19 ديسمبر، 2024 2:43 ص

العقبات الآنية الرئيسة امام الاستفتاء في اقليم كوردستان

العقبات الآنية الرئيسة امام الاستفتاء في اقليم كوردستان

نتائج الاجتماعين الاخيرين بين المكتبين السياسيين للحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني برئاسة السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان واتصالهما ببعض القوى السياسية الكوردستانية الاخرى والمؤشرات والمعطيات على الارض والرسائل المتبادلة عبر وسائل الاعلام والبيانات بين اقليم كوردستان والاطراف الاقليمية والدولية التي توجت بالاجتماع الموسع لرئيس اقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني بممثلي السلك الدبلوماسي لاكثر من ثلاثين دولة في اربيل ، توحي بما لاشك فيه ان الاستفتاء سيجرى هذا العام في اقليم كوردستان بالرغم من المواقف المتباينة للاطراف المحلية والاقليمية والدولية.

لكن هناك عقبات امام عملية الاستفتاء اود الاشارة اليها عسى أن تؤخذ بنظر الاعتبار كي يقرر شعبنا الكوردي مصيره بشكل حر وديمقراطي من دون اية ضغوطات.

1- على الصعيد المحلي

لا يخفى على احد ان هناك ثمة مشاكل ومعوقات داخلية ربما ستواجه عملية الاستفتاء على المستوى المحلي ينبغي حلها قدر الامكان كي تجرى العملية بشكل سلس ومنحها زخما ودعما جماهيريا و وطنيا لتكون مقبولة من الغالبية العظمى للجماهير الكوردستانية .

على الصعيد السياسي هناك مشاكل وخلافات سياسية بين القوى السياسية ينبغي حل ما قابل منها للحل آنيا وترحيل المعقدة منها لمرحلة ما بعد الاستفتاء ، طالما جميع القوى السياسية الكوردستانية متفقة على الثوابت

والاهداف الستراتيجية كما تبين من الموقف الموحد للكتل الكوردستانية في مجلس النواب العراقي ازاء التصويت على القرار الخاص بانزال العلم الكوردستاني من المباني الحكومية في كركوك ، بالنسبة للاستفتاء وتقرير المصير لا خلاف بين جميع القوى من حيث المبدأ ولكن هناك وجهات نظر متباينة بشأن التوقيت وتداعيات العملية على مستقبل اقليم كوردستان والشعب الكوردي في المنطقة برمتها.

اذن لابد لجميع الاطراف الكوردستانية ان تتحلى بالصبر والحكمة وألاّ تبتز بعضها من اجل مصالح حزبية ضيقة على حساب مصير شعب قدم مئات الالاف من الضحايا في عقود من الكفاح المسلح المرير، وعلى الجميع ان يضع نصب عينيه المخاطر والتحديات التي ستواجه مصير شعبنا الكوردي في ظل الاوضاع الشائكة في المنطقة والصراعات الاقليمية والدولية على المصالح والنفوذ.

وعلى المستوى الاقتصادي ، هناك ازمة اقتصادية عالمية خاصة لدى الدول المصدرة للنفط وبالاخص في الدول ذات الاقتصاد الريعي والمعتمد على انتاج وبيع البترول في تمشية نظامها الاقتصادي مثل العراق .

اما اقليم كوردستان فعلاوة على تأثره بالازمة الاقتصادية والاقتصاد الريعي للعراق ، فهو يواجه مشكلة اخرى وهي قطع حصته من الموازنة العامة العراقية وقطع رواتب موظفيه فضلا على نفقات الحرب ضد الارهاب و استقبال مايقرب من مليوني لاجئ من مختلف مناطق القتال من العراقيين والسوريين ، لذلك فالاقليم يواجه ازمة مضاعفة ، وهذا يستدعي وضع خطط سريعة كفيلة للتخفيف من حدة الازمة الاقتصادية وحل على الاقل جزءً من

المشاكل المعيشية التي تواجه للمواطنين وبالاخص الموظفين لتتفائل وتتفاعل اكثرمن اجل انجاح العملية.

اما على الصعيد الامني ، اتصور ان اعداء الشعب الكوردي من الارهابيين والاجهزة المخابراتية للاطراف الرافضة للاستفتاء خاصة المتوجسين من اجراء الاستفتاء ، سوف لايقفون مكتوفي الايدي ازاء ما يجري في الاقليم وسيحاولونبشتى الوسائل وضع العصي في عجلة العملية وعرقلتها ، من حيث القيام ببعض التعرضات على الحدود او السعي من اجل بعض الخروقات الامنية في مدن الاقليم لترهيب المواطنين ، لذلك ينبغي الانتباه لهذا الامر المهم ووضع الخطط الامنية المحكمة للحيلولة من دون وقوع مشاكل امنية في الحدود وداخل المدن ، ليدلي المواطن برأيه في عملية الاستفتاء براحة البال .

المجال الاعلامي ، بالتاكيد اليوم الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لها تأثير مباشر على مجمل الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العالم ، والماكنة الاعلامية والحشود الفيسبوكية المرتبطة بالمتوجسين من الاستفتاء ستعمل في مختلف الاتجاهات لشن حرب نفسية ومضللة لخلق حالة من الفوضي واليأس بين شرائح المجتمع في الاقليم ، من اجل التأثير على نفسية المواطنين وتشتيت افكارهم خاصة فيما يتعلق برسم صورة سوداوية قاتمة لتداعيات الموقف بعد اجراء الاستفتاء ، لصرف انظار المواطنين عن العملية ، والسعي من اجل ثنيهم عن المشاركة في الاستفتاء وتقويضه ، لذلك ينبغي للاعلام الكوردستاني بمختلف توجهاته السياسية التركيز على امتصاص الحرب النفسية للاعلام المعادي وتوجيه الرأي العام وتشجيعه نحو المشاركة في الاستفتاء بوصفه قضية وطنية وقومية بحتة

تخص مستقبلهم و وضع حد للمشاكل والحروب والمعاناة التي رافقت حياتهم منذ اكثر من قرن من الزمن.

الحكومة العراقية وبعض القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية اعلنت موقفها مسبقا واعلنت معارضتها للاستفتاء وهذا بالطبع امر طبيعي جدا لما تختزله عقليتهم من الماضي وما تحمله تلك القوى من اجندات خاصة بها ، ولكن الاهم من ذلك هي انها لم تلمح الى اعاقة العملية بالسبل التقليدية اي العمليات العسكرية ، لان مرحلة استخدام السلاح لحل القضية الكوردية اثبتت فشلها على مر العقود الماضية ولم تعد مجدية واللهجة الحالية للاطراف السياسية التي تقود النظام في العراق هي تميل للتفاهم و الحوار اكثر من استخدام العنف ، لا ننسى العامل الدولي اليوم الذي لا يدعم فرض حرب جديدة على شعب كوردستان.

2- على الصعيد الاقليمي

ايران وتركيا هما العقبتان الرئيستان الحقيقيتان في طريق الاستفتاء نظرا لدورهما في الصراع الدائر في العراق والمنطقة ولوجود اجزاء من شعبنا الكوردي ملحقة بجغرافيتهم، وبالتاكيد الطرفان سيبذلان مافي وسعهما لاعاقة العملية ، لذلك على حكومة الاقليم والقيادة السياسية الكوردية التحاور والتشاور مع الدولتين لتبديد مخاوفهما من تداعيات العملية وبناء جسور الثقة معهما ، بتصوري الجانب التركي سيبدي مرونة اكثر من الايراني بسبب مصالحها الاقتصادية مع الاقليم وتجربة علاقاتها وتعاملها مع اربيل من جهة و الضغط الامريكي عليها من جهة اخرى ، لان ادارة ترامب يمكنها ان تضمن لانقرة بان الاستفتاء الكوردي لن يكون ورقة ضغط على انقرة مستقبلا ، فضلا على ان واشنطن بصدد لجم التمدد الايراني في المنطقة وبالاخص

في سوريا ولبنان واليمن لما تشكله ايران من تهديدات للمصالح الامريكية ، فضلا على سياسة الحزم التي تتبعها الادارة الامريكية الجديدة حيال طهران واذيالها في المنطقة ، وايضا دعم الدول الخليجية للموقف الامريكي ضد ايران.

اما الطرف الايراني فسيكون المتوجس الاكثر من قضية الاستفتاء لذلك ستسعى طهران بالضغط بشتى الوسائل ماعدا التدخل العسكري المباشر ، لانها لاتريد ان تشعل نار حرب جديدة بالقرب من حدودها وعدم منح واشنطن اية ذريعة لفتح جبهة عسكرية معها ، اذن طهران لا يمكنها التأثير المباشر على العملية وبالنهاية ستضطر الى قبول الامر الواقع مثلما قبلت قرار البرلمان الكوردستاني في بداية تسعينيات القرن الماضي بالتعامل مع المركز على اساس النظام الفدرالي وفي قضية تصدير النفط الكوردستاني للاسواق العالمية وحتى موقفها من قضية رفع العلم الكوردستاني لم يكن موقفها اشد من انقرة عدا ان وزارة الخارجية الايرانية اصدرت بيانا واكتفت بالقول ان رفع العلم الكوردستاني في كركوك قضية غير دستورية وغير قانونية.

اما بالنسبة لسوريا ، فنظام الاسد سائر نحول الزوال والادارة الامريكية مصرة على عدم بقائه في مرحلة مابعد داعش الارهابي ، لذلك هذا النظام ليس في وضع يمكنه التأثير على الاستفتاء الكوردي.

على الصعيد الدولي:

الموقف الدولي من الاستفتاء لحد الان ضبابي واتصور ان الادارة الامريكية وبريطانيا القوتان الرئيستان في التأثير على اوضاع المنطقة اذا لم تكونا

داعمتين فهما لا تقفان بالضد من الاستفتاء ، لان الكورد اثبتوا صداقتهم لواشنطن ولندن والعالم الحر اجمع في الحرب ضد الارهاب والموقف الكوردي يتماشى ويتناغم مع السياسة والمصالح الامريكية والبريطانية في المنطقة ، اما الدول الاوربية التي ايضا لها نفوذ في المنطقة فبرغم عدم اعلانها التأييد للاستفتاء ، الا انها اتخذت الصمت حيال العملية ، وبحسب القول الشائع (السكوت علامة الرضا) ربما هي غير معارضة الا انها لا تريد ان تعلن رأيها بشكل صريح بسبب عدم الاحراج في حال حدوث اية متغيرات في المواقف الدولية ازاء العملية في المستقبل.

تبقى روسيا التي ربما تتعارض مصالحها مع الولايات المتحدة في المنطقة كما يحدث الان في الشأن السوري ، الا انها في قضية رفع العلم الكوردستاني في كركوك اعلنت انه شأن عراقي داخلي وينبغي ان يحل بالحوار والتفاهم بين الطرفين ، واتصور في قضية الاستفتاء لن تؤيد بشكل رسمي ولكنها ايضا لا تعارض العملية نظرا للواقع الجديد الذي يفرض نفسه على المنطقة والطبخة المهيأة لها خلف الكواليس.

بالنظر لما ذكر ، ينبغي التوجه والعناية لتلك المعوقات والسعي لتهدئة الاجواء على جميع الصعد لاجراء العملية بهدوء وبعيدا عن التشنجات مع الداخل ومع الدول المحيطة وكسب ود الجميع والايحاء بان الاستفتاء هو في صالح شعوب المنطقة ومصالحها قبل ان تكون لصالح الشعب الكوردي الذي تعايش معهم منذ الاف السنين بسلام و وئام.

أحدث المقالات

أحدث المقالات