8 سبتمبر، 2024 3:09 ص
Search
Close this search box.

العشائر وتحكمها بالبرلمان ، آخر مسمار في نعش الأمل !.

العشائر وتحكمها بالبرلمان ، آخر مسمار في نعش الأمل !.

يتداول العراقيون مبدأ (اليوم أفضل من أمس) ، ولهم كل الحق في ذلك ، فبعد أن تغير كل شيء في البلد  نحو الأسوأ دراماتيكيا ، خصوصا الأخلاق العامة والمواطنة ، ونحن نلمس تغيرا سلبيا كبيرا في الهوية العراقية الفريدة من نوعها ومدعاة الفخر الى درجة التلاشي ! ، تغير معها العرف العشائري الذي كان موئلا للمظلومين ، وتحول شيئا فشيئا ، الى البراغماتية النفعية واستعراض العضلات على حساب الثوابت والمبادئ ، وصارت القوة والمنسوبية (حتى لو كانت حزبية- دينية) هي بيضة القبان في النزاعات لتكون مرهوبة الجانب ، وبالتأكيد على حساب الحق ، وتحولت من (التعاون على البر والتقوى) الى (التعاون على الأثم والعدوان) ! ، والدليل ما يحدث في محافظات الجنوب ،الآمنة نسبيا لكنها المبتلاة بالنزاعات العشائرية الدموية ، لقد دافعوا عن مناطقهم  ضد داعش كالأسود ، ولكن ما ان هُزم العدو من أمام سواترهم ، حتى وجهوا بنادقهم على بعضهم البعض !، هكذا نجح داعش بنقل خرابه وفوضاه اليها بعد عجزه عن اقتحامها ! ، وأتصور قادته من الساديين يضحكون ملء الفم ، وهم يرون أهدافهم قد أتت اُكُلها دون اطلاق رصاصة واحدة !.
هكذا آن الأوان أن نقرأ الفاتحة على أي أمل بأصلاح وضع البلد ، وأختفى من أمام أنظارنا آخرما تبقى من النزر اليسير من مقومات دولة مدنية يحكمها القانون كبقية الخلق ، طالما وصلت سطوة العشائر الى أعلى مراكز صنع القرار ، والتحكم باستراتيجية ادارة البلد ، ولو امتلك سياسينا ضميرا سويا كسياسيي العالم ، وعرف ان كل طموح العراقي هو أن يحظى بحفرة في (وادي السلام) تضم رفاته ، بدلا من تقطيعه اشلاءً تذروها الرياح ، لنأى بنفسه عن هذه المهنة الملعونة التي اسمها السياسة !.

هكذا فقد المواطن العراقي المسالم والمثقف اي أمل في محاسبة حيتان الفساد الكبيرة بعد أن علا صوت العشائرعلى صوت القضاء والقانون الذي لم يكن سوى أنينا بالأصل !، عشائر تهدد ، وعشائر تستعرض العضلات ، و(عراضات) قائمة على قدم وساق ، وكأنه (فيتو) فرضه منطق القوة والأمر الواقع ، لأعاقة اي سير للعدالة ، عشائر ازاحت القانون الضعيف والمتهالك والمفتقر للهيبة ، لنعود الى عصر ما قبل كتابة قانون حمورابي !.

واذا كانت لدينا ذرة من أمل (ولو دون مقومات ومعطيات) ، في اصلاح ما يمكن اصلاحه في هذا البلد ، فقد تطايرت هذه (الذرة) ، ونحن نعيش في أتون أزمة اقتصادية ، وأفلاس حقيقي غير معلن ، وتخبط وعشوائية بعيدة عن أي دراسة ، واذا كان النفط موردنا الحالي والمستقبلي الوحيد ، بعد أن حولنا حكامنا الى (دواجن) ، دون أي انتاج ، ورغم ذلك من المستحيل التفريق بين الميليشيات أو قوى الأمن أوالعصابات الأجرامية التي تجوب شوارعنا دون حسيب ورقيب ، حيث القوي يأكل الضعيف ، فكيف بالنسبة لتقرير صحيفة (الأنديبيندنت) البريطانية ، من أن العراق سيكون اول دولة ستخلو من السيولة المادية خلال 5 سنوات نظرا لتدهور اسعار النفط ؟! ، لا شك اننا سنتحول الى وحوش تأكل بعضنا بعضا ، رغم أن بوادر هذه الظاهرة قد بانت فعلا! ، ها هو القضاء يقيم الحد على وزير الدفاع بتهمة (التشهير) ! ، بدلا من فتح التحقيق في ادعاآت جرائم خيانة وفساد كبرى كان قد فجرها الوزير ! ،فأي نظر أحول لدى قضائنا ؟! ، قضائنا المتستر دوما على الفاسدين متشبثا بحجة (عدم وجود أدلة) ! ، الأجدر أن يلجأ هذا القضاء الى آليات جديدة للتعامل مع السراق المحترفين ، بعقلية اجرامية لا تترك دليلا على جرائمها !.
أعترف لكم بأني قد هُزمت ، وقد أسقط في يدي ، فلم تعد لدي حجة أو مبرر في اقناع ابنائي بالبقاء داخل اسوار هذا السجن الذي اسمه الوطن ، وأنا محرج لأني ظهرت بمظهر الكاذب الذي لم تصقله التجارب المريرة ، من أن تربيتي لهم بكل حججي ومبرراتي ومحاضراتي عن الانتماء والمواطنة  كانت محض هراء ! ، والتجربة خير برهان ! ، فقد تربينا على الشوفينية المقيتة ، أن نبقى مشروع استشهاد دون مقابل ، دون حياة حرة كريمة ، ويتحول القانون فيه من سندٍ لك الى خصم !  ، يوما ، ودون أن يحترمك الوطن الذي يتوعدك بالتغييب في السجون وأقبية التعذيب او التعليق على أعواد المشانق لمجرد شبهة ! ، أن تبقى عبدا لسلطان تتقاذفك أهواءه ومغامراته ، وهو لا يساوي قلامة ظفر !، هلك السلطان ، وجيء بسلاطين !، لماذا حُكم على العراقي أن يحارب نيابة عن العالم ؟ ابتداءً من (البوابة الشرقية) ، مرورا بكل مصائب الكون ، انتهاءً بداعش !؟، لقد رأوا بأم العين ، ان الوطن أخذ منا كل شيء ، ولم يعطنا أي شيء ، وما دامت حياة الأنسان العراقي ، بعيدة كل البعد عن القدسية والأحترام ، فمن أين تأني قدسية الوطن ؟!!..
يقول أحمد مطر .. نحن الوطن ..من بعدنا يبقى التراب والعفن..نحن الوطن..من بعدنا تبقى الدواب والدمن..  

أحدث المقالات