا كل ثلاث سنوات بالتناوب بين الصين والدول الأفريقية الأعضاء وقد اعتبر هذا الحدث هو ايذاناَ بحلول عصر جديد في العلاقات الافريقية مع العالم الخارجي استمر هذا المنتدى على مدى يومين حيث تعهدت الحكومه الصينية برئاسة رئيس الوزراء الصيني”وين جياتاو Wen Jiabao” وطبعا الرئيس الصيني “هيوجينتاو”ببرنامج طموح يتمثل في تقديم خمسة مليارات دولار امريكي على شكل قروض.
الصين وأفريقيا شريكا تعاون متكاملان في التفوق ويحققان مصالح وفوائد مشتركة.وظلت الحكومة الصينية تدعو دائما إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع أفريقيا على أساس مبدأ “المساواة والمنفعة المتبادلة، الاهتمام بالنتائج الفعلية، تنويع الأشكال، التنمية المشتركة”. بعد دخولنا القرن الجديد، وبفضل دفع منتدى التعاون الصيني الأفريقي، يتطور التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وأفريقيا تطورا متسارعا ومتواصلا على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والربح المشترك.
في العام 2006 م كانت الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وبعض الدول الأفريقية، فأقيمت نشاطات التبادل الودي الثنائي واحدا تلو الآخر. في 12 كانون الثاني /يناير عام 2006م، أصدرت حكومة الصين “وثيقة سياسة الصين تجاه أفريقيا” طارحة إقامة شراكة استراتيجية صينية أفريقية علي نمط جديد؛ وفي نفس العام زار رئيس الصين “هو جين تاو” ورئيس مجلس الدولة “ون جيا باو” وعضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني “وو قوان تشنغ” 14 بلدا أفريقيا على التوالي، وزار رؤساء “12” بلدا أفريقيا الصين؛ في نوفمبر من العام نفسه، اقيم منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين، وأصبحت معلما جديدا في تاريخ العلاقات الصينية الأفريقية، تتعمق الصداقة الصينية الأفريقية التقليدية باستمرار، الأمر الذي يدفع بقوة توسيع التعاون العملي والتنمية المشتركة بين الصين وأفريقيا، علاقة الصين بإفريقيا لم تكن وليدة اللحظة، وإنما يفوق عمرها 60 عاما. ونفهم من هذه الوثيقة ان هذا التقارب نتيجة ان “الصين وإفريقيا قد تعرضتا لمعاناة متشابهة في الماضي، وظلتا تتعاطفان مع بعضهما البعض وتدعمان بعضا في نضالهما لتحقيق التحرر الوطني، فأقامتا صداقة عميقة بينهما”.
وقد جاء في وثيقة سيلسلت الصين ازاء افريقيا انه منذ بداية القرن الجديد ظل الوضع الدولي يشهد تغيرات عميقة ومعقدة باستمرار، وتتطور العولمة تطورا معمقا. لا يزال السلام والتنمية الموضوع الرئيسي للعصر الراهن، وصيانة السلام و دفع التنمية وتعزيز التعاون هى رغبة مشتركة لشعوب مختلف الدول، كما أنها تيار تاريخي لا يقاوم. وفى الوقت نفسه تزداد تأثيرات عوامل غير محددة وغير مستقرة في الوضع الدولي، وتتشابك مختلف القضايا الأمنية بعضها ببعض. قضية السلام لم تحل بعد، وأصبحت قضية التنمية أكثر بروزاً .
الصين أكبر دولة نامية بالعالم، تسعى وراء التنمية سلمياً، تنتهج سياسة خارجية سلمية متمثلة في الاستقلال والتمسك بأخذ زمام المبادرة، وترغب في تطوير العلاقات الودية مع جميع دول العالم وتعزيز الصداقة و التعاون من أجل دفع السلام والاستقرار العالميين والازدهار المشترك مع مختلف الدول، على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي.
أفريقيا أكبر قارة تتمركز فيها الدول النامية، و قوة هامة لتحقيق السلام والتنمية في العالم. وسنحت لعلاقات الصداقة التقليدية الصينية الأفريقية فرصة جديدة للتطور في ظل الوضع الجديد. وضعت الحكومة الصينية وثيقة حول سياساتها تجاه إفريقيا هادفة إلى إعلان أهداف سياسات الصين تجاه أفريقيا وإجراءات تحقيقها، وتخطيط التعاون المستقبلي في مختلف المجالات بين الجانبين من أجل دفع العلاقات الصينية الأفريقية إلى تطور مستقر طويل الأجل وتعاون المنافع المتبادلة إلى مستوى جديد باستمرار.
إن أفريقيا ذات تاريخ عريق وأراض شاسعة وموارد وافرة ولها إمكانيات تطور كامنة كبيرة. عبر النضال الطويل الأمد تخلص الشعب الأفريقي من قيود الحكم الاستعماري، وأزال نظام الفصل العنصري، وحقق الاستقلال والتحرر، مما قدم إسهاماً عظيماً لتقدم الحضارة البشرية.
بعد استقلالها عملت الدول الأفريقية بحماسة على اكتشاف طرق تنمية متطابقة مع واقعها، التضامن لتحقيق القوة الذاتية، السعي وراء تحقيق السلام والاستقرار والتنمية. وبفضل الجهود المشتركة التي بذلتها مختلف الدول الأفريقية ومنظمة الوحدة الأفريقية- الاتحاد الإفريقي حاليا، تشهد أفريقيا استقراراً في وضعها السياسي عامة، وتحل النزاعات الإقليمية تدريجياً وواصل اقتصادها نموه خلال السنوات الماضية. كما رسمت خطة “الشراكة الجديدة للتنمية في إفريقيا” (نيباد) خارطة عظيمة لنهوض وتنمية أفريقيا. شاركت الدول الأفريقية بنشاط في تعاون الجنوب- الجنوب، ودفعت الحوار بين الجنوب والشمال، ولعبت دوراً متزايد الأهمية مع مرور الأيام في الشؤون الدولية.
لا تزال تواجه تنمية إفريقيا تحدياتٍ كثيرة. لكن طالما ظلت الدول الأفريقية تواصل جهودها، و المجتمع الدولي يواصل دعمه لها، فيمكن لأفريقيا التغلب على الصعوبات وتحقيق نهضة في القرن الجديد.
تعود الصداقة الصينية الأفريقية إلى تاريخ قديم، ولها أساس متين. وكانت الصين وأفريقيا قد تعرضتا لمعاناة متشابهة في الماضي، وظلتا تتعاطفان مع بعضهما البعض وتدعمان بعضا في نضالهما لتحقيق التحرر الوطني، فأقامتا صداقة عميقة بينهما.
إن تأسيس الصين الجديدة واستقلال الدول الأفريقية فتحا عصراً جديداً لعلاقاتهما. منذ أكثر من نصف قرن، توثقت العلاقات السياسية بين الجانبين ولم تنقطع الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى وتكثف تبادل الأفراد، وتطورت العلاقات الاقتصادية والتجارية تطوراً سريعاً، وحقق التعاون بينهما في المجالات الأخرى نتائج فعالة، وتعزز التشاور والتنسيق بينهما في الشؤون الدولية يوماً بعد يوم. قدمت الصين للدول الأفريقية مساعدات بقدر المستطاع، كما قدمت الدول الأفريقية دعماً قوياً للصين في مختلف المجالات. إن الصداقة المخلصة والمساواة والمنفعة المتبادلة والتضامن والتعاون والتنمية المشتركة هي مبادئ للتعامل والتعاون بين الصين وأفريقيا، كما أنها ظلت قوة دافعة لازدهار العلاقات الصينية الأفريقية دائما.
ويظل تعزيز التضامن والتعاون مع الدول الأفريقية جزءاً هاماً من السياسة الخارجية السلمية الصينية المتمثلة في الاستقلال والأخذ بزمام المبادرة.وثابرت الصين علي توارث وتطوير الصداقة التقليدية مع أفريقيا بعزم وثبات، وانطلاقاً من المصالح الأساسية للشعب الصيني والشعوب الأفريقية تقيم وتطور الصين نمطاً جديداً من الشراكة الاستراتيجية مع الدول الأفريقية قائماً على المساواة والثقة المتبادلة سياسياً، وتعاون الربح المشترك اقتصادياً، والتبادل والاستفادة المتبادلة ثقافياً. وفيما يلي المبادئ والأهداف العامة للسياسة الصينية تجاه أفريقيا: الإخلاص والصداقة والمساواة. تتمسك الصين بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي وتحترم خيار الدول الأفريقية المستقل لطريق التنمية الملائم لها، وتدعم تضامن الدول الأفريقية لتحقيق قوتها الذاتية. و المنفعة المتبادلة والازدهار المشترك. تؤيد الصين الدول الأفريقية في التنمية الاقتصادية والبناء ، وتجري تعاوناً متنوع الأشكال في مجالات الاقتصاد والتجارة والتنمية الاجتماعية، وتدفع التنمية المشتركة لهما. و التأييد المتبادل والتنسيق الوثيق. تعزز الصين التعاون مع أفريقيا في المنظمات المتعددة الأطراف بما فيها الأمم المتحدة لتأييد كل منهما للمطالب العادلة للآخر ودعواته المعقولة، وتواصل مناشدة المجتمع الدولي للاهتمام بالسلام والتنمية في أفريقيا. و التعلم من بعض، والسعي وراء تحقيق التنمية المشتركة. ستعمل الصين وأفريقيا على الاستفادة من بعضهما البعض في خبرات الإدارة والتنمية، وتعززان التبادل والتعاون في مجالات العلوم والتعليم والثقافة والصحة، وستدعم الصين الدول الأفريقية في بناء قدراتها، وتعملان معاً على استكشاف طرق التنمية المستدامة. إن مبدأ صين واحدة هو الأساس السياسي للصين في إقامة وتطوير علاقاتها مع الدول الأفريقية والمنظمات الإقليمية. وتقدر الحكومة الصينية التزام معظم الدول الأفريقية بمبدأ صين واحدة وعدم تطوير علاقات رسمية وزيارات رسمية مع تايوان، ودعم قضية توحيد الصين. وترغب الصين في إقامة وتطوير علاقات رسمية مع الدول التي لم تُقم علاقات دبلوماسية مع الصين على أساس مبدأ صين واحدة.
من أجل مزيد من ترسيخ وتطوير علاقات التعاون الودي الصيني الأفريقي القائمة، وتعزيز التعاون بين الجنوب- الجنوب، ودفع إقامة نظام دولي سياسي واقتصادي معقول وعادل جديد، أقامت الصين وأفريقيا منتدى التعاون الصيني الأفريقي عام 2000م، فدخلت العلاقات الصينية – الأفريقية مرحلة جديدة من تاريخ تطورها ومن أجل إبراز خاصية المنتدى المتجسد في شعار “الاتجاه الي العمل والاهتمام بالتطبيق العملي”، ومساعدة الدول الأفريقية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة، طرحت حكومة الصين سلسلة من الإجراءات الهامة الهادفة إلى تعزيز التعاون الصيني الأفريقي في المؤتمر الوزاري الأول والثاني، مثل إعفاء الديون والرسوم الجمركية والتدريب وغيرها. وفي نوفمبر 2006م، وفي ظل اهتمام دولي غير مسبوق، انعقد مؤتمر القمة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي ومؤتمره الوزاري الثالث في بكين. الأمر اعتبر أكبر نشاط دبلوماسي حجماً وأعلاه مستوى وأكثره حضوراً من حيث عدد قادة ورؤساء الدول المشاركين يُقام في جمهورية الصين الشعبية منذ تأسيسها عام 1949م، حيث حضره” 35″ رئيساً أفريقيا من الدول الأفريقية الثماني والأربعين و6 رؤساء وزراء ونائب رئيس دولة و6 مندوبين رفيعي المستوى؛ كما حضره أكثر من 200 وزير وممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وغيرهما من المنظمات الدولية والإقليمية، وتجاوز عدد المندوبين المحليين والأجانب  5000مندوب.
وأضفي نجاح مؤتمر قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي حيوية جديدة علي تطور التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول الأفريقية. وطرح الرئيس الصيني” هو جين تاو” أثناء المؤتمر، نيابة عن الحكومة الصينية، ثمانية إجراءات عملية، وطرح رئيس مجلس الدولة الصيني” ون جيا باو” هدف بلوغ قيمة التجارة الصينية الأفريقية عشرة تريليونات دولار أمريكي عام 2010م، مما وضح اتجاه تطور علاقات الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين الصين والدول الأفريقية، ورسم خارطة التعاون العملي بين الطرفين المستقبلي.
أصدر “معهد سياسة الأمن والتنمية” ومقره “ستوكهولم” تقريرا متكون من “33”صفحه حول “الصين وأفريقيا”، كتبه البروفيسور “جورج تي يوGeorge T.Yu ” الذي سبق له وأن شغل منصب مدير مركز دراسات آسيا والهادئ في جامعة “ألينوي الأمريكية Illinois  University Of ” من العام 1992 م وحتى العام 2004م، وأصدر العديد من الدراسات والمقالات التي تضمنت الحديث عن الصين وأفريقيا بشكل خاص ويمكن الاطلاع على هذا التقرير على الرابط التالي :
http://www.isdp.eu/images/stories/isdp-main-pdf/2009_yu_china-africa-and-globalization.pdf
جاء هذا التقرير في الوقت الذي يحتدم فيه الجدال في السنوات الاخيره حول طبيعة الدور الصيني المتزايد في افريقيا وطبيعة العلاقات الصينية-الافريقية في ظل السباق الدولي باتجاه دول قارة افريقيا لاسباب مختلفه ودوافع متنوعه.
الصين صاحبة التفاعل مع افريقيا الذي يبلغ عمره اكثر من نصف قرن وتقدم العلاقه مع القارة الافريقية كنموذج فريد لنمو القوه الصينيه على المسرح الدولي وانتشار نفوذها ويطرح دور الصين المتزايد في هذه القاره تساؤلا عما إذا كانت العلاقة بين الصين والدول الأفريقية تمهدّ الطريق لخيار “البديل الصينيChina Alternative ” ليحل محل النفوذ الغربي.
فنشاط الصين المتزايد في أفريقيا واندفاعها نحو دول القارة في أوائل سنوات القرن الواحد والعشرين، أثار انتباه العديد من الجهات والقوى الدولية، وقد انعكس ذلك من خلال تركيز الأكاديميين والصحفيين والدراسات السياسية ومراكز الأبحاث على ما اصطلح على تسميته “مغامرة السياسة الخارجية الجديدة للصين Adventure’s New Foreign Policy of China”، وعلى سعي الصين المتزايد للبحث والاستحواذ على مصادر الطاقة والسلع الأساسية. بالتوازي مع الأيديولوجيا، كانت الصين تسعى أيضا إلى جعل الدبلوماسية في خدمة السياسة والأهداف السياسية الخاصة بها. وفي هذا الإطار فقد كانت مسائل مثل السيادة ووحدة الأراضي الصينية والاعتراف الدولي تحظى بأولوية لدى بكين في علاقتها مع أي من الدول ومن بينها الدول الأفريقية بطبيعة الحال.
القضية التايوانية كانت حاضرة دوما، ففي الوقت الذي أنشئت فيه جمهورية الصين الشعبية العام 1949م، كانت تايوان تمثّل الصين في المحافل الدولية وفي الأمم المتّحدة أيضا، واستطاعت تايوان منذ العام 1949 م وحتى العام 1970 م أن تكسب المعركة مع جمهورية الصين الشعبية وأن تحظى باعتراف معظم الدول الأفريقية المستقلّة حديثا، بل واستطاعت أن تحافظ على علاقاتها الدبلوماسية مع 22 من أصل 40 دولة أفريقية مستقلّة آنذاك مقابل 15 لجمهورية الصين الشعبية.
لكن سرعان ما تغيرت الأمور وانقلبت صالح جمهورية الصين الشعبية منذ أن اكتسبت الأخيرة المقعد الدائم في الأمم المتحدة كممثّل شرعي للبلاد بدلا من تايوان في العام 1971م. وبات الاعتراف بتايوان ينحصر بأربع دول أفريقية فقط في العام 2009 م بدلا من 22 العام 1970م، وعُدّ ذلك انتصارا دبلوماسيا للصين في أفريقيا.
فبكين ومنذ العام 1971م وحتى ما قبل ذلك كانت تصر على مبدأ “اعتراف الآخرين بصين واحدة” وهو ما حصلت عليه في أفريقيا أيضا. ومنذ تلك الفترة، عملت بكيّن على إعطاء العلاقات الثنائية الصينية- الأفريقية بعدا خاصّا، كما قامت بتطوير علاقات ثنائية قويّة مع بعض الدول الأفريقية ولاسيما أنغولا التي تعتبر مزوّدا رئيسيا لمصادر الطاقة، إضافة إلى مصر الدولة الأفريقية الأولى التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين في العام 1956، وزامبيا الدولة التي تتمتع باحتياطات كبيرة من المواد الأوليّة في القارة الأوليّة. استعمال الدبلوماسية لخدمة الاقتصاد في الصين ليس أمرا جديدا، فقد تميزّت السياسة الخارجية الصينية في هذا المجال منذ بدء تطبيق سياسة “الإصلاح والانفتاح” التي وضعها Deng Xiaoping في العام 1978م، إذ آمن القادة الصينيون منذ ذلك التاريخ بضرورة تسخير كل القدرات لخدمة الاقتصاد الوطني الذي يجب أن يحظى بالأولوية وتأمين مصادر الطاقة والمواد والسلع الأوليّة اللازمة إضافة إلى التكنولوجيا والاستثمارات اللازمة للنهوض به.
ولهذا كانت الدبلوماسية الصينية في خدمة الاقتصاد الوطني سواء مع الدول النامية أو المتطورة على حد سواء. واتخذت العلاقات الاقتصادية الصينية- الأفريقية في هذا الجانب 3 أشكال رئيسيّة تضمنت: المساعدات الرسميّة والتجارة والاستثمار، وشهدت هذه العلاقات نقلة نوعية في التسعينات والعقد اللاحق أيضا وصولا إلى يومنا هذا، وتطورت معها أشكال المساعدات الحكومية لتتحول إلى منح وقروض طويلة الأجل.
ولتعزيز العلاقات الصينية-الأفريقية، قامت بكيّن باستخدام أدوات مختلفة بشيء من الإبداع والحنكة، ومنها الأدوات الاقتصادية الأكثر تأثيرا، واعتمدت في هذا المجال على ثلاثة أشكال: المساعدات الرسمية، العلاقات التجارية، والاستثمار. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأدوات الثقافيّة التي احتلت موقعا مهما أيضا خاصة أنّ هدفها الأساسي العمل على خلق صورة إيجابية وبنّاءة للصين من أجل توظيفها في مجال العاقات الصينية-الأفريقية. وقد ساهم ذلك إضافة إلى الدبلوماسية الشخصية والمساعدات التقنية في تطوير العلاقة بين الطرفين إلى مستوى الشراكة العالمية
وتم دعم هذا التوجه فيما بعد عبر إنشاء روابط ومؤسسات تشرف على هذا الموضوع، فتم في العام 2007 تأسيس الصندوق الصيني-الأفريقي برأسمال 5 مليار دولار كما أصدرت وزارة التجارة الصينية كتيّبا إرشاديا يحث على الاستثمار في أفريقيا.
أمّا على صعيد الاستثمارات الصينية في أفريقيا فقد ارتفعت من 75 مليون في العام 2003 إلى 520 مليون العام 2006 م إلى 2 مليار العام 2008م  وذلك بدفع من الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد والذي ظلّ يرتفع إلى أن بلغ 2 تريليون في آذار من العام 2009م.
في القرن الواحد والعشرين، ومع صعود قوى جديدة إلى المسرح العالمي وعودة قوى أخرى تقليدية، بزغت معالم ظاهرة “عولمة بديلة” تعمل على تحدّي السيطرة العالمية للتأثير الغربي وتحد من سطوته. وفي هذا الإطار، تبرز الصين كإحدى الدول الغير غربية التي تنهض بشكل سريع على المسرح العالمي مقدّمة للعالم أو لمناطق واسعة منه إن صحّ التعبير عددا من السياسات والممارسات البديلة عمّا هو سائد في المنظومة الغربية لاسيما في مجال تقديم النماذج التنموية.
وفي الإطار الأوسع، يمكن وصف “العولمة البديلة” على أنها مجموعة قيم تؤسس لبديل عن الممارسات والمؤسسات والسياسات والموارد القائمة حاليا. وفي هذا المجال، نستطيع أن نلاحظ انّه ومنذ إنشاء الصين في العام 1949م، والحضور الدائم للصين على المستوى العالمي يكتسب أهمية متزايدة مع الوقت مدفوعا بالنمو الاقتصادي والتطور الصناعي والتكنولوجي وحشد الأدوات السياسية والاقتصادية والثقافية للاعتراف الدولي بها كقوة رئيسية بما يخدم مفهوم “العولمة البديلة”.
ولا شك أنّ علاقات الصين بأفريقيا قد تطورت خلال ما يزيد عن 60 عاما بشكل كبير لتصبح أكثر عمقا وقوة ولتتحول إلى شراكة عالمية مع نهاية الثمانينات بشكل يعكس قوّة نفوذ وتأثير الصين في أفريقيا بشكل تصاعدي، ويقدمها كبديل محتمل عن تأثير هيكلية السلطة والثقافة الغربية في أفريقيا. وقد ساهم استخدام الصين المرن لأدوات السياسة الخارجية المتعدّدة كما لاحظنا في التقرير أعلاه من السياسة إلى الاقتصاد والثقافة في ترسيخ البصمة الصينية في أفريقيا أمام النفوذ الغربي القديم.