19 ديسمبر، 2024 12:46 ص

العقل العربي في الميزان. (بالمختصر)

العقل العربي في الميزان. (بالمختصر)

الكثير ممن كتب عن العقل العربي، أما انا فلا أعتقد بوجوده بالمعنى الحقيقي إطلاقاً إلا بنسب خاصة، ولايصح وانت تساجن وتساحن هذا الموروث التعبوي، أن تنظر اليه من زاوية ضيقة، فلا أستغرب ان تكون النتائج لاعلاقة لها بالواقع من أثر الخصوصيات. 
الخاص لايحكم العام والعمل بهذا هو كمن عمل بالضد من الغاية في ذات الوقت ويظن أن فعله تعقلاً! العقل العربي في واقعه الماضي والحاضر يصح ان يسمى عقلاً مجازيا ، لأن العقل العربي ليس بقوة فاعلة على الحقيقة بل منفعلة . 
الموضوع ليس في العنصر العربي ذاته، بل في تفعيل عقله ومنه وكرامة إنسانه. 
وكما يقال من واقع الحال يولد السؤال : لماذا ظل وضعنا مريض لايقوى اللحاق بالركب الأنسانية إجتماعيا وحضارياً وأخلاقياً وثقافياً وإنسانياً، حتى بتنا تحت الأقدام ؟ 

هل فعلاً نحن خير امة اخرجت للناس! كيف؟ وفي أي مجال وعلم وعقل واخلاق؟

العقل العربي يُعبأ له الوقود كما يعبأ في براميل العجلات ومَثَل حاله، لايمكن أن يوصف بالعقل ! ﻷن العقل من معانيه أن يعقل الشيء بعد محاكات المعلومة، بحرية، فهل كان له هذا، وكيف ومتى؟ 
نعم فعلوا في توسيع ذات المعلومة وتشريحها ونقلها الى مجاهر التأويل والفلسفات العقلية التي ماتت مع اقوامها، ولهذا قُتل العقل الفاعل لأحتلال العقل الميت له .

ولهذا العقل كقوة فاعلة حاضرة مغيبة ومُحتلة بتاريخ وعلوم أكل الدهر عليها وشرب.
الكارثة أن المفعولية في بيت العقل المغيب الحي، لازالت تدب ويُطبل لها ويصر على ديمومتها جمع غفير إنتحر فيهم العقل الفاعل بمفعول فايروس العقل الميت. 

ولذلك العقل التكويني لايلد فكر بل يجتر بما عُبيء له العقل المحتل. فمكونات العقل الفاعل هي أولا وقبل كل شيء، الحرية في التفكير، ولكن التاريخ يشهد على ان حرية العقل العربي مكبلة ولم يعرف ماهي الحرية، فحتى حريته يفهما على ضوء العدل في الإستبداد في أرقى أحلامه.
أين العقل العربي وما هو كيفية نشاته ومحيط تكوبنه؟
هل توفرت مساحة التربية على التعقل بحرية وانشأت المدارس لها؟
هل سمعتم بنقّاد كتبت لهم الحياة أو الإحتفاظ بالكرامة الآدمية ناهيك عن التهم والقتل؟
هل علمتكم لماذا كتب المتصوفة أفكارهم بقلم تعبيري خاص لايخلو من الرموز؟
هل علمتم لماذا إستبعد العقل خارج التشريع الفقهي، حتى فتح بابه العلامة الحلي ومن قبلهُ المرتضى والمفيد على إستحياء ؟ يعني ..كانت مراجع التشريع هي: الكتاب والسنة ثم لحقها الأجماع. وبشرط عند الشيعة…..ثم لحقها العقل وبشرط عند الجميع.

هل تربية الأسرة العربية تحتمل الحوار ام الطاعة ولاجدال بالشكل العام ؟
هل المعلم يقبل الحوار ويقبل الرأي الأخر؟
هل الأحزاب *الوطنية * اليوم ..اليوم ..نعم ..اليوم .. تقبل النقد أو تحتمل الرأي الآخر وتعمل الى جانبه؟
هل المؤسسات التربوية ساعدت على نهوض العقل للفاعلية أم للأنفعالية؟
هل كان لنا مفكرون خارج السرب؟ 
لماذا نقول خارج السرب؟ كيف ولدت هذه المقولة ولماذا؟ 
لماذا ثقافة أوعقلية التقاتل على ألأعلمية والمناصب الحكومية ظاهرة متفشية ؟
لماذا معاول التسقيط أكبر من معاول البناء؟
لماذا لاتوجد مسارح حوار ثقافية متنقله كتنقل المنابر الحسينية أو كتنقل عجلات السيرك من مدينة الى أخرى؟ 
هل لغياب المثقفين او المفكرين ام غياب دعم حرية التفكير والتعبير
؟
هل تعلم أن لكل ثقافة وفكر مسرح ولكن مسارحنا واحدة كتوحيد الله تعالى ! لكن توحيدنا في هدر الأنسانية لا في الحفاظ على كرامة الإنسان.
هل حقاً لآننا مؤمنون بهذا وهذا هو أمر الله؟
اين سرَّح الله العقل في كتابه؟
أين اكره الله الأنسان على عبادته في كتابه؟
أينما وضعت قدمك في مدارسنا ومؤسساتنا وأسرنا وحكامنا، تجد فكرة الطاعة وحكم الإستبداد العادل تبتلعنا، وما هذه التربية الأستعبادية، إلا لتكريس ثقافة الطاعة البشرية، ومنها لقتل العقل العربي وكرامته الأنسانية. وكلها من فهمنا الخاطيء لعبادة الله، لأن الله لايريد منا عبادته وهذا موروث فقهي غلط حكم على أمتنا بموت العقل والآدمية.
فمن كان له عقل كانت له كرامة وإنسانية، ودين صحيح!
فأين كرامة الأنسان العربي وكل حاكم يحكمه بالحديد والنار ؟
بل المجتمع العربي لايحترم الأنسان ولايقيم للفرد قيمة من أساسه، لأن عقله منصب على أصنام منافعه الذاتية وحيوانيته الجنسية، وهذه هي مرطبات وخصائص العقل العربي التي تصرخ سافرة أمامكم، فكيف كان او يكون او سيكون لنا عقل حتى يكون لنا أخلاق ودين؟ هذه نعمة ننتظر قدومها مع المهدي ع وإيماننا بهذا لهو دليل على غياب عقلنا فلاتحدثوني عن العقل العربي لآنكم تحدثوني عن المعلف قبل الحصان. 
لكن السؤال : 
كيف يتناغم هذا مع كتاب الله الساعي لبناء الأنسان وحريته الدينية والتفكرية؟
لو كان للعقل العربي عقل لقرأ وفهم ماقال الله له…ولكن الله قال ماقال ولهذا قال لعلكم تعقلون.
فلم يقلها وهو لايعلم بحالكم من حال وهذا الله وليس أنا. 

الله تعالى، لم يلد ولم يولد يوما في العقول العربية، لأن الولادة الحقيقية مرتبطة في حرية التعقل أي إستخدام مخلوقه للعقل، وهذا مايؤكد عليه الله في خطابه القرآني المباشر للأنسان . فعبادته هو فهم نظامه في كيفية إصلاح النفوس ومنه لتقويم السلوك في التعامل الآنساني، وليس لذات الله ذاته وكأن حاجته للتلذذ من مخلوق يخلقه بيده ليشبع رغائبه في هذه المسماة بالعبادة ! كلا هذا هراء.

التسليم لله هو التسليم لنظامه الأنساني، ودون تعقل هذا فلا قيمه له عنده . لأن الأيمان بعبادته فقط لايقود المرء ذاتياً في تغيير ذاته نحو السلوك السوي ولايدخله الجنة، فما اكثر المنافقون المصلون المتعبدون ليل نهار، والساحة شاهد على ما أقول، والله يؤكد هذا بقوله.. ومايؤمن اكثرهم بالله إلا وهم مشركون.

فالعقل العربي حمّال يُعبأ له وقوده من كل مكان ولم يعمل بالوقود الذاتي في أي زمان ولايُسمح له ذلك، ومن عمل فقد رغب عن سنة قومه ويطرد أو يقتل أو يُسفر أويُنبذ، أو يُهدر دمه وعرضه وماله ، أو ينفى أو يسجن، ويتلذذ بتعذيب مواطنيه على مر التاريخ ولم تتغير وتتطور إنسانيتهم نحو الأفضل إطلاقاُ، وهل هذا هو العقل العربي؟ 
لهذا حق عليهم دفع النقود للوقود كما يدفع السائق لمحطة الوقود، والذي بدوره يحرك العجلات فيخال للناظر أن العربي ـ وبما أن له رأس على جسده ـ فمن الطبيعي أن يكون له عقل، أقول كلا والله إنما شبه لكم، لأنه يتوسل العقل من مراجعه الوقودية، لعسى ولعل يزودونه به لتشتغل وظائفه العقلية ومنها لتسير مركبة الدفع الرباعية. ولكي لا أظلم أحدا من العقول التي تتنفس عقلها بسريه أقول لها لستم المعنيين بكلامي بل أنتم العقل الضحية وكرامتكم محفوظة حتى وان سجنتها آلهة البحار الغبية. ماقمت به هو تشخيص مختصر لمرض العقل العربي، وهو اولى من إقحامه بما لم يولد بعد فيه.