يبدو إن الإمبراطورية العثمانية تسعى إلى استعادة أمجادها المتمثلة بالسيطرة على الوطن العربي، ولكن هذه المرة ليس بالقوة وإنما عن طريق ملأ العقول الفارغة بما تشاء هي من قيم وأفكار مسمومة ومدمرةن الهدف منها طمس الهوية العربية وتشويه القيم والأعراف التي نشئنا عليها وبالتالي تكون أجيالنا دمى تحركها كيفما تهوى من خلال مسلسلاتها التي أعدت خصيصا لنا وتم اختيارها بعناية فائقة من قبل أناس يعملون بكل جد واجتهاد من اجل أهداف مرسومة ومعدة لهذا الغرض، ونحن وللأسف الشديد من سذاجتنا نترك كل اعمالنا ومصالحنا من اجل التهيؤ بكل جوارحنا بعد اعداد مستلزمات السهرة انتظارا لمسلسل تركي تتحدث عن خيانة زوجة مع ابن أخ الزوج (زنا المحارم) والمشكل الأكبر تعاطف أكثر المتابعين مع قصة الحب المحرمة هذه رغم علمنا المسبق بتبعات هذا التعاطف وهذه العلاقة غير المشروعة والخوف ان يكون هناك من حلم بهذه العلاقة او يسعى إلى تطبيقها ولن استغرب ذلك بسبب الإقبال الجماهيري على متابعتها عبر القنوات الفضائية والانترنيت . وهذا المسلسل هو واحد من افواج من المسلسلات التي هجرها الينا الاتراك، والتي وصل بعضها والبعض الاخر ينتظر دوره .
والمضحك بالامر ان بعضها وصل على دفعات لانه عبارة عن اربعة او خمسة او ستة اجزاء وكل جزء تصل عدد حلقاته الى المئة حلقة ولكم ان تتصوروا حجم الفراغ الذي نعيشه والذي يمكننا من مشاهدة كل هذا الكم من المسلسلات وكل هذا العدد من الحلقات ؟ !
وبعد ذلك يطل علينا مراد علم دار سوبر مان العصر والشمشون التركي الذي لا يقهر ببدلاته الانيقة وسياراته العديدة وأسلحته الفتاكة ومساعديه الذين تناولا اكسير الحياة والذي جعلهما لا يموتان ابدا ولو جيشوا جيشا ضدهم . هؤلاء هم الخطر الاكبر على ابنائنا، فبعد ان كان الجميع يقلد تقليعات الموضة من لبس وقصة شعر صاروا يقلدونهم في طريقة استعمالهم للاسلحة والاستمتاع بقتل الاخرين . وهناك ادلة كثيرة تثبت صحة كلامي ولو قدر لوزارة الداخلية بكشف كل الجرائم والعصابات التي ارتكبتها لوجدنا تشابها كبيرا في طريقة علم دار وطريقة هذه العصابات . ويتمثل ذلك باستخدامهم لكواتم الصوت في عمليات السطو والقتل والتنقل بسيارات فارهة تشبها بهم وكذلك التشكيل الثلاثي الذي يمثله مراد ومماتي وعبد الحي وهم ابطال المسلسل وادي الذئاب والذي ينتظره اطفالنا ومراهقينا وشبابنا وحتى احيانا شيوخنا بفارغ الصبر ، خصوصا ونحن ننتظر عرض الجزء السادس من على شاشات التلفاز ومع كل جزء نسمع بوقوع حوادث هنا وهناك مشابهة لما تحصل بالمسلسل وابطالها اما اطفال او مراهقين . والمحزن بالامر ان الاهالي يقفون مكتوفي الايدي وهم يشاهدون اطفالهم يتابعون مثل هذه المسلسلات بكل شغف . وما يؤكد انهم بالفعل وجهوا هذا المسلسل لنا هو قيامهم بمخاطبة الجانب الاضعف لدينا والمتمثل بحبنا لنبينا واهل بيته واصحابه من خلال شخصية الاب المتدين الذي يذكر دائما احاديث عن نبينا (ص) وعن مناقب اهل البيت والصحابة وهم يعلمون اننا عاطفيين ونتأثر بسرعة بهذا الخطاب .
لن يتوقف الغزو عند هذا الحد بل تجاوزه الى الاطعمة التي تحمل صور مراد والتي لا يقبل اطفالنا الا بها، والملابس التي احتلتها صوره ناهيك عن الجدران وابواب الدواليب، لدرجة اني خفت ان تصك عملة عربية تحمل صورته .
باحث نفسي / مدير البيت العراقي الأمن للأيتام
* تنويه : يشرّع المستشار النفسي هذا الباب على جميع المشاكل الأسرية التي تخص الطفل بمراحله العمرية والمرأة بكل مستوياته الثقافية والاجتماعية كي يساعد ولو قليلا في زيادة الوعي النفسي لمشاكلها الأسرية، وبذلك سيكون هذا الباب مفتوحا لاستقبال رسائلكم عبر نموذج الإرسال ” راسلنا ” الجهة المستقبلة ( سميراميس ) وسيتم نشر الرسائل ورد المستشار عليها مع محافظتنا التامة على سرية مرسليها .