للعلاقة بين ايران – تركيا معاني استراتيجية اذ ان طبيعة هذه العلاقة مؤثرة في منطقة الشرق الاوسط لان لهذين البلدين عمقاً حضارياً وجغرافياً للدول العربية ويمكن ترجمتها من خلال سياسات سليمة وفاعلة لصالح هذه الدول وللغياب العربي في وجوده وحضوره الفاعل فمن الطبيعي ان تمدد الادوار الاقليمية لهذين البلدين من اجل ملء الفراغ ويقف الجانبان اليوم على طرفي نقيض بسبب الاضطرابات الجارية في سورية والعراق وهما يمثلان النفوذ الاقليمي الذي يتصدر المواجهة وللجمهورية الاسلامية الايرانية رأي ، يكشف دعم حزب العدالة والتنمية العلني للجيش السوري الحر والمجلس الوطني السوري ، مقارنة مع صمت تركيا عن الثورة في البحرين، وسوريا يمكن ان تكون في ظل نظام الاسد قوة يمكن الحساب لها لمواجهة العدو الاسرائيلي حيث يعني واجهة الصمود ومصد للعاصفة. فيما ترى تركيا ان سورية اليوم لايمكن لها ان تكون كذلك انما التغيير يجعل الاطمئنان على مصالحه والانحياز للمصالح الاقليمية اكثر..
مما سبب نوع من البرود في العلاقات خلال السنوات الثلاث الماضية بين البلدين إلا ان تلك العلاقة لم تقف خواصها كاملتةً لوجود مصالح مشتركة كبيرة وحيث شهدت هذه العلاقة تطوراً محسوساً القت بظلالها على المنافع المتبادلة الخاصة للطرفين وسط بيئة اقليمية ودولية ساخنة سريعة ومتلاحقة …ولاهمية الموقع الجيو سياسي لايران وتركيا في المنطقة قام رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية حسن روحاني خلال اليومين الماضيين بزيارة مهمة لتنمية العلاقت الشاملة وتقريب وجهات النظر حول التطورات الجارية في الساحة الاقليمية والتي تنعكس على مصالح دولها وهي تحظى بأهمية عالية لاعادة وتنمية الشرق الاوسط بالكامل وانتجت الزيارة عن التوقيع على عدد من الاتفاقات والوثائق للتعاون المشترك في مختلف الصعد منها الاقتصادية وا رتفاع حجم التبادل التجاري بين طهران وانقرة الى 30 مليار دولار وفي مجال الغاز والنفط والكهرباء وللتعاون الامني والثقافي والسياسي وفي الجانب السياحي والجمارك وجوانب اخرى وهي الزيارة الاولى للرئيس روحاني لتركية وكانت هذه الزيارة محل اهتمام المسؤولين من الطرفين وتم الاعداد لها منذ توليه رئاسة الجمهورية في دورتها الحادية عشرة يعني ان هناك ارادة قوية من الجانب الايراني لتطوير الروابط الدبلوماسية وخاصة على ضوء التطورات الجارية في المنطقة …وتشهد الدول المجاورة للبلدين مثل سورية والعراق تصاعد في وتيرة الارهاب وزعزعة الثبات مما يستوجب الجلوس المشترك للبلدين للبحث والتدارس لايقاف نزيف الدم ولاشك ان التعاون من اجل مكافحة الارهاب من الامور التي كانت على رأس المناقشات لانها نقطة الخطر المشترك على المنطقة ان لم يتم ايقاف زحف هذه المعضلة المحرقة لليابس والاخضروبجهود مشتركة ونقل تجارب البعض للبعض ومنها تبادل المعلومات عن تحركات ووضع الحلول اللازمة للحد من توسعها وايقاف زحفها والقضاء على منابعها الداعمة وتجفيفها…
لاشك ان زيارة الرئيس روحاني لتركية تعني بداية قوية للتعاون والتعاطي المتقدم في العلاقات بين ايران والمنطقة حيث اثبتت هذه الزيارة امكان التعاون والتقارب بين البُلدان حتى وان كانت هناك اختلافات في وجهات النظر بالمواضيع السياسية وعدم الافراط بالمصالح الوطنية الاخرى والعمل على توسعها وهو يدل على التقدم الفكري الحقيقي في الروابط الدبلوماسية لهذا البلد لانها تعني بعداً حضارياً متصاعداً وقد تم خلال الزيارة ايضاً تشكيل مجلس تعاوني عالي لمتابعة المشتركات وبحضور عدد كبير من الوزراء من الجانبين واعطت الزيارة نتائج مثمرة ومفيدة للطرفين ونجاح كبيرلسياسة حكومة الرئيس روحاني رغم عمرها القصير الذي لايتجاوز السنة الواحدة ..والجدير بالإشارة ان تطوير العلاقات الدبلوماسية من الاهداف الاولى للرئيس روحاني وقد اتخذت الاجراءات الكفيلة لمتابعتها من اجل تحقيق تلك الاهداف وفعلاً فقد اعطت ثمارها من خلال التحرك الواسع لوزارة الخارجية وبخطى رزينة ومحكمة وثبات قل نظيره للانفتاح على كل الدول دون استثناء ( سوى العدو الاسرائيلي ) وكان للدول العربية النصيب الاوفر والاسرع في حل العقد المشتركة والتهدئة وخاصة الخليجية منها ومن ثم الدول الاوربية والتطور الحاصل في الملف النووي والعلاقات المتصاعدة في المباحثات مع دول 5+1والتفاهمات التي تحققت تمثل حسن نوايا الجانبين وخاصة ايران لانهاء الموضوع باقتدار وتاييد تركيا للبرنامج النووي الايراني السلمي خطوة اخرى نحو التقارب بثبات وغطاء دولی جامع نحو الحل الذی یرضیها فی ما یتعلق ببرنامجها ويدل على احقيتها و قدرتها واصرارها (اي ايران) لتطوير علاقاتها وانفتاحها نحو العالم بثبات…