22 ديسمبر، 2024 9:14 م

العشائر غرائب وعجائب

العشائر غرائب وعجائب

في عام 1995 عملت بصفة باحث في ( مركز دراسات العراق والخليج ) وكلفت باعداد ثلاثة بحوث معمقة ضمن عقد لمدة سنة واحده .
ابرز واهم البحوث المنجزة ، كان يتعلق بالقبائل والعشائر العراقية .
اهداف البحث ركزت على :
• مناطق الانتشار
• تعداد كل عشيرة وقبيلة بنحو تقريبي
• الاصول والاعراق وصلة القرابة والنسب بين العشائر والفروع والافخاذ والفند .
ادارة المركز خصصت ميزانية كبيرة ووفرت ادوات البحث من مصادر ووثائق بالاضافة الى قائمة من النسابة المعتمدين في داخل وخارج العراق ،فضلا عن المراسلات بطرق متعددة و الجولات الميدانية والمقابلات المباشرة مع رؤساء ووجهاء  ينتمون الى جذور قبلية اصيلة ويتميزون بالحيادية والوعي والثقافة .
اما عائدية البحث ، فقد احرزت ضمن فئة السرية  لما توصل اليه من نتائج في غاية الاهمية وخاصة ما يتعلق بالاصول والاعراق .
وفي سياق البحث تحصلت معلومات مثيرة وغريبة عن اصول مايعرف ب( السادة ) الذي يعيشون في اكناف العشائر القوية وذات السطوة.
والاغرب في هذه المعلومات ان الكثير من اولئك .هم في الحقيقة ليسوا من السادة ولا يمتون بصلة للسلالة المحمدية .
فبعض هذه البيوتات هي من الديانة اليهودية او المسيحية اومن اصول غير عربية ، وبعضها قفقازية وفارسية وتركية . !!
والمفارقة ان احدى العائلات التي لها هيبة ومكانة في احدى مدن الفرات الاوسط وتدعي النسب الى ال البيت هي بالاصل تنحدر من مجرم قاطع طريق في القرن الثامن عشر فر من مدينة جنوبية واحتمى لدى شيخ قبيلة اقطاعي . وكان هذا الشيخ بحاجة الى دعم ديني يسند زعامته للقبيلة فقرر ان يعتبر ذلك الدخيل الهارب ( سيدا ) وصاحب ( شارة وبخت ) مهمته السيطرة على عقول الفلاحين ودفعهم نحو طاعة شيخ القبيلة .
من هذه الحاجة التخادمية ، تسلل العشرات من مجهولي النسب والعرق واصبحوا زعامات ( روحية ) الى جانب الزعامة النسبية للشيخ وبينهما ( السركال ) الذي بيده قيادة القوة والادارة المالية للقبيلة .
مفاجآت اخرى وردت في سياق البحث ،تتعلق باعراق بعض العشائر التي صنفت في فترات زمنية على انها غير عربية وانها ( ايرانية ) وما يعرف (بالكرد الفيليين ) .
فمثلا عشيرة القطبي  او القطبية ، تبين من خلال البحث انها عشيرة عربية اصيلة تنتسب عرقا وجذرا الى قبيلة طي العربية .
ايضا ، العديد من العشائر والبيوتات الكردستانية ، تبين انها عربية ، او عربية اندمجت مع قبيلة كردية . فالعديد من ( الفند ) ضمن قبائل : الطالبانية . البرزنجه ، الجاف ، ثبت عبر تتبع شجرات النسب العائلي، انها عربية تنحدر من قبائل عربية في الموصل وشمال بغداد .
في جنوب العراق هناك اكثر من عشيرة ، عرفت انها عربية ولا يوجد من يشك في ذلك ، غير ان الوثائق المتطابقة مع روايات النسابة ، بينت ان تلك العشائر هي غير عربية ومن اصول ايرانية ( من قومية البختيارية ) ، والحال كذلك مع عشائر وفروع وفند صنفت في سجلات الاحوال المدنية العراقية على انها غير عربية ، هي في الواقع عربية وبينهم من السادة الموسوية  ولجأت الى اقليم ايلام في ايران خلال تاسيس الامارات المستقلة من قبل الكرد هنا في القرنين الثامن والتاسع عشر وذلك  لغرض الحماية او البحث عن مرعى للماشية .
 ومن المفارقات ايضا ، ان عددا من العشائر و البيوتات التي انتسبت الى قبيلة ( العزة ) العربية الزبيدية في شمال محافظة ديالى ، هم من اصول قفقازية  وتحديدا من الشيشان وداغستان وتركمنستان ،وهؤلاء استوطنوا في البداية في مناطق ، نهر العظيم وسليمان بيك ودلي عباس وصعودا الى جنوب وغرب كركوك وتمددوا نحو مناطق الدور وجنوب وشرق مدينة تكريت .
التداخل العرقي المستند الى سماحة وانفتاح الانسان العراقي ، لم يمنع من ان تنتسب جماعات كردية وشركسية وفارسية الى قبيلة الدليم العربية العريقة والتي تنتشر في غرب ووسط العراق.
العراق  ارض الخصب وبحكم موقعه وتقادم نشوء الحضارات على ارضه وايضا كونه اصبح عاصمة العالم لاكثر مرة في تأريخه ، لم يكن مفاجئا ان تتعدد وتتنوع الاعراق والانساب في اصوله المجتمعيه، شانه شان دول حضارية عديدة .
وفي هذا السياق ،زرت مدينة ميامه الواقعه في اقصى شمال شرق ايران وتعرفت على سكانها وهم عرب اقحاح انحدروا من العراق واليمن وهم في اغلبهم من المذهب الزيدي .
والحال كذلك . قبيلة المحامدة في صعيد مصر هم من اصول عراقية زبيدية .
وفي البقاع الشرقي من لبنان عشائر وبيوتات تنتسب في جدها الرابع الى قبائل عربية في محافظة بابل العراقية .