لا أعتقد أن أحداً في هذا الكون لم يُجرب العشق ، ما بين الحرام والعيب ، والانكار والاخفاء ، تولد قصص العشق في كل لحظة ، وليس شرطاً أن يكون العشق علنياً ، فهنالك من يخفي عشقه وحبه ما بين ضلوعه حتى آخر نفس من أنفاس عمره ، لكن قلب العاشق عين وأذن ، ترى وتسمع وتتحسس أخبار المعشوق ، فهو لا يغادر معشوقه أبداً ، هو حبيس عشقه ، اختار عذابه بنفسه ، وهو متلذذ بهذا العذاب رغم شدة الوجع .
هذا الحب والعشق على صعيد الأشخاص ، فكيف اذا كان المعشوق وطناً بالكامل ، عشقي الحقيقي وطني ، لكني ما عدتُ الاحق أخبار عشقي ، وما حلَّ به ، وما أصابه ، أرغمتُ على هجره وأنا فيه ، لم أعد اتابع أخباره ولا أدري بأي المزادت قد حلَّ ، ولا أعرف أي جزء من أجزاءه قد عرضَ للبيع هذه المرة ، أشيح ببصري كلما مررت بنشرة الأخبار في التلفاز ، أصم آذاني عند سماع خبر ما عند البقال وأنا أشتري حاجاتي .
نعم أنا ما زلت أهيم بك حباً أيها الوطن ، ويضيق صدري حالما يحلُّ جسدي في بلدٍ آخر ، وأتنفس الصعداء حين تطأ قدمي أرضك ، لأجل هذا كله ، عميتُ بصري وصممت آذاني كيلا أفجع بخبر الاجهاز عليك.