7 أبريل، 2024 7:49 ص
Search
Close this search box.

العقل السياسي العراق بحاجة للتخلي عن بعض منطلقاته الأساسية

Facebook
Twitter
LinkedIn

عبر التاريخ المعاصر للدولة العراقية تلوث العقل السياسي بعدوانية ومغالطات الايديولوجيات والطروحات العشوائية الغوغائية ، والمؤسف دائما ماتغيب الحكمة عن العقل العراقي فهو ، لا يستفيد من التاريخ ، ولايراكم الخبرات ، والسبب لأن الفكر السياسي الأيديولوجي السائد في العراق مبتلى بمرض الجمود ( وعبادة الشعارات والأفكار ) ولايتفاعل مع الواقع المتحرك ومتطلباته ، ويتجاهل مصالح البلد والناس ، طبعا هذا المرض كان قبل دخول العراق مرحلة الموت وحلول الفساد والإجرام والعمالة والتدمير الشامل الحالي !

ينطلق العقل السياسي العراقي من منطلقات يسلم بها تسليما وكأنها بديهيات ، في حين ان الواقع السياسي متحرك ومتغير وهو خاضع للنسبية والتجريب ، ويفترض بحركة الوعي أن تتبع له وليس محاولة قولبته بقوالب جامدة والتشبث بمنطلقات ثبت فشلها بالتجربة لكننا لازلنا متمسكين بها دون جدوى ومن هذا المنطلقات الخاطئة:

– أوهام قدرة العراقيين على إدارة شؤونهم :

ثبت بالتجربة منذ تأسيس الدولة عام 1921 ولغاية الآن فشل العراقيين الذريع في إدارة شؤونهم بأنفسهم ، فقد سادت الفوضى والإضطرابات والإنقلابات والحروب حياتنا السياسية ، وأُهدرت ثروات البلد ، وتأخرنا في الصناعة والزراعة والتعليم وغيرها من المقومات الاساسية للدولة ، بل أكثر من هذا فشلنا خلال عمر الدولة في أبسط المهمات وهي حفر المجاري في المدن ، وإيجاد نظام للبلديات يساعد في رفع ( الزبالة ) عن الشوارع ، فأي فشل كارثي هذا وقع على أيدي العراقيين الذين حكموا بلدهم خلال 99 عاما .. فقد تعاملوا مع التجربة الحزبية ، والسلطة ، والدولة بعقل غريزي بدائي فردي يسعى لإفتراس الغنائم ، وغاب عنه الشعور بالمسؤولية نحو الجماعة وكانت المشاعر الوطنية : اما ضعيفة أو معدومة !

المنطلق الخاطيء الآخر للعقل السياسي هو :

– أوهام المطالبة بالديمقراطية :

وهذه كارثة ، لو جئنا بأشد أعداء العراق لما تمنى أسوأ من هذه الورطة للبلد ونعني بها ورطة الديمقراطية وفتح المجالات للحياة الحزبية وإجراء الإنتخابات وتشكيل برلمان وسلطة … فنحن في العراق وجميع الشعوب العربية ، لاتتوفر لدينا البنية النفسية والعقلية والحضارة لتطبيق الديمقراطية ، فعلى الصعيد الفردي والجماعي لايوجد في حياتنا مبدأ ( إحترام حق الإختلاف ) بإعتباره حقا بديهيا للبشر ، لأننا في الاصل يغيب عنا الإيمان ( بوجود الفروق الفردية ) ، لذا نحن نبحث عن التطابق وليس التنوع ، وعلاقتنا الإجتماعية تجري على تراتبية حيث يغيب عنها مبدأ المساواة وتقوم على أساس الراعي والقطيع ، مجتمع يقوم على القهر بكل أنواعه من قبل المؤسسة الدينية والعشائر وسلطة القوى الإجتماعية وسطوة الموروث الخاطيء للتقاليد والأعراف والأفكار … والأخطر من هذا غياب الشعور بالمسؤولية ومشاعر الإنتماء الوطني الحقيقي لدى (غالبية ) العراقيين ونزوعهم للفوضى وتدمير الذات .. ومن الطبيعي ان هذا الواقع مضاد تماما للديمقراطية التي حولها العراقيون مؤخرا الى وباء قاتل إجتاح بواسطتها اللصوص والمجرمون والعملاء ميدان السياسة وصنع القرار ، ونفس كارثة فشل الديمقراطية حصلت في : لبنان ومصر وليبيا والكويت وتونس على الطريق ، ليس كل شيء منطقي ومفيد يصلح للعراق والبلدان العربية ، فالزهور الجميلة لا تستطيع العيش في الصحراء!

اما هكذا خراب .. لايصح أبداً ان يتجاهل العقل السياسي العراقي معطيات تجربة الواقع ، ويبقى متمسكاً بأوهامه وخيالاته وأمنياته .. وبهذه المناسبة كم نحن الآن بحاجة الى حكمة المرحوم الشيخ زايد عندما شعر بالضعف وغياب الطاقم المحلي الكفؤ القادر على إدارة الدولة … فما كان منه إلا ان تخلى عن الكبرياء وشعارات السيادة والإستقلال وإستعان ببريطانيا وأميركا ونجح في بناء أفضل نظام سياسي ودولة مزدهرة في الوطن العربي : دولة الامارات الجميلة.

لقد ذهبت حضارات : سومر وبابل واشور، والعنتريات الفارغة لاتنفع ، لسنا الأفضل بين البشر … ونحن أبناء هذا اليوم الذي يعتبر فيه العراق دولة فاشلة بمعنى الكلمة .. دولة لا تستطيع توفير رواتب الموظفين ، وتوفير الكهرباء ، ولاحتى تنظيف المدن من الزبالة ، دولة الميليشيات والقتل وسرقة المال العام وجلعها ضعفها ألعوبة بيد إيران التي أدخلت لنا الخراب الشامل … وقد حان الوقت لتغيير منطلقات العقل السياسي على ضوء هذا الواقع المفجع !

صفحة 1 من إجمالي 2

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب