22 ديسمبر، 2024 7:37 م

إقترن العقل بالعلم في مختلف سياقات الكلام ، ولهذا نجد ابن منظور يعرف العقل بالقوة المهيأة لقبول العلم؛ وهو ما يكون به التفكير والاستدلال. وقد أنتبه العلماء لحقيقة أن القرآن الكريم لايذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولأنه محل الفكر والتفكر فقد قال الله سبحانه وتعالى ) إنَ في خلق السموات والأرض وإختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) سورة البقرة 164. ومما يلفت النظر أنَ لفظ العقل بصيغته الأسمية لم يرد في القرآن الكريم مطلقاً، لكن وجدت مشتقاته في صيغته الفعلية مثل ( عقلوا ، وتعقلون، ويعقلون …). ويزخر القرآن الكريم بالآيات الكثيرة التي تدعو إلى التأمل والتدبر والتفكير وإعمال العقل في خلق الله بغية الوصول إلى الإيمان بالله الخالق المنعم.
في بحار الأنوار للعلامة المجلسي، ج1 ص97 : روي عن النبي محمد صلَ الله عليه وآله وسلم أن الله عز وجل لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، فقال تعالى: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أكرم علي منك، بك أثيب وبك أعاقب، وبك آخذ وبك أعطي. فالعقل نعمة إلهية منً الله بها على خلقه، لكنه أوجب العمل بها والاستفادة منها مثل أي نعمة أخرى يؤدى حقها. وفي الدرر السنية. أوَّلُ ما خلقَ اللهُ العقلَ ، قال له : أقبِلْ ، فأقبلَ . فقال له : أدبِرْ فأدبرَ .فقال: وعزَّتي ما خلقتُ خَلقًا أكرمُ عليَّ منكَ, فبكَ آخذُ, وبك أُعطي, وبكَ الثَّوابُ, وبك العقابُ. وعرف صاحب العقل الراجح بالذكي، فأقترن العقل بالذكاء وليس الدهاء، لأن الدهاء هو المكر والأحتيال، بينما العقل هو الرجاحة والوضوح والسداد وحب الحق واتباعه. وقد قال الشاعر ابو الطيب أحمد المتنبي: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ ، فصاحب العقل يكدح ويجتهد ويكافح في تفكيره للوصول الى الحقيقة والحق وصاحب الباطل يعجل الانتقام والثأر ويهرول وراء نزواته ولا يحسب حساب العقل، ليضع خطً للشروع وآخر للعودة في أي منهج ينهجه أو أي طريق يتخذه. السياسي والإقتصادي والطبيب والمحامي والرياضي والمهندس والعامل والفلاح والوزير والمدير والمعلم والسفير والخفير كل واحد منهم يحتاج الى أن يعمل عقله ويفكر ليبدع في مجال عمله ويحل المشاكل بإيجابية ويسهم في تقدم حياة البشر نحو الافضل ويعمر الأرض دون أن يلحق الضرر. حفظ كرامة الانسان من العقل ومداراة الناس من العقل، وقضاء حوائجهم والتفكير في اسعادهم والاهتمام بأمورهم من العقل، وإنصاف الناس من نفسك من العقل، وحمد الله وشكره على كل حال من العقل، والوقاية من الامراض من العقل، وحب الخير لغيرك من العقل، وكف الاذى عن الناس من العقل، ونصرة الملهوف من العقل، وإكرام الضيف من العقل، وترك عون الظالم من العقل ، وعدم النظر الى ماعند الناس من العقل والتكاتف مع الاخ على الحق من العقل، ومواساة الأخ بالمال من العقل، والاستشعار بنعم الله سبحانه وتعالى من العقل ، والشعور بالعبودية لله من العقل وإدراك عظمة الله من العقل، وطاعة الله ورسوله وأهل بيته من العقل، وتحصيل العلم من العقل.
وحب الوطن من العقل ، ومجاهدة النفس الامارة بالسوء من العقل ، والنهوض لصلاة الفجر وأداء الصلوات في وقتها من العقل، وترك وساوس ابليس وسوء الظن من العقل ، وطاعة الولد والبنت لوالديهما من العقل، والحياء من العقل، والكرم من العقل، والإيثار من العقل، والتدبير وترك البخل والطمع من العقل، والترفع عن الغيبة والنميمة وعدم إفشاء السر من العقل، والاستغناء عن صحبة السوء من العقل، والسكوت في مواقف الخوض مع الجاهل ومجادلته من العقل، والعناية بالطبيعة من العقل، وصلة الرحم من العقل، واقتفاء اثر الصالحين من العقل، والتمدن من العقل، والعفة من العقل، وتقوى الله من العقل، والابتعاد عن قيم الجاهلية والتعصب والعنصرية من العقل، والزهد والاعراض عن الدنيا من العقل، والسخاء والكرم من العقل، والاستشارة من العقل، والتواضع من العقل، وتذكر فضل الله وفضل الآخرين عليك من العقل، والمودة في الله من العقل، واحترام الإنسان من العقل، والصبر من العقل، والعمل في سبيل الله من العقل، والابداع من العقل، وإعلاء شأن الدين من العقل، والتخفيف عن كاهل المسن والمرأة والطفل والمعاق من العقل، وإفشاء السلام من العقل، والهروب من المنكرات من العقل، ومحاسبة النفس من العقل، وأداء الامانة من العقل، والصدق من العقل، وصحبة الأخيار من العقل، ومساعدة الفقراء من العقل، والوفاء من العقل، وحفظ العهد من العقل، وإنزال النفس وحملها منازل التقصير من العقل، والاعتراف بالخطأ من العقل، وإصلاح ذات البين من العقل، ونبذ التهور من العقل، ومسايسة من هم في رعيتك من العقل، وحب العدل والإحسان الى الناس من العقل، والتحضر من العقل. الحمد لله والشكر على نعمة العقل.