16 سبتمبر، 2024 10:00 م
Search
Close this search box.

العصر البرونزي للذهب الأسود!!

العصر البرونزي للذهب الأسود!!

كتبت مقالة قبل أربعة سنوات نشرتها العديد من الصحف تتحدث عن ماذا سيفعل العرب عندما سيصل سعر برميل النفط لأقل من عشرة دولارات , وأعيدَ نشرها قبل عام , واليوم أعود إلى جوهر فكرتها لأنها تقدم قراءة نفسّلوكية للواقع الطاقوي في الأرض.

والمقالة مبنية على حقائق واقعية تطورية , خلاصتها أن النفط سيقتل الحياة على الأرض , وإنه وجد ليكون في باطنها لا فوق سطحها , وكأنه طاقتها التي تساهم في إدامة الدوران وتغذية محركاتها , التي لا نعلمها ولا ندريها.

وكما هو معروف فأن القرن العشرين كان عصر حضارة النفط , ولا يمكن للقرن الحادي والعشرين أن يستمر على ذات الإيقاع , لأن الأرض لا تحتمل ذلك إطلاقا , وقد إستشعرت البشرية هذه المعضلة المسماة بالإنحباس الحراري , الذي ربما سيدمر الحياة على الأرض إذا إرتفعت درجة الحرارة بمعدل درجة مئوية أو درجتين , ولهذا تم عقد مؤتمر باريس في الثلاثين من شهر تشرين الثاني عام ألفين وخمسة عشر , للتصدي لهذه الظاهرة , وخلاصة ما يُذهب إليه أن على البشرية أن تقتل النفط قبل أن يقتلها.

ومن الواضح أن نشاطات البحث عن الطاقة البديلة تكللت بنجاحات تنافسية متواصلة , أخذت تؤثر على المصنوعات وخصوصا المحركات بأنواعها , والتي تشهد ثورة غير مسبوقة , وسيتم إنتاج أجيالها الجديدة العاملة بطاقة أخرى غير النفط , كما أن الطاقة الشمسية والهوائية والموجية والضوئية والمغناطيسية والكهربائية والنووية والحجرية , وغيرها الكثير جدا من مصادر الطاقة , بل أن الطاقة القمرية سيكون لها دور , وكذلك المد والجزر ومما لا يخطر على بال المخمورين بالنفط.

وهذا يعني أن أسعار النفط ستمضي في إنحدارها وتداعيها , رغم تفسيرات المحللين والمختصين بالتسويق النفطي , والذين يحسبون السبب إقتصاديا وأحيانا سياسيا , وفي واقع الأمر أن سعر النفط قرارا سياسي , أكده ما حصل له في السنوات الخمسة الماضية , حيث تجاوز المئة دولار للبرميل الواحد دون مسوغ إقتصادي سليم.

واليوم إنحدر إلى ما دون الأربعين دولار للبرميل , ومن المحتمل أن يهبط إلى ما حول العشرين دولار للبرميل , وهذا يعني أنه قارب من سعر العشرة دولارات , لأن كلفة الإستخراج ستتوازى مع سعر البيع أو أن الفرق لن يكون بجدوى إقتصادية كبيرة.

وبعد مؤتمر باريس لن تقوم قائمة للنفط , وعلى الدول النفطية والعربية خصوصا أن تستحضر طاقاتها العفلية والإبداعية , وتفكر بمشاريع أخرى إنقاذية لحماية وجودها , لأن ما عندها من الأموال سينفذ في السنوات الخمسة القادمة , وبعضها أصيب بضربة إقتصادية قاصمة كالعراق والسعودية , وباقي الدول ستكون على قائمة الإنهيارات الإقتصادية التي ستعصف بدول النفط كافة.

فهل ستتمكن من وعي حقيقة ما يدور في العالم , وهل ستبقى تبني مشاريعها وفقا لتحليلات واهية مخادعة وإيقاعية ما أثبتت صحتها على مر الأعوام.

وما سيصيب المنطقة العربية سيكون كبيرا جدا ووخيما , إن لم تشد الأحزمة على البطون, وتتفاعل بإرادة متوحدة متكاملة معتصمة بمصالح مواطنيها ومستقبلها.

ويبدو أن الدول النفطية تعيش في حالة الصدمة والنكران , وهذا موقف سلوكي خطير سيحولها إلى فرائس سهلة للضواري المتأهبة للإنقضاض عليها.

فهل سيستيقظ أهل النفط من سكرة النفط؟!!

أحدث المقالات