ورد في مقدمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي:
لا بد من حماية حقوق الإنسان من خلال سيادة القانون حتى لا يضطر الإنسان إلى التمرد على الظلم والاضطهاد كخيار أخير.
كما أن المادة 5 من هذا الإعلان تنص على أنه لا يجوز تعريض أي شخص للتعذيب أو للعقوبة أو أي سلوك تعسفي لاإنساني أو للإهانة.
وبنظرة سريعة على أداء حكم الملالي الحاكم في إيران على مدى 40 عامًا، يتضح لنا أنه تم فرض الخيار الأخير على الشعب والمقاومة الإيرانية للتصدي للظلم والاضطهاد الديني. وآخر خيار لمجاهدي خلق، أي المقاومة الإيرانية هو مواجهة القمع التعسفي الذي يتبناه النظام الفاشي مهما كان الثمن. وفي 20 يونيو 1981 أيضًا كان خيار المقاومة هو الحل الوحيد.
إن الفاشية الدينية الحاكمة في إيران لها العديد من الخصائص التي تميزها عن جميع الحكومات الفاشية في تاريخ الأمم. والخاصية الأبرز لهذه الفاشية الدينية هي مناهضتها للبشرية.
وفاشية ولاية الفقيه تخالف حتى ما ينص عليه دستورها ولا تعترف رسميًا بكافة المبررات المتعلقة بأي نوع من الحرية وتقمع الحريات بأشد الطرق قسوة. ومناهضة الفاشية الدينية للمرأة وقمعها ناشئة من هذه الخاصية.
ومن المظاهر الأخرى لمناهضة الملالي وقوات حرس نظام الملالي للحريات؛ حرمان السجناء من حقوقهم الملحة، وعلى وجه التحديد السجناء السياسيين في السجون الإيرانية المرعبة، التي تذكرنا بالزنازين السوداء في العصور الوسطى، حيث أنهم لا يتمتعون بأدنى الحقوق الإنسانية. ولهذا السبب، شهدنا في الآونة الأخيرة بعض الحالات من الفوضى والعصيان في بعض السجون الإيرانية.
وبدأ عصيان السجناء قبل أسبوعين من سجن بارسيلون في خرم آباد، وفي اليوم التالي حدث عصيان في سجن مدينة أليكودرز، ثم استمر العصيان في سجون تبريز وسقز وهمدان ومهاباد وعادل آباد في شيراز وسبيدار وشيبان في الأهواز، وأرومية وفشافويه في طهران وغيرها من السجون الإيرانية.
هذا ويشير العصيان والهروب من السجون الإيرانية إلى مدى الظروف اللاإنسانية للغاية التي تسود سجون نظام الملالي. والجدير بالذكر أن هذا النظام البربري من منطلق وجهة النظر الفاشية القروسطية حرم السجناء من أدنى الحقوق الإنسانية، ويمارس حراس السجون المتخلفين أي إجراء لا إنساني ضد السجناء من إذلال وإهانة حتى الضرب والسب والتعذيب والحرمان من الأدوية دون أي قيود وعدم السماح لهم بلقاء ذويهم وحرمانهم من الإجازات وغير ذلك.
هذا ويصنف نظام ولاية الفقيه الفاشي السجناء السياسيين على أنهم “سجناء أمنيون” ومجموعة من المتمردين والأوغاد باعتبارهم أعداءًا للإسلام، وبمقتضى هذا الاتهام الذي فبركه الملالي يتم تسليمهم إلى فرق الإعدام رميًا بالرصاص أو فرق القتل شنقًا. وتشهد مذبحة 30 ألف شخصًا من السجناء السياسيين في صيف عام 1988 تلبية لأوامر خميني على صحة هذا الادعاء.
إن السجناء العاديين (غير السياسيين)، وهم بشكل عام من أفقر طبقات المجتمع وأكثرهم حرمانًا وترتبط جرائمهم بشكل رئيسي بالمخدرات والجرائم الاجتماعية مثل السرقة، جميعهم أيضًا ضحايا هذا النظام اللاإنساني الذي يتسبب في ازدياد عددهم يوميًا، لدرجة أنه لا توجد أسرة كافية لهم في سجن فشافويه بطهران، ويضطر السجناء إلى النوم على الأرض أو تحت الأسرة المكونة من طابقين أو ثلاثة طوابق، ويعانون من وضع مقلق للغاية صحيًا وعلاجيًا وغذائيًا.
وفي مثل هذا الوضع السيء، اجتاح فيروس كورونا الفتاك السجون في جميع أنحاء إيران، وينتشر كل يوم. وفي ظل هذه الظروف، نجد السجناء محرومون من الحد الأدنى من الإمكانيات الصحية والعلاجية، وليس لديهم القدرة على الحفاظ على أنفسهم من غزو هذا الفيروس الفتاك للسجون. وفي ضوء هذه الظروف السيئة، ساد الخوف والقلق من الموت بين السجناء المشردين العزل لدرجة أنهم مضطرون إلى الخيار بين الموت في السجن جراء الإصابة بفيروس كورونا أو القتل برصاص حراس السجن القمعيين أثناء العصيان والهروب من السجن.
وهكذا يصرف السجين النظر عن حياته ويبادر بالعصيان والهروب من السجن كآخر خيار له.
ونتيجة لتفشي فيروس كورونا وإمكانية انتشاره بين السجناء بسبب عدم منحهم إجازات، قاموا بالعصيان في بعض السجون وتمكن عدد منهم من الهروب، ولسوء الحظ العاثر قُتل بعضهم وجرح البعض الآخر.
وعلى الرغم من أن العصيان في سجون النظام الفاشي في إيران ناجم عن الظروف الصعبة للحياة في السجن واقتحام فيروس كورونا كدافع ضروري للمبادرة بالهروب، إلا أن الشرط الكافي الذي منح السجناء الدافع والجرأة على العصيان والهروب من السجون راضين بتعريض أنفسهم للموت هو مناخ الثورة الملتهبة للغاية في المجتمع الإيراني بأسره، حيث عقد عامة الشعب العزم على طرد فيروس كورونا وفيروس ولاية الفقيه من البلاد مهما كان الثمن نظرًا لأن الظلم والقهر والاضطهاد والفقر والبطالة والأزمات الاقتصادية والإدارة الحمقاء لنظام الحكم أثقلوا كاهلهم.
والحقيقة هي أن السجن ليس ظاهرة منفصلة عن المجتمع بأسره، فما يحدث في السجون الإيرانية هو صورة للوضع المتأزم في المجتمع الإيراني برمته، خاصة وأن السجناء وجدوا مساعدة من حراس السجن في بعض حالات العصيان والهروب من السجون لدرجة أن مسؤولي النظام الفاشي أعلنوا عن اعتقال أربعة ضباط من سجن سقز.
وفي الواقع، يرسل السجناء بعصيانهم وهروبهم من السجون رسالة إلى المجتمع مفادها أنه يتعين على الإنسان عند الاختيار بين الموت بالإصابة بفيروس كورونا أو الموت سعيًا للحصول على حريته؛ أن يختار الخيار الثاني. ولمواجهة هذا الأمر تذرع خامنئي بحجة مواجهة فيروس كورونا وأصدر الأوامر رسميًا لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التي تقع تحت قيادته بتشكيل مقر كورونا الأمني، مما يعني أنه اتخذ خطوة عسكرية قمعية علنية ضد الشعب. إن خامنئي، الذي يدرك جميع القضايا والأحداث وأبعاد المعارضة والاحتجاجات الاجتماعية، قلق للغاية من الانتفاضة الكبرى المحتملة، ويرى مشهد الإطاحة الحتمية به.
وحول تفشي وباء كورونا في إيران والعصيان في السجون، وجه قائد المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي، نداءًا للشعب الإيراني والسجناء في رسائل متعددة للاحتجاج في كل حي وزقاق ومعتقل، وأن يستولوا على الإمكانيات الصحية والطبية التي تحتكرها قوات حرس نظام الملالي القمعية ويقدمونها للشعب.
وحول السجناء وعصيانهم قالت رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي، في تغريدتها على تويتر: “إن حكومة الملالي تعتزم القضاء على السجناء باحتجازهم في ظروف صحية خطيرة للغاية وتكدس أعدادًا كبيرة تفوق العدد القياسي للسجناء في الأجنحة والزنازين وتمنع فحص المرضى، وترمي من وراء هذا السلوك اللاإنساني إلى أن تمحي السبب في المشكلة أسوة بما حدث في مذبحة 30 ألف سجين سياسي عام 1988.
ودعت رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي المفوضة السامية لحقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران والهيئات الدولية الأخرى ذات الصلة إلى اتخاذ إجراءات فورية لإجبار نظام الملالي على الإعلان عن حالة المصابين والسجناء المفقودين ومكان احتجازهم. وقالت السيدة رجوي: يتعين على نظام الملالي إطلاق سراحهم جميعًا، وهذا هو الحل الوحيد لإنقاذ السجناء من الاصابة بفيروس كورونا.