إضافة عضو جديد للجامعة العربية لا يضر كثيراً. سيما وإن جميع مقومات الإنتماء متوافرة لديه. فمالذي يمنع أن تكون الدولة ”
الشقيقة” الجديدة عضواً مضافاً لدى جامعة الدول العربية و” العبرية “، بعد تغيير طفيف في الميثاق. وأوجه التفاهم موجودة لتوافر كثير من المفردات بين اللغتين، وكلاهما سامية. أضف أنه لا ينكر أحداً في الموروث التأريخي أن كلاهما أيضاً يعودان الى أب واحد هو “ابراهيم الخليل” وإن أختلفت الأمهات. زِد على ذلك أن المنطقة، بهذا الفعل التأريخي، قد أستوعبت أبناء العمومة. وتلاقت المصالح الإستراتيجية، والإقتصادية، ولم يتبق إلا ترويض المنهج الثقافي، ليستوعب الدولة العبرية. سيما وأن هناك مخاطر مصيرية، كبيرة، وخطيرة جداً على وجود العرب، وأسرائيل. من أطراف بعينها. أضف الى ذلك أن أعترافاً عربياً، وتمثيلاً دبلوماسياً منذ اكثر من ثلاثين عاماً، كان ومازال،معها، من دول عربية، وبمباركة دول عربية، خجولة. وأمام هذا الخطر” الإفتراضي” الذي يحيط ” بأسرائيل” وبالعرب، على حد سواء، وبقدة لا يعلمها إلا المخططين الإستراتيجيين، مما يستوجب الإتحاد. وكما قيل في الموروث، فإن عدو عدوي صديقي. لذلك فإن كل مقومات صداقة إسرائيل موجودة، وأسباب الخلاف معها لم يعد له وجود، والمسألة ليست إلا تطبيع للحالة، وبعدها التوكل نحو العدو المشترك.
لقد أثبتت التجربة، أن سقوط الدولة العثمانية، ما جاء إلا لإنشاء كيان إستيطاني في فلسطين. وإن الأنظمة العربية التي أنشأتها إتفاقية سايكس – بيكو، هي الأخرى، لم تكن إلا للتواطؤ مع هذا الكيان، وما الحروب العربية إلا لتوسيعه، ولسيطرته على كامل أرض فلسطين، ولم نكن بذلك قد جانبنا الحقيقة، التي أُفرزت على الأرض. والمرحلة الحالية، وإفتعال أزاماتها، ما هي إلا إعلان تدشين للمشروع القادم. وهو القيادة الإسرائيلية لعموم المنطقة العربية. وقد توج بقمة معلنة بهذا الشأن، قام بتبليغها الرئيس الأمريكي ترامب الى القيادة الإسرائيلية، علناً، ودون أي حياء. والآن تنبري الماكنة الإعلامية العالمية، الذي يقودها المال الصهيوني ” اليهودي”، ومن وراءها الماكنة الإعلامية العربية ” مدفوعة الثمن”، في ترويض جماهير العرب لهذا المفهوم، ونقل مفهوم العدو الإسرائيلي نحو عدو آخر مختلق.
لسنا مع ذات اليمين، ولا مع ذات الشمال، في مشروعهما. ولسنا في طبيعة الحال مع المشروع الإسرائيلي، المعلن هدفه، ومساحاته، وخرائطه، التي يحاول العرب إغماض العين “الكليلة” عنها. فإسرائيل لن يرضيها عروض العرب المهينة، والصادرة من موضع الضعف والإستجداء. ولن يرضيها الدخول في الجامعة العربية، مع أبناء العمومة المفترضين. ومشروعها، ظاهر للعلن، مدروس، وواضح المعالم. وأرض فلسطين لا تكفي لشتات اليهود البالغين ثلاثين مليون يهودي، الموعودين بأرض الميعاد.
قد يتسائل البعض، مالذي يدفعنا الى مثل هذه الفوضى. غير دق طبول حرب في غير موضعها. وإنشاء تحالفات مع الذئاب. كيف يمكن أن يطمئن العرب الى إسرائيل، لكي ندخلها بيوتنا، دون أدنى ثمن. سوى أن ندفع نحن، وليسوا هم، وذلك، في تصفية ما تبقى من الارض الفلسطينية. ولعل الكثيرين يَرَوْن مشروع أسرائيل بالإستيلاء على الضفة الغربية، بأجمعها، واضح للعيان. وأعلان الدولة الفلسطينية في غزة، الخاصة، فقط. والثمن الآخر هو في إنهاء اي مشروع مقاومة لإسرائيل، وذلك بإنتهاء القضية أصلاً. والتحول نحو خلق عدو جديد، “إفتراضي” تهدر لأجل مقاومته جميع القدرات العربية، بشكل مماثل لهدر قدرات العرب خلال قرن ماضٍ من الزمان.
إن العرب بتحالفهم الجديد، مع إسرائيل، إنما يعلنون أمام الملأ، تصفية القضية الفلسطينية وفق الحل الإسرائيلي لها، دون قيد أو شرط. ولن يتفاجىء احد، إذا ما كانت التسوية، بترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية، الى الوطن البديل، الذي كان يعلن عنه، على إستحياء، في الأردن. أو لعله في الإقليم السني في العراق. ويكون بذلك قد تم التمهيد للعضو الثالث والعشرين للدخول في جامعة الدول العربية، بإحتفاء مهيب. أما خطورة هذا الفعل، فنتركه للتأريخ القريب.