23 ديسمبر، 2024 9:34 ص

العشيرة والامن.. استقرار ام انفلات

العشيرة والامن.. استقرار ام انفلات

ما زالت العشائر العراقية تلعب دورا موازيا للدولة وذلك من خلال تبادل الأدوار ، فكلما ضعفت سلطة الدولة زادت قوة العشيرة وسطوتها وخصوصا في اوقات الأزمات والحروب والتوترات السياسية ، بينما تتراجع قوة العشيرة وسطوتها في اوقات السلم والاستقرار وفرض سلطة القانون.
ورغم ان العشيرة تشكل وحدة اجتماعية قائمة وفاعلة لها شخصيتها المعنوية في المجتمع العراقي.. الا ان هذا النفوذ الاجتماعي والثقل السياسي اقترن مؤخرا باستخدام السلاح وتصرفات ما انزل الله بها من سلطان ، وهذا ما اشارت اليه المرجعية الدينية في الخطبة الثانية للسيد احمد الصافي يوم الجمعة الماضية التي اوضح فيها ان التجاوز على الكوادر الطبية والتعليمية وعلى اقارب الجاني وفرض ديات كبيرة قضايا لا تمت الى الشرع بصلة ، وعلى ما يبدو ان تغول النفوذ العشائري بشكل كبير بعد دخول داعش الى الموصل قبل ثلاثة سنوات يعود لسببين:
الاول – ضعف الدولة وانشغال قواتها بحماية العاصمة بغداد وتحرير الموصل والانبار.
الثاني – خوف العشائر على وجودها ومحاولة اشغال فراغ الدولة وبالذات في محافظات الفرات الاوسط والجنوب.
وعلى ما يبدو فان هذا الواقع اصبح معقدا بشكل واضح بعد ان بدأت بعض العشائر السعي للعمل محل سلطة القانون والدولة من خلال فض نزاعاتها بالقوة وباستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة وبسط سلطتها على مناطق ونفوذ العشائر الاضعف.. وللأسف اصبحت هذه القضية واقع حال مع تغاضي كبار المسؤولين في الدولة وبعض المسؤولين الأمنيين عن التجاوز على الأمن والاستقرار بقطع الطرق وايقاف الحياة العامة والانشغال بالثأر والاشتباكات المسلحة ليلا.
لكن الحل لن يأتي بتهميش العشيرة او الحد من دورها الاجتماعي المهم ولا من خلال تشريع يمنحها قانونا خاصا بها تحكم به بشكل منفرد عن القانون الرسمي مثلما شرعه الاحتلال الانكليزي عام ١٩١٧ ، بل الحل يأتي من خلال الآتي:

1.      تفعيل الاجراءات القضائية الرامية لتطبيق القانون وفرضه بالقوة على كل من يتجاوز عليه؛ دونما استثناء.
2.      جمع السلاح المتوسط وتقنين انتشار السلاح الخفيف وتنظيم توزيعه والحد من استخدامه.. في مناطق الوسط والجنوب وحتى من عشائر المحافظات المحررة بعد القضاء على داعش حتى لا تتكرر نفس المشكلة.
3.      استمالة كبار الشيوخ العام والعمل معهم للحد من تجاوزات الطارئين على العشائر او من يسيئ اليها باسم العرف العشائري.
4.      العمل على إشاعة ثقافة القانون والالتزام به من خلال تجمعات تثقيفية في مناطق النزاعات.
5.      الحاجة الى القدوة الحسنة التي يمكن ان تكون مثلا يحتذى به عند العشائر في الجلوس الى الحق والتسامح بين ابناء العشائر المتنازعة.
6.      تفعيل دور الاعلام في تسليط الضوء على التداعيات السلبية للنزاعات العشائرية وكشف اسماء المتسببين فيها امام الرأي العام.
وهذه الحلول لن تأتي بعمل منفرد او قرارات ارتجالية او تعمل كل واحدة بمعزل عن الاخرى.. فالعشائر جزء رئيسي من المجتمع وهي ميزان الأمن في غياب الدولة ، لكن بعض عشائر اليوم هي سبب انفلات الامن في وجود الدولة وانشغالها بمحاربة الارهاب ، فهل من يوقفها؟؟؟.