9 أبريل، 2024 1:49 ص
Search
Close this search box.

العشائر وإشكالية الحكم في العراق ..

Facebook
Twitter
LinkedIn

الدولة وفق الديمقراطية الغربية،، هي تنظيم يقوم على مثلث تمثله السلطات الثلاثة ، والتي هي نتاج موسسات وانتخابات حرة يتولى فيها السلطة من يحصل على الاغلبية الانتخابية ، او الأغلبية الائتلافية ، غير ان الشرق يحاول الالتحاق بركب الشعوب والاستفادة من تجاربها ، وبالغ الغرب بصياغة الحياة السياسية لبعض البلدان في الشرق الاوسط ومنها العراق بموجب القرار رقم 1546 لعام 2004 الذي اعدته المملكة المتحدة والويلايات المتحدة ، ليكون بمثابة خارطة طريق للعملية السياسية التي يفاخر سياسيونا اليوم بأنهم من صنعها او صمم شكلها ألمعيب المستعجل متجاوزين كل الجهل والفقر والأمية ، او على الاقل تهيئة المناخ المطلوب لانتخابات شبه نزيهة تتناسب والظروف الاجتماعبة لمجتمع لم تعد فيه العائلة لوحدها هي الخلية الاساسية في البنيان الاجنماعي انما ظلت العشيرة ومنذ نهاية حكم الدولة العثمانية وبفعل توزيع الأراضي على أفراد صاروا فيما بعد شيوخا لهذه العشيرة او تلك ، او مما اغده عليهم لمحتل البريطاني بعد عام 1917 من امتيازات وتوزيع للاراضي الاميرية والتي تولى تقنينها الجنرالات الحاكمين في العهد الملكي لتتصدر العشائر المشهد العام قبل الاحزاب السياسية وخاصة قبل عام 1934 حيث تم إعلان مولد الحزب الشيوعي العراقي الذي حول الصراع من صراع مقطعي على المصالح الذاتية الى صراع طبقي بين فلاحين واقطاع او بين عمال وراسمالية نمت لخدمة تواجد وحاجات الجيش البريطاني او صراع مع شركات النفط لنهبها لثروات البلد انذاك ، وفي التكوين البرلماني او التنفيذي بعد سن دستور عام 1925ظل شيوخ العشائر وأبنائهم هم من تصدر المجلس او تولى وزارة ، وظلت الطبقة الوسطى المتعلمة في معاهد وكليات جامعة بغداد الا ما ندر بفعل وساطة الشيخ لا تحصل الا على الدرجات الدنيا من السلم الوظيفي ، وظلت العشائر رغم تقدم الزمن محافظة على الارث القديم مؤمنة بالفصول متجاهلة تطور القوانين والاصول مطالبة بالحضوة على اساس ابن العشيرة لا ابن الوطن ، ورغم قيام ثورة 14 تموز بألغاء مفعول قانون العشائر ، ظلت العشائر تقاتل الثورة من خلال ابنائها الحزبيين من القوميين او البعثيين ، وبعد انقلاب شباط عام 63 تصدرت العشائر المشهد السياسي رغم ان اللافتة الرسمية يحملها حزب البعث ، وبدأت علانية إخضاع المدن للريف وتقاليده ، وفي زمن ما بعد تشرين 63 تصدت عشيرة الجميلات المشهد وبعد وفات الرئيس عبد السلام محمد عارف أصر ال الجميلي على تولي أخيه اللواء عبد الرحمن محمد عارف منصب رئيس الجمهورية ، وفي عهد البعث الثاني بعد عام 1968تصدرت عشائر التكارتة المشهد السياسي وتقلصت لافتة البعث رغم قوة الحزب انذاك ، ورغم كل التجارب التي مرت على العراق عادت العشائر بعد السقوط لتأخذ دورا أكثر تراجعا عن أدوارها السابقة لا بل دورا اخطر في تحجيم الدولة ، فالعشائر عند السقوط ان لم تكن هي رسميا من استولى على معسكرات الجيش فهي من ترك أبناء العشيرة لسرقة الدوائر والمعسكرات ، او ان بعض شيوخها جعل من ديوانه مستودعا للسلاح لا لمحاربة المحتل بل لمحاربة أبناء العشائر الاخرى وعلى (عركة زعاطيط حسب قولهم هم ) وهاكم اليوم تشاهدون الصواريخ المتبادلة بين أبناء العشائر ومن فوق الدور لا في البادية او الريف بل في المدن ومنها بغداد ، وقد تانيت في الرد على الأستاذ عدنان الجنابي (رئيس مركز البحوث والدراسات العراقية ) وهو يقول ان العشائر شكل متطور ومستديم من المجتمع المدني قابل للتعايش مع التقدم الاقتصادي ، كم تمنينا نحن اهل المدن ان تكون نهضتنا من الريف ، فالريف المنتج للغذاء هو من يبني الاقتصاد ، غير ان الريف لا زال يشكو من ظلم الاقطاع وخوشية الشيوخ وسراكيلهم واخذ يزحف بكل سلبياته وتخلفه الى المدن ، واليوم تجد رعاة الغم عند الجزر الوسطية للشوارع او تشم رائحة المواشي في ثنايا المناطق السكنية وانت ترى بأم عينك ان هذا يغلق الشارع لنصب خيمة عزاء او ذاك ينصب جادر عرس ، وهذه ليست من عادات المدن ولا من بدعة رؤساء محلات ايام زمان ، والعشيرة اليوم عادت كما كنا في العهد البائد تهتف بالروح والدم نفديك يافلان، وعادت ترشح هذا وتتعرض على ذاك ، والسؤال كم من فاسد تسلم المنصب العام بزمام عشيرته ، ؟ وكم من طاغية حكم العراق وهو يحتمي بعشيرته ، وكلامك هذا اليوم جئت به لان يكون عامل توعية لان تكون العشيرة خارج النقابية وان تكون فعلا من منظمات المجتمع المدني ، لأن تكون مدنية وان تغادر الفصول العشائرية وان تكبح جماح الدكة او النهوة وان تقبل بحكم الله بشأن المرأة وان لا تجعلها الحيوان الوسيط في الفصول ، وأن ترجع إلى الدين والاصول ، وأن لا تنصر أبنائها ظالمين او مظلومين ، العشائر كانت عند العرب في الجاهلية جاهلة أما عشائرنا فهي غير لكنها لا تريد أن تغادر أصول الزمن الغابر ، والطريف أن الشيخ يتعامل بالموبايل وهو مثل رجل الدين يلعن التقدم ، والعشيرة اليوم تحتقر الدولة ، وصارت الدولة تتوسط الشيخ لحل مشاكلها ، والعراق سوف لن يغادر هذا الواقع مادامت العشائر هي من يصنع هذا الواقع…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب