العقل ألآلغائي ليس عقلا سياسيا وأن عمل في السياسة , فهو يحمل بذور فنائه وزواله , وأذا كانت العقول السياسية كلها محكوم عليها بالرحيل عن هذه الدنيا وتلك سنة ربانية في ثناياها العدل والرحمة , ولكن هناك فرق بين رحيل ورحيل في العقول السياسية , لقد رحل عقل محمد “ص” السياسي , ولكن قرأن محمد بقي , وبقيت سيرة محمد “ص” عطرة نقية تجتذب اليها الفطرة ويبحث عنها العقل السليم من أمراض الدنيا ومن ضلالات ملوك ورؤساء المجتمع الذين يستقوون بالمال الذي أصبح يشكل قاعدة للفهم الخاطئ حتى قال الشاعر :-
أن الناس قد مالوا .. الى من عنده مال
لقد كان نمرود ألغائيا , عندما ألغى ألآله , ولم يعترف بعقل النبي أبراهيم حتى بعد أن رأى النار ىتقوى على حرق أبراهيم ؟ وقال : أنا أحيي وأميت , وهو منطق خاطئ أوصل أصحابه الى الزوال دون بقاء ماكانوا يحرصون عليه من تصورات ورؤى , ومثل نمرود كان قارون , وكان فرعون مصر ألغائيا وعبارته ” أريكم ما أرى ” هي مثال على ألآلغائية الوجودية العدمية .
لقد كان ملك العرب ألآول سيف بن ذي يزن عقلا عربيا سياسيا منفتحا غير ألغائي , قرأ كتب ألآولين وتابع سيرهم وأمن بمحمد ” ص” وبصفاته قبل ولادته وقبل بعثته , وهو سبق أدراكي منفتح وفهم لعلاقة السماء بألآرض يدل على رجاحة أستدلالات العقل .
لقد كان النبي محمد “ص” منفتحا ليس ألغائيا , فهو كان يقول : كلكم لآدم وأدم من تراب , وكان يقول : وما محمد ألآ أبن أمرأة من قريش كانت أمه تأكل القديد , وكان يقول : أنما بعثت لكل الناس ألآحمر وألآصفر وألآبيض وألآسود , ووضع حدا للعنصرية والقبلية فقال : سلمان منا أهل البيت , ووضع حدا للتفاخر القومي فقال : من تكلم العربية فهو عربي .
وعلي بن أبي طالب كان عقلا سياسيا عندما قال : أتركوني كأحدكم أكون أطوعكم وأسمعكم , ولم يكن ألغائيا عندما قال : ألآنسان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق .
العقل السعودي منذ العام 1926 مجيئ عبد العزيز أل سعود المتوفي عام 1953 ومن بعده أخوانه وأولاده هو عقل ألغائي تمثل في تحويل أسم بلاد نجد والحجاز الى أسم السعودية ومنذ أستعمال مصطلح ” خادم الحرمين الشريفين ” وهو أصطلاح مضلل , يعني ألآستئثار بأمتيازات الحرمين الشريفين , وهما مما لايجوز ألآستئثار بهما دون بقية المسلمين تيمنا بالمفهوم القرأني ” أن أولى الناس بأبراهيم للذين أتبعوه وهذا النبي والذين أمنوا ” .
والعقل السعودي ألغائي لآنه جعل خمسين بالمئة من واردات النفط لآفراد العائلة المالكة حتى أصبح ثراء العائلة المالكة سببا لعجرفتها وعلوها وأنتقل هذا السلوك ألآستعلائي الفارغ الى المقربين منهم ومن يعمل معهم وهؤلاء نقلوه الى بقية أفراد المجتمع على قاعدة ” لاتربط الجرباء قرب صحيحة خوفا على تلك الصحيحة تجرب ” ؟
العقل السعودي ليس سياسيا لآنه ربط تبعيته ببريطانيا ومن بعدها أمريكا وكلاهما يحتضنان الكيان الصهيوني .
والعقل السعودي ليس سياسيا لآنه تبنى الطائفية مذهبا من خلال الوهابية التكفيرية , والتكفيري لاتقوم له سياسة ولا يبقى له وجود منذ مؤسس التكفير والعنف وألآرهاب المدعو أبن تيمية الحراني , ولذلك سرعان ما ظهر تناقض وأزدواجية النظام السعودي عندما ظهرت داعش تتوعد بألآستيلاء على مكة والمدينة ولولا ذلك لظل داعما بخفاء للوهابية وقاعدتها التي أنتشرت بالمال السعودي في أفغانستان ثم باكستان ومن ثم للبلاد العربية وللمهاجرين في أوربا حتى ألتحق بها المال الخليجي داعما وممولا للتكفيريين ألآرهابيين بدواعي طائفية غير مخفية
والعقل السعودي كشف حماقته وأرتباطه المشبوه عندما روج للسعي الصهيوني في جعل أيران عدوا للعرب بدلا من أسرائيل , وأعطى مزيدا من ألآدلة على ذلك من خلال سعيه المستميت لمنع الوصول للآتفاق النووي بين أيران وأمريكا , ثم أنكشفت أبعاد السياسة السعودية من خلال تورطها في حرب اليمن وأستعمال تبريرات واهية لاتدل على وجود عقل سياسي لدى من يحكم السعودية , فلا الشرعية هي شرعية حقيقية , ولا نزع سلاح الحوثيين هو أمر واقعي , ولا تسمية وجود أنصار الله واللجان الشعبية والجيش اليمني بالمحتلين هي تسمية واقعية وأنما هي تسمية مضحكة لعقل لايريد صاحبه أن يكسب أحترام ألآخرين , كما أن قيام الطيران السعودي المدعوم لوجستيا أمريكيا بقصف المطارات والمستشفيات والمدارس ومحطات الوقود والمياه وقتل ألآبرياء في اليمن الذي لايمتلك طيرانا حربيا هو عمل عدائي أجرامي لايحمل صاحبه مشروعا للتواصل مع محيطه وجيرانه مما يجعله مهيئا للزوال , وحضور هولاند الرئيس الفرنسي المعروف بصهيونيته حضوره قمة الرياض للخليجيين هو برهان أخر على فشل العقل السياسي السعودي وهو مماثل لما تقوم به عصابات ألآرهاب التكفيري من معالجة جرحاها في المستشفيات ألآسرائيلية , فكلا الموقفين يكشفان خلفية العلاقة مع الصهيونية ومحورها التوراتي ثم تأتي عمليات أنزال السلاح بالمظلات من قبل الطائرات السعودية الى عصابات داعش والقاعدة في عدن ومأرب وتعز دليلا أخر على حماقة العقل السعودي الذي أستعان بجنود السنغال لحرب اليمن ظنا منه أن ذلك يعوض عن هروب جنوده من القتال أمام أفراد القبائل اليمنية .
أن الجفاء الذي تعامل به العقل السعودي مع العراق , والعدائية التي تعامل بها مع سورية , وألآستعلائية على دول الخليج , وألآغراءات المالية وألآستثمارية للدول ألآوربية وأميركا , هو نمط فاشل في الجيوسياسية , وقد باتت نتائجة واضحة للعيان , فتبعية ألآحزاب والجهات المرتبطة بالسعودية فقدت مصداقيتها عند شعوبها لولا أتاوات المال التي أبقت المنتفعين ينفخون ببوق المديح المشروخ بفضائح الواقع , فحرب القلمون جعلت سعد الحريري المقيم في السعودية يهاجم السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله الذي يعد مشروعا لتصفية عصابات ألآرهابيين التكفيرين في القلمون بالتعاون مع الجيش السوري لقطع دابر تواصل العصابات مع الكيان الصهيوني من جهة جبل الشيخ وتأمين القرى اللبنانية المجاورة للحدود السورية مثلما يؤمن الزبداني ومدينة دمشق ويقطع التواصل مع عصابة زهران علوش المدعوم سعوديا في دوما بالقرب من دمشق وسيطرة الجيش السوري على ميدعا قطعا للطريق بين ضمير ودوما , وضمير والحدود ألآردنية .
;
أن العقول ألآستعلائية هي عقول تكتب على نفسها الهزيمة وهذا العقل السعودي اليوم يكتب هزيمة ستتغير من جرائها المنطقة , ولكن ببدائل متناحرة متقاتلة مجزأة وهذا ما تريده أسرائيل وتعمل له أمريكا , وقمة أوباما مع الخليجيين ستكون مكرسة لذلك