18 أبريل، 2024 5:00 ص
Search
Close this search box.

العصرانية وما بعدها قد يطرحان خارطة طريق لتطور الشعر السوداني المعاصر

Facebook
Twitter
LinkedIn

الدكتور احمد عكاشة احمد فضل الله باحث في الثقافة السودانية لاهاي
يندر ان تتاح الفرصة للشاعر السوداني المعاصر فرصة اكتساب مهارات ثقافية وفكرية لذاته ولجمهور الشعر.وهي مهارات لازمة لتطور الشعر السوداني في القرن 21 والحيثية الرئيسية لهذا المقال هي ان الشعر السوداني طوال القرن الماضي ظل محبوسا في اطار الرومانسية الشعرية ان افاق تطوره قد توجد او لا توجد في دخوله مرحلة العصرانية الشعرية او ما بعدها .

في ما يتعلق بالعصرانية الشعرية في السودان كما في ( سائر البلدان العربية ) يخلط بينها وبين تعريف الحداثة ( الذي ينطبق في الاساس على الاقتصاد والمجتمع) وتعريف الحداثة هو تسمية تدل على ترتيب زمني للتطور اجتماعيا واقتصاديا اما ثقافيا المطلوب هو ابراز خصائص للادب والشعر في فترة تبدا في بدايات القرن العشرين الى حين عهود الفاشية والنازية ولما لم تاتي العصرانية باسئلة حاسمة استبدلت بما عرف ببعد العصرانية والان نستخدم مفهوم العصرانية كمرحلة لم يعرفها الشعر السوداني على الرغم من بعد اثرها على الشعر

في تلك الفترة الباكرة من القرن العشرين عرف الشعر السوداني الرومانسية الشعرية عبر معرفته بالرومانسية الشعرية العربية وقد كانت للرومنسية العربية معرفتها المباشرة بالرومانسية البريطانية والاخرى الفرنسية مثال( شعر خليل مطران ) وكذلك عرف شعراء المهجر الرومانسية الامريكية مثال جبران خليل جبران وكذلك عرف الشعراء السودانيون شعر وشعراء جماعة ابولو ومثل جميع هؤلاء الشعراء التزم شعراء السودان في القرن العشرين بالعاطفة الجياشة كمصدر اصلي لجماليات الشعر ومنذ بداية القرن الماضي جعل الشعر السوداني قوة المشاعر والعواطف والخيال الجامح مصدرا حقيقيا واصليا للتجارب الجمالية لكافة انواع الشعر .

وكانت للشعر السوداني في القرن العشرين نجاحاته ومن بين هذه :

_ارتباطه بالعصر والفكر والاتجاهات الشعرية المعاصرة (واهمها ارتباطه بالرومانسية عالميا وعربيا)

_تخليه بوعي تام وادراك عميق على الاساليب الشعرية التقليدية

_الجراة على تجريب مختلف الاشكال الادبية والتعبيرية

_بحث الشعراء عن مدارك جديدة تنتمي للعصر عبر التعليم والتثقيف الذاتي

_سعى الشعراء لدقة التصوير وحبذوه بل تنافسوا في التنافس في ما يتعلق بهذه الاجادة

_استخدموا تقنيات متجددة للانشاء ادبيا ولجؤوا لمصادر غير تقليدية للالهام شعريا وحاولوا جهدهم لايجاد صور شعرية دقيقة مانظموا

هذه هي نجاحات الشعر السوداني في عهود مضت ولا يمكن الركون الى النجاحات السابقة بل يجب تحقيق المزيد منها خاصة اذا ما تعلق الامر بتطور الشعر

ويلحظ الان ازدحام الساحة الادبية باعمال روائية تلهف وراء نجاح سبق ان حققه الطيب صالح عالميا واقليميا وتعج الساحة الشعرية بشعراء يقال بنيلهم جوائز الشعر عربيا ودوليا ولم ينعكس كل هذا على تطور الشعر او على تحريكه فكريا وجماليا وعلى هؤلاء تقع مهمة المضي قدما بالشعر السوداني .

لا يزال الشعر السوداني على رومانسيته ولا شيء يدل على هذا قدر تحبيذنا للشعر العاطفي .تحرك الشعر الانساني وواصل تطوره ومن اهم المتغيرات التي طرات عليه هي العصرانية الشعرية ومذاهب ما بعد العصرانية وشملت الادب والشعر والفن وارتبطت هذه التطورات بمدى تصدي كل مذهب عصراني او بعد عصراني على تطورات العصر الهامة ومنها الحروب العظمى والعدوان الفاشي والتقدم التقني وتوحد الانسان وقتامة الطبيعة الانسانية وضرورات التجديد الادبي والفني

ولعل الشعر السوداني لو طرق بعض سبل المذاهب الشعرية المذكورة اعلاه لعله يضيف الى نجاحاته السابقة نجاحات جديدة وهو شعر يستحق ان يعرف عربيا او دوليا وقد كانت له بعض النجاحات منها :

سماحه بالتعبير عن العواطف الذاتية ومن عوامل ضعفه ان هذا عذ فردانية تجب ادانتها وجرت محاولة استبدالها بواقعية مؤدلجة سياسيا .

كان الشعر السوداني في عهود سابقة قد اكتسب التلقائية والعفوية في التعبير شعريا ومؤخرا قيد وقمع كما قمعت سائر اوجه الحياة والمجتمع والثقافة .

منذ عهد باكر اهتم الشعراء بالمسرح وبالادب الفولكلوري ولعل مؤخرا نذر لشاعر سوداني طرق باب معالجة هذه القضايا .

هذه النجاحات سبق ان حققها شعراء سودانيون نجباء وطالت قامتهم ابرزهم التيجاني يوسف بشير مرورا بالعباسي وحمزة الملك طنبل والناصر غريب الله وادريس جماع ومحمد علي والهادي ادم اوردناهم للتدليل على القبول الواسع الذي لقيه الشعر في المجال الاقليمي وقد تكون بعض اشعارهم قد لقيت طريقها للشعر العالمي عن طريق الترجمة.

ترى ما يمكن للعصرانية ان تقدمه من سبل التطور بحيث يختار الشعر السوداني من بينها ليفتح طريق امام تطوره

يمكن للحركة الشعرية العصرانية ان تساعده على اسقاط كافة السبل التقليدية للعرض والتعبير وان تمده بمدارك جديدة من احدث ما انتجه العصر كما حبذ الشاعر العصراني الرائد عزرا باوند ايجاز الصور وحرية النظم فقد يساعد المبدئان الشعراء السودانيين على تطوير نظمهم وكما تميزت عصرانية ايليوت بالوعي الذاتي المتزايد واتجهت نحو اكتشاف الجانب المظلم من الطبيعة الانسانية فقد تساعد مثل هذه العصرانية الشعراء في تفهم ضرورة السلم والتضامن بين الناس والحب بين الناس في عصر ال فيه امر السودان للنزاع والاقتتال والتمزق هذه هي بعض خصائص العصرانية الباكرة ويجب الاخذ بالاعتبار ان لفظ العصرانية يشمل عددا اكبر من المدارس المتداخلة فيما بينها وكذلك توجد الفوارق بينها وكذلك توجد درجات متفاوتة بين التمازج بينها ومن بين هذه المدارس التصويرية والرمزية والمستقبلية والتكعيبية والسريالية والتعبيرية والدادية وهذه مدارس هجرت الرومانسية ويمكن للشاعر السوداني الراغب في تطوير شعره الاطلاع على نهجها ومعالجاتها لقضايا الشعر ولا يمكن لاحد التاثير على خياراته التي هي حرة وملكه وحده .

ما يمكننا قوله الان هو اختصار خيارات هذه المدارس بعد هجر الرومانسية

_لقد اهتمت جميعها لما هو داخل الذات والوعي

_اهتمت جميعها باثار التقدم على الحياة البشرية وتطرقت لمشكلة الاقتراب والتوحد انسانيا

_احتفت جميعها بالانسانية واقرت جميعها بالقوة الذاتية للانسان

_لاحظت جميعها فوضى الحياة ووقعها الثقيل على النفس البشرية

_اهملت جميعها الوعي الاكبر (الظاهر) واهتمت بالوعي الاصغر (الباطن)

_ لم تتهيب ولم تتردد في تطبيق السبل الثورية لقرض الشعر

لعلنا بالتطرق لهذه المدارس وسبلها نكون من حيث لا ندري عددنا عوامل ادى اهمالها الى تخلف الشعر السوداني ومنعته من دخول مراحل ما بعد الرومانسية الشعرية.

ما ينتظر الشاعر السوداني والشعر السوداني القيام بمهام شاقة الا انها تستحق ان تجسد خدمة لادب وثقافة شعب عظيم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب