18 ديسمبر، 2024 8:08 م

العقوبات الامريكية شحرب اقتصادية لن تنتهي بتصعيد عسكري

العقوبات الامريكية شحرب اقتصادية لن تنتهي بتصعيد عسكري

اعلنت أمريكا تصفير واردات إيران من النفط كذلك منع تجديد الاستثناءات لباقي الدول منها العراق- وأعلن البيت الأبيض أن الإعفاءات من أثر العقوبات المفروضة على إيران والممنوحة لتركيا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية لن يتم تجديدها عندما تنتهي صلاحيتها في 2 مايو القادم وويهدف هذا القرار إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، وحرمان إيران من مصدر دخلها الرئيسي
ونفذ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب بما وعد به خلال حملته الانتخابية للرئاسة الأمريكية، وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران الذي وقعت عليه، عام 2015، خمس دول هي روسيا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى إيران — الرئيس ترامب لم يكتفي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، بل اتخذ قرارا بفرض حزمة عقوبات أمريكية جديدة وشديدة على إيران، كما هدد الدول والشركات التي لا تلتزم بتنفيذ هذه العقوبات، باتخاذ إجراءات عقابية ضدها أيضا.
وكان ترامب أعاد فرض العقوبات على ايران بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الايراني وبموجب الاتفاق النووي الذي وُقع مع ست دول كبرى عام 2015، وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية والسماح للمفتشين الدوليين بمراقبة وتفتيش مفاعلاتها النووية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها
وردا على هذه الخطوة، أصدر مجلس الأمن القومي الإيراني قرارا بإدراج القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية المسؤولة عن أنشطة الولايات المتحدة العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في القائمة الإيرانية للمنظمات الإرهابية — واعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ، ان الولايات المتحدة اذا ارادت الدخول الى مضيق هرمز عليها التفاوض مع الحرس الثوري.وقال ظريف خلال مؤتمر صحفي في نيويورك: إذا أرادت الولايات المتحدة الدخول إلى مضيق هرمز فعليها التفاوض مع الطرف الذي يقوم بحمايته، أي الحرس الثوري الإيراني، معتبرا بقاء مضيق هرمز مفتوحا، من مصلحة الامن القومي الايراني.واضاف: ان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يريد خوض نزاع مع إيران، مضيفا: “إنه يعتقد أنه قادر على تركيعنا، لكنه يخطأ”.، مشيرا الى ان حكومة بلاده ستجد مشترين جددا لنفط البلاد وستواصل “استخدام مضيق هرمز كممر آمن لشراء النفط الإيراني”، محذرا الولايات المتحدة من تداعيات حال اتخاذها أي “إجراءات مجنونة” لعرقلة هذه المبيعات.كما أشار ظريف إلى أنه ليست هناك أي حاجة إلى مفاوضات جديدة حول ملف إيران النووي، موضحا: “الاتفاق الذي أبرمناه يمثل أفضل صفقة يمكننا التوصل إليها !!
لا شك أن البنتاغون يعمل بشكل متواصل على وضع وتطوير خطط عسكرية لمواجهة التهديدات المحتملة حول العالم، إلا أن ما يتعلق منها بتوجيه ضربة جوية لإيران لم يُسلم لمستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الذي يكنّ عداء واضحا لإيران، بلغ ذروته عام 2015 بدعوته عبر وسائل الإعلام لتوجيه ضربات عسكرية تستهدف تدمير المنشآت الإيرانية وإسقاط النظام ,, وتتكرر مثل هذه الطلبات مع زيادة حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية توجيه ضربات صاروخية من قوى حليفة لإيران للمنشآت الدبلوماسية الأمريكية في العاصمة بغداد والبصرة، أقصى جنوب العراق – فخلال العام الأول في منصبه رئيسا للولايات المتحدة، طلب دونالد ترامب مرارا من فريقه في الأمن القومي التوجه للبنتاغون لوضع ما يلزم من خطط لتوجيه ضربات للسفن الإيرانية والقوارب السريعة في الخليج العربي وعند مضيق هرمز تحديدا ,, وتخشى الولايات المتحدة من استمراراستفزازاالقوارب السريعة التي تقترب بشكل متواصل من السفن الحربية الأمريكية في المنطقة، واحتمالات تعرض هذه السفن لهجمات مباغتة أو عمليات تصادم متعمدة من قوارب تحمل كميات من المتفجرات ,, ومؤخرا طلب البيت الأبيض من مستشار الأمن القومي التوجه للبنتاغون تزويده بخطة عسكرية لتوجيه ضربات ضد إيران بعد حادثي اعتداء في أيلول / سبتمبر 2018 تعرضت له منشآت دبلوماسية أمريكية في العراق نفذتها مجموعات مسلحة حليفة لإيران
لطالما ذكرنا مراراً ، بأن على العراق في النهاية ان يحسم موقفه من الصراع الدائر والمتصاعد بين امريكا وإيران . لابد أن يقرر الى أي من الطرفين يصطف ، لم يعد ممكنا بعد الآن أن يقول بأنه يحترم التزاماته مع واشنطن وفي نفس الوقت يقول بانه لن يلتزم بالعقوبات على ايران . هذا الموقف الضبابي سيجعل العراق يخسر المزيد من مصالحه بل ويخسر الطرفين معاً .
هناك فرق كبير بين الحياد والمراوغة ، الحياد ان يكون لك موقف غير منحاز لطرفين يتصارعان على قضية لاتؤثر عليك ولاترتب عليك خسارة ما ، أما اذا كان الحياد يحملك اعباء وكلفاً ما فعند ذاك يكون من غير الحكمة ان تقف هذا الموقف ، لأنه في النهاية سيجعلك طرفا في هذا الصراع بشكل لا إرادي .
لا أحد ينكر مدى نفوذ إيران في العراق بل ونفوذ الجماعات المسلحة التي ترتبط مع ايران والحرس الثوري بعلاقة ولائية !! وهذه الجماعات بإمكانها أن تهدد الدولة لو اختارت طريقا غير ودي مع ايران ، كما وأن اتخاذ قرار لصالح الالتزام بالعقوبات سيكون صعباً بسبب حاجتنا الى الغاز الايراني والتجارة البينية معها ، ولكن من قال ان الدول لاتحتاج احيانا لقرارات صعبة ؟ بل الاصل ان القادة التاريخيين هم الذين يلجأون لأكثر القرارات صعوبة مادامت تصب في مصلحة الدولة ومواطنيها .
والقرار بالوقوف لجانب ايران في رفض العقوبات هو الاخر قرار صعب بل صعب جدا لأنه سيجعل الدولة العراقية في دائرة العقوبات الامريكية ولا اريد ان اذكر تفاصيل الضرر الذي سيصيب العراق إذ يكفي أن إحتياطنا النقدي وتعاملاتنا الدولية كلها بالدولار الأمريكي وان إقتصاد العراق قائم برمته على صادراتنا النفطية التي ستتراجع كثيرا فيما لو طالتنا العقوبات ، فضلا عن خسارتنا للجهد الدولي في مجال مكافحة الارهاب حيث تقف واشنطن في مقدمة المبادرين والعراق مازال لم يتعاف بعد من الإرهاب .
وفقا لقناعتي نستطيع ان نتخذ قرارنا المستقل بقبول العقوبات الامريكية ولكننا نشترط على الامريكان ان يقوموا بواجبهم في تعويض العراق خسارته من تطبيق العقوبات وبالذات من الكهرباء الضائعة وان يجدوا لنا بدائل سريعة ومضمونة ، سعودية ، قطرية ، او غيرها بحيث لايتضرر المواطن ويجعل الحكومة عرضة للإهتزاز باستغلال معاناة المواطنين .
الاصطفاف لجانب ايران يتضمن قبولا باستمرار هيمنة ايران على العراق عبر مليشياتها ، وفقدان استقلاليته بشكل كلي ، لو نظرنا للأمر بأن العقوبات هي فرصة جاءتنا للتخلص من الهيمنة الايرانية وترسيخ استقلال الدولة ، سيدرك اذن صناع القرار بان قبولا مشروطا بالعقوبات هو القرار المثالي .
لا شك أن هناك حرب اقتصادية حقيقية، ومحاولة ممارسة عملية خنق على هذه الدولة أو تلك من قبل الولايات المتحدة، ولجعل مستوى الجياة فيها أسوأ وإثارة الاضطرابات في داخل هذه الدول، بهدف تدميرها، لكن لا يوجد دولة في العالم غيرت سياساتها بسبب حصار فرض عليها، وإذا أردت أن تغير سياسة دولة، عليك أن تعطيها شعورا بالأمان كي تتمكن من التحرر من المخاوف، بينما عندما تحاصر إيران اقتصاديا وتحاول محاصرتها عسكريا، ودول الخليج تستعد لبناء ما يسمى بالناتو العربي، فعندما تقوم بكل هذا، فلا تتوقع أن تقوم إيران بالاستجابة لأي ضغط، بل بالعكس ستستنفر قواها ومناطق نفوذها وستحاول أن تكون موجودة في كل مكان، وهذا أمر طبيعي، ومن يريد أن تستجيب إيران لانسحابها من هذه المنطقة أو تلك، عليه أن يقيم علاقات طبيعية مع العاصمة طهران، ولا داعي لعملية الضغط والضغط المتبادل، وكل ما يفعله الرئيس الأمريكي ما هو إلا تسخين لمنطقة بكاملها، وسيحصل على عكس ما يريده، ولن تغير إيران سياساتها، بل ستكثف سياستها في ظل الوضع القائم ,, وبالتالي لن يكون تصعيد عسكري اذالم تقدم طهران على مضيق هرمز او تصعيد تهدياتها لمصالحها في الخليج العربي