18 ديسمبر، 2024 9:42 م

يقول المتنبي”قل للشامتين بنا أفيقوا.. فإن نوانب الدنيا عنا تدور”.. أقول لمن صد الباب في وجهي جبنا.. لا تفرح لغيابي وجرحي كثيرا.. قل لمن ظن في سكوتي انهزاما.. اطمئن فاليأس لا يعرف لي طريقا.. أن تكون ذا مهابة شيء.. أن تخشاك العباد شيء.. أن نخلص لك نحن شيء لا تعرفه أنت.. الوفاء هبة من السماء لن نفرضها عليك.. يا من ظنناه بالأمس القريب لنا منجدا.. التمست لك اليوم بدل العذر أعذارا.. ناديتك يا صاحب السعادة.. وجدتك غارقا في المدامة.. ناديتك يا صاحب المهابة.. نسيت أن في بعض النداء مذلة.. ناشدتك بأعلى صوتي.. كيف لمغرور مثلك أن يستجيب.. سألوني عنك يوما قلت عذرا أتحفظ عن الإجابة.. كرروا السؤال عنك من تكون؟.. قلت جرحا عميقا أسأل الله منه الشفاء.. سمعتني جوزفين.. يعقوب واسرافيل.. رفعوا أكف الضراعة لرب العالمين.. ردد الغرباء من بعدي ما عجز عن فعله المقربون.. قصيدة كتبتها بالأمس لأبيك.. افعل بها أنت اليوم ما شئت.. أحببتك وفي بعض الحب عذاب.. الخاسر الأكبر هو أنت.. ما دمت لم تعر للود اعتبارا.. كنت أراك في الأرض ملاذا.. لا أريد غير قلبك لي وطنا.. حملت لك في قلبي وردا.. حملتك في وجداني حديقة.. لا أدري ما كانت عليه نواياك.. وأنت تزفني في المعاهدات غنيمة.. يا وطنا لم تعد تصلح إلا لتحصيل الفواتير والضريبة.. بالأمس حلمنا بك وطنا.. والآن أصبحت للفساد عنوانا.. أنا لست أول عاشقة يخذلها الهيام.. وليس مطر آخر من غنى ”يسقط الوطن الآن”.. ليس كل الموت موتا.. الموت هو أن يكون الوطن لي هما.. ولا أعني للوطن شيئا.. الموت هو أن أكون في الوطن منسيا.. ليس كل سجن سجنا.. السجن هو أن يحاصرك الغرور والمنافقون حشودا.. ليس كل ظلم ظلما.. الظلم هو أن تترك الوطن مرغما.. ألا تقول أهواك لمن تهواه حقا.. ليس كل جبن جبنا.. الجبن هو أن تعجز عن قول الحقيقة جهرا.. ألا تستجيب لطلب المنسيين عمدا.. أن تخرج أنت من التاريخ ليلا.. وندخله نحن مرغمين نهارا.. قلي يا صاحب السعادة عن أي ازدهار تتحدث.. أقصد عن أية حاوية تنتظرك ؟.. كيف لفارس مقدام مثلك.. أن يخسر الرهان عبثا.. كيف لذكي مثلك ألا يدافع عن حب أسطوري عادك.. في زمن لم يعد للأساطير مكانا.. عن تلاحم عضوي جمع بيني وبينك.. في زمن لن تجد الخرافات من يصدقها.. برغم هذا العشق الكبير تتجاهلني.. قلي إلى أين أنت ذاهب يا هذا؟.. كل يوم كذبة جديدة وعود وكآبة.. تمويه تنقصه كثير من الحبكة والشهامة.. أنت وطن أم سجن أنا فيك أسيرة.. أنت وطن أم أنت في قبضة عصابة كبيرة.. حتى أصبح الحلم فيك مستحيلا.. قلي إلى أين أنت ذاهب يا هذا؟.. إذا كنت على حالنا راضيا.. فأنا عليك أشفق وأتحسر ألما.. إذا كنت على ظلمك باقيا.. دعني أخبرك أنني اخترت الشعر بدلا عنك وطنا.. قلت لك مرارا سئمت الحب الأحادي.. كما سئمت الوعود الكاذبة.. أعرف أنها حكومة “مسيلمة”.. أسفرت عنها انتخابات شرعية.. أعرف أنها حكومة مؤمنة لربها تصوم وتصلي كثيرا.. أعرف أن المواطن ليس من بين أولوياتها.. أعرف أنها لعبة قذرة تبا لمن لعبها وأخرجها.. أعرف أن الناخب جائع متعطش للخبز والفاكهة.. مكسور الظهر حذاؤه بالية.. شعب مهزوم مقهور حكومة راقصة عاهرة.. أعرف أن كلامي فض جارح وأنها حكومة وعودها واهية.. أعرف أنكم خلفاء الله في الأرض.. افعلوا بنا وبربكم ما شئتم.. أغلقوا المدارس والكليات والمستشفيات إن شئتم.. أغرقوا البلاد بلاءا وفسادا إن شئتم.. حطموا المراكب والمرايا.. حطموا أمجاد الأجداد إن شئتم.. لن ننتفض ضدكم.. بل التاريخ وحده من سيحاسبكم.. حطموا أحلامنا ما دامت تزعجكم.. انهبوا خيرات البلاد.. شردوا الملايين من الفقراء.. اغتنوا على حسابهم تبا لضمائركم.. عفوا تبا لمن يقلق راحتكم.. أعبثوا بحاضرنا.. مادام المستقبل لم يكن يوما في حساباتكم.. قللوا من شأننا ما دامت الإهانة من أهم هواياتكم.. ضعوا الحواجز بيننا وبينكم.. ما دام الحياء رحل مجبرا عن دياركم.. ما دامت الشياطين لن تجد أقزاما تستكين إليها غيركم.. ما دامت الحمراء والخضراء لم تعد تهمكم.. ما دام العشق أصبح مستحيلا بيني وبينكم.. (يتبع).