كان هَمهُ في ذلك اليوم أن ينتظرَ التلفاز السّحري الذي يشاهد فيه نعيم عاكف عبر ركن الهواة ، ومؤيد البدري عبرالرياضة في أسبوع ، وكامل الدباغ في العلم للجميع ،تذكر ذلك حين تناول أول إفطار له في محطة القطارات في درسدن ، وعاد وعلى الطاولة يفتح كتاب المنفى من جديد موزعا الضبابَ على جدول أيامه القادمة والتي سيقضي أولها في تقشير الدخان وملاحقة الغروب الى القرى البعيدة وهو يكتب أول نص شعري لهُ:
في فصل الهاوية
العشب
كأسلاك الكهرباء
والنوارس وهي في السماء
كالأسماك النافقة ،
أيتها الرغبة المرعبة
لم لاتجعلي صوتي أنيناً
يتناسل في أحجار الشطآن
وأثناء ذلك تذكر أنه لابد من الولوج لأعماق الظلام الى المنحدر القصي للوصول الى الحشرات المضيئة والأغشية الملقحة بالأسرار الغامضة ، ليكون إنتظاره لغيمة حمراء أو خضراء أو زرقاء إنتظاراً مجديا ليجالسَ أرجوحة طفولته ويستمتع بالنشيد الوحيد الذي حفظه من القابلة المأذونة ،القابلةُ التي غسلته بماء المطر وجففت صراخه بأوراق الزيتون فكان له المنفى بشارة منذ اليوم الأول لولادته والى هذا اليوم الذي تلى فيه الشعائر المقدسة مع جنيات الشّعر وحورياته ،
[email protected]