17 نوفمبر، 2024 4:39 م
Search
Close this search box.

العقل السياسي الجرىء وإستفتاء شعب كوردستان

العقل السياسي الجرىء وإستفتاء شعب كوردستان

في الخامس والعشرين من أيلول 2017، إكتفى الكوردستانيون  بإيقاد شمعة دون ضجيج، وفي ممارسة حقيقية للديمقراطية المباشرة عبروا عن رغبتهم العارمة في الإستقلال بطريقة حضارية وديمقراطية وكتبوا كلمة ( نعم ) واحدة على أوراق الإقتراع، تحدثوا فيها عن أزمات وأخطاء سنوات كثيرة ومغالبات حياتهم الصعبة، وطرحوا حلاً واقعياً للحاضر والمستقبل.  

   في ذلك اليوم بدت الأمور واضحة مع ميل الجماهير الشعبية نحو التفاعل مع الأحداث والتطورات والتعبير الصادق عن الرأي وحقها في تقرير المصير.

   وبعد أيام معدودات، كشفت المعطيات عن إختلاف الآراء والمواقف، وتحوّلت بعض الصداقات المحلية والاقليمية والدولية إلى عداوات صريحة، وبعضها الآخر الى التهرب من المسؤوليات الأخلاقية، أو ترقب لمآلات الأحداث التي تهاوت وإنهارت فيها الكثير من المفاهيم الأخلاقية والإنسانية.وكوردستانياً فقد بدأت معادلة تبرئة النفس الإنتهازية واتهام الآخر، وأخذ البعض، وبغير وجه حق، يلف ويدور حول قضايا تسهم في تجديد أفكار فاشلة جربت أكثر من مرة، في سبيل إسترضاء الجهات المناوئة والاتكاء على دورها في تكريس أمر واقع جديد وسلب الشرعية والصدارة عن حكومة إقليم كوردستان وإفراغها من محتواها، وتجاهلت المؤامرات التي تحاك بالخفاء لإفشال التجربة الديمقراطية والفيدرالية في العراق وكوردستان .

   المعادون والطامعون إتحدوا تحت خيام الوهم، ربطوا سياساتهم وحركاتهم المشبوهة ومناوراتهم الخبيثة وبرامجهم مع التخطيط الدائم لممارسة الضغط على الحكومة والبرلمان الكوردستانيين ومحاصرتهما بعيدًا عن الأنساق الدستورية والقانونية وحتى السياسية المألوفة، وأخذوا يبحثون عن أوراق رابحة تحقق لهم ما يريدون. وتحوّلت بعض الجهات العراقية والإقليمية الى ممارسة التجاوزات العنيفة ضد الكوردستانيين وفرض الحصارعليهم وضرب البنية التحتية لكوردستان، وحاولت إعادة الإقليم الى المربع الأول. فخططت وصنعت الأزمات، وبعد أن تم تهيئة الأرضية المناسبة للعدوان، وفى إطار أكذوبة ( خطة فرض القانون والدستور) تم إستهداف كركوك والكثير من المناطق الأخرى في 16/ إكتوبر/2017، وأعاد التاريخ نفسه بإسلوب أقذر ووجه أقبح.

  العدوان الجديد، أنذر بنتائج تهدد شعب كوردستان ومكتسباته المتحققة بأنهار من الدماء الطاهرة، ووصل وقاحة المعتدين الى درجة مساندة الجهات التي كانت تصر على عدم الحوار مع الكورد. وفي المقابل تجلت عظمة قوات البيشمركه وعزيمة وعقيدة الأيمان بالتضحية والنصر أو الشهادة من أجل قضية عادلة، ووقف المخلصون من أبناء شعب كوردستان خلف الرئيس مسعود بارزاني وحكومة الإقليم، وبحثوا عن أنبل تعبير وأكبر علامة فارقة ليسجلوه في التاريخ، فلم يجدوا غير رفض الإستسلام وعدم الإنحناء واللجوء الى المقاومة البطولية، وبعد الاستعداد العسكري والنفسي، كسروا أنوف الحاقدين وأحرقوا دباباتهم ومدرعاتهم المتطورة في الكثير من المواقع، ووجهوا صفعة مريرة الى وجوه المعتدين، صفعة أعادت تقييم صورة البيشمركه السياسية والعسكرية وصورة المواطن الكوردستاني الذي يأبى الإنحناء أمام العواصف، وأحال رغبات الحاقدين وأحلام الخونة إلى حطام وأطلال، وأصبح بدايةً لانطلاقة جديدة تستدعي التوقف وتأمل المعايير والإشارات التي تعتمد على قوة العقل السياسي الجرىء في لحظات التحولات التاريخية الكبرى .

أحدث المقالات