“تشير الروايات أن السبب الحقيقي في لبس العقال عند العرب، خاصة في بلاد الشام ومن ثم في الجزيرة العربية، انه عندما طرد العرب من الأندلس قبل أكثر من 500 عام، قام العرب المسلمون في الشام بعصب رؤوسهم بقطع من القماش الأسود، وذلك تعبيراً عن الحزن العميق لضياع الأندلس، وما أصاب المسلمين من قتل وطرد آنذاك “وتوارثت الأجيال تلك العصابة السوداء، وتحولت مع مرور الوقت إلى العقال بالشكل الذي هو عليه اليوم، وصار من مقومات اللباس العربي.
الى ان اخذ العقال في زماننا الحاضر بعداً اخر، حيث أصبح مكملاً للباس الشعبي.. وبعض الدول العربية اتخذته زيا عسكريا رسميا في مؤسساتها العسكرية دلالة على الهيبة والتقدير والاحترام والسيادة الوطنية المصانة..فلا سيادة من دون كرامة ولا كرامة من دون قيم للاصالة والشجاعة العربية
ولا بد من وجود دلالة رمزية ومرتكز مؤثر في حياة الافراد يضاف الى القيم والمفردات والمفاهيم العربية والاسلامية، ويمثل العقال قيمة معنوية كبيرة ورمزية لدى العرب ، حيث يدل على الرجولة والشهامة والسيادة ، فعندما تجتاح الارض من غازي او معتد وتستباح وتهان الكرامة ينتكس العقال من هامات الرجال الاوفياء حتى يقوموا بتحرير ارضهم واستعادةكرامتهم وارضهم وهذا ان دل انما يدل على الغيرة والحماسة وقيم الاصالة والشجاع العربية، وعند رمي الرجل لعقاله في مجلس القبيلة أو المجالس العادية، فإنه لا يعود للبسه إذا قام أحد بجرح كبريائه أو كان له مطلب يريد تحقيقه، إلا إذا عاد إليه اعتباره ولبى له طلبه، ويرى أنه غير جدير بلبس العقال إذا ما لم يتم ذلك. كما أنه يمثل مكانة عظيمة عند الفلاحين والبدو الذين لم يثأروا بعد لقتيلهم، فيحرِّمون على أنفسهم لبس العقال حتى يثأروا من خصمهم، فيعاودون لبسه لأنهم أثبتوا رجولتهم واستحقاقهم لرمزها. ولم تقف الظاهرة إلى هذا الحد وحسب، بل يعد اسقاط العقال من رأس أي شخص اهانة كبيرة له تقوم على اثرها خلافات عظيمة، بينما يمثل خلع العقال أو رفعه لأعلى الرأس، من مظاهر العزاء، او الاحترام الكبير
ويعتبر العقال العربي احد اهم الموروثات الاجتماعية في الحياة الاجتماعية في المحيط العربي للرجل العربي للذي يتقلده على هامة الرأس كونه يمثل حالة عليا من قيم ومبادئ العرب في الشهامة والشجاعة وقول الحق وهذه من امتيازات والضوابط الاخلاقية العربية التي يجب ان يتسم بها الرجل العربي مشروطا بهذا اللباس العربي في القبيلة والذي يأخذ دوره الاجتماعي والاخلاقي والانساني في حل النزاعات و الخلافات والمشكلات بين الأطراف المتنازعة وان يكون وجيها في الدنيا واحد المتصدرين للمسؤولية القبلية والاجتماعية في تمثيل الدور والمسؤولية الاجتماعية والقبلية على الجانب الانساني والاخلاقي في تثبيت دعائم المجتمع القبلي وشرائعه واعرافه وان يكون ناطقا بلسان الحق أمام قومه وأتباعه ومجتمعه..
ومعلوم أن العقال في الماضي كان حكراً على الملوك والأمراء والشيوخ والتجار، كما ذكرت المصادر بعض المصادر التاريخية حيث كان ارتداء العقال مقصورا على الملوك والشيوخ وطبقة التجار في اشارة للمكانة الاجتماعية التي يتمتعون بها، فيما أصبح اليوم أمراً مشاعاً ويلبسه كل من أراد ذلك، بلا ضوابط او اخلاقيات لرمزية العقال ومدلولاته الوطنية والاجتماعية والأخلاقية، ومثال على ذلك الظاهرة التي انتجها النظام البائد في إنتاج” شيوخ التسعينات” الموالية له لا تتمتع بالشعور الوطني وبلا قيم او مبادئ تتصف بها والتي اشتهرت بالتصفيق والتملق للنظام ورموزه من الذين باعوا الضمير مقابل الصفقات المادية والامتيازات الشخصية او نتيجة ضغوطات الاجهزة القمعية والسياسات الترهيبية . والظاهرة تتجدد في كل زمان ومكان حسب ايديولوجيات الواقع الاجتماعي والسياسي وتأثيرها على المجتمعات المتخلفة .وكما يحدث اليوم من دعم وتأييد لبعض الاحزاب الفاسدة في العراق ورموزها من دعم وتأييد وتمجيد من قبل الجيل المستنسخ من شيوخ التسعينات واتباعهم..
وبالمقابل هنالك نخبة متميزة حافظت على مكانتها ومسؤوليتها ووجاهتها في الزعامة القبلية والوطنية وتصدرت موقع المسؤوليه الوطنية والتاريخية في المواجهة للظالمين والطواغيت والسلطات الجائرة والفاسدة وما حدث مؤخرا في مدينة ذي قار خير شاهد على رفض أمير قبيلة عبودة استضافة احد كبار القادة السياسيين مضيفا في تصريحه: بأنه لن يستقبل اي قائد سياسي ساهم في خراب العراق . والامثلة كثيرة في هذا الصدد.