تتعاقد الحكومة ومؤسساتها وتبرم الاتفاقات على اقامة المشاريع الاقتصادية والخدمية في مختلف المجالات، وتشوب الكثير من هذه العقود نواقص وثغرات وشبهات الفساد او ان ذلك واقعاً مثلما يتضح بين الحين والآخر، خصوصاً ان الفساد عم البلاد واصبح امراً طبيعياً في نظر الناس وقبلهم المسؤولون الذين يبرمون هذه الاتفافات والتعاقدات، ويندر ان تجد عقداً لا تثار حوله الشكوك المتابع يلحظ ان الحكومة تعرف ذلك ولكنها لم تتخذ الاجراءات اللازمة والآليات التي تحد من هذا التلاعب والسطو على المال العام والاستغلال للمنصب، في مقابلة تلفزيونية قال: عامر عبد الجبار وزير النقل الاسبق ان احدى الشركات الاجنبية بعد ان تم الاتفاق معها على العقد طلبت منه كيف يريد ان تحول العمولة له، ومن دون ان يلمح الى ذلك لو يطلبه، حتى ان المفاوضين من الشركة تلك عرضوا عليه السبل التي يمكن ان يأخذ العمولة بموجبها من دون ان يكشفه أحد! والقصة معروفة وموجودة على “يوتيوب” لمن يريد ان يطلع عليها .. الاستنتاج الذي نصل اليه ان العمولات والشركات مع المستثمر اصبحت امراً اعتيادياً، حتى ان بعضهم يبالغ في طلباته ويتحمل المشروع كلفاً اضافية كبيرة ينتفع منها المسؤولون، بل حتى عوائلهم.
والأمر من ذلك يمتد هذا الفساد الى التنفيذ السيء للمشروع الذي يكون فاشلاً من الاساس؟
الحقيقة ان بلداناً اخرى مرت بهذه المشكلة وان كان بشكل أخف، فوضعت أسساً ومبادئ وشددت من الرقابة، وبذلك حدت من هذا النهب الفاضح، يمكن الاستفادة من تجربتها في هذا المجال.
هناك معايير ومبادئ لا بد من مراعاتها .. وهي :
1-تشديد العقوبات على كل من يثبت تورطه او تدليسه عن عملية فساد ومخالفة الاجراءات والقوانين المتبعة.
2-منع تعيين اقارب المسؤولين في مكاتبهم الخاصة تحت أي ظرف كان، فرئيس مجلس محافظة البصرة عيّن اخاه مسؤولاً لمكتبه على سبيل المثال.
3-تحريم تبديل المدراء العامين ومسؤولي الاقسام واللجان المتخصصة مع استلام المسؤول الجديد للوزارة او الدائرة للتوافق الحزبي الا اذا كانت ضرورة الكفاءة والمهنية.
4-يجب ان تكون كل العقود متاحة لمن يريد الاطلاع عليها، ونشر المعلومات عنها عند ابرامها.
5-تعقد اتفاقات ومعاهدات مع الدول لتبادل المطلوبين، وربط التعامل الاقتصادي على هذا الاساس، وذلك للحد من هروب المسؤولين الفاسدين الى بلدان اخرى.
6-اقامة الدعاوى على الشركات والافراد من الاجانب والعراقيين الذين يتورطون في دفع عمولات ورشاوى.
7-العناية باختيار اللجان الاقتصادية التي تتعاقد على المشاريع وشراء المعدات، وايجاد توزازن بينها وبين المسؤول الاول في الوزارة او المؤسسة بشأن اتخاذ القرار النهائي في التعاقد.
8-اعطاء صلاحيات كاملة للاجهزة الرقابية “هيئة النزاهة”، ديوان الرقابة المالية، المفتش العام..” وتحمليها المسؤولية عن عملها، والزامها بنشر تقارير عن تدقيقاتها.
9-الاهتمام بما ينشر في وسائل الاعلام وتحميل الجهات المعنية التحقيق بما يورده من معلومات عن الفساد.
هذا غيض من فيض، ربما بعضه معمول به ولكنه غير منتج او انه ليس ملموساً، وبالتالي لا يستقطب المواطن للاسهام بدوره في تحسين الاداء والحفاظ على المال العام وردع المتلاعبين من مد ايديهم اليه.