18 ديسمبر، 2024 10:12 ص

العشائر العراقية بين الواقع والطموح

العشائر العراقية بين الواقع والطموح

لعل البنية العشائرية تعد أحد أبرز المكونات الاجتماعية، التي تفرض بوجودها، مؤثرات قادرة على التحكم، بصيغة العلاقات الاجتماعية والسياسية في المجتمع، من خلال صياغتها لسلوكيات تلزم الأفراد الإقرار بها والتمسك بمبادئها، وهو ما يطلق عليه الوقائع الاجتماعية.
تعبر الرابطة الاجتماعية في علم الاجتماع كمفهوم، بأنها مجموعة من العلاقات الاجتماعية، التي تجمع بين أفراد المجتمع، أو بين الأفراد المنتمين إلى نفس الجماعة الاجتماعية، فيرتبطون من خلال مختلف التنظيمات ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، وتتمثل أهميتها في التبادل المشترك بين هؤلاء الأفراد، من أجل استمرار هذه الرابطة الاجتماعية التي تحتوبيهم، إلا أنها قد تقوى او تضعف، بسبب بعض التغيرات التي يتعرض لها المجتمع..
هذا حسب ما أكده المنظرون الأوائل للرابطة الاجتماعية، أمثال ابن خلدون، دوركايم.. والذين يرون أن الرابطة الاجتماعية، تقوى في جماعات أو مجتمعات معينة، وتضعف في أخرى، وقد تصل إلى التفكك في بعض المجتمعات المتطورة، نظرا لطغيان الفردانية والعقلانية والمصالح الخاصة، والأسباب طبعا تختلف من بيئة إلى أخرى.
زيارات متكرره يقوم بها السيد عمار الحكيم لبعض محافظات العراق، والأبرز فيها اللقاء مع شيوخ العشائر والقبائل العراقية الأصيلة، تحدث فيها عن الروابط مع المرجعية الدينية، في زمان السيد محسن الحكيم(قدس) فمثلاَت تاريخا حافلا بالمواقف الثابتة بينها والعشائر.. وما ثورة العشرين الخالدة، التي حررت البلاد من الحكم البريطاني، إلا واحدة من روابط الوحدة بينهما، فكانت العشائر السمة الأساسية لتلك الثورة.
شكلوا مجتمعات متمايزة ومختلفة، رغم تمتعهم بسمات مشتركة. والواقع أن هذا القول نصف الحقيقة، فالعراق كان جزءا من الإمبراطورية العثمانية، ولم تكن فيه سلطة سياسية وطنية، أما شعبه فقد كان موحدا بدرجة كبيرة، ولعل أوضح مثال لذلك، اشتراك العراقيين بمختلف فئاتهم وطبقاتهم، في مواجهة الاحتلال الإنجليزي للعراق (1904–1918) وحالة المقاومة التي وصلت ذروتها في ثروة العشرين.
العشائر العراقية لها الدور في فرض القانون، وهي مصدر قوة للمجتمع، والتاريخ يشهد للعشائر العراقية، حضورها وتلبيتها لنداءات المرجعية بمواجهة داعش.
رغم أن هناك جهات اخذت على عاتقها، تجميل صورة النظام السابق، بعين الأجيال التي لم تعش، أوقات ذلك النظام المتسلط، على رقاب العراقين بالحديد والنار، وطرح تلك المرحلة، على أنها مرحلة إنجاز وسيادة، بنظرة مجتزءة للحقيقة، متغافلين عمدا عن ويلات الحروب، والحصار والجوع وقمع الحريات، والإعدامات والمقابر الجماعية.
كل هذه التوقفات والجولات أعطت طابعآ اجتماعيآ ذي علاقة جمعت ثلاثة محاور ، هي السياسة والدين والمجتمع العشائري، والتي تعتبر القوى الكبرى، في تحقيق الاستقرار في البلاد الاسلامية.
هذا الاستقرار هو طريق التنمية، الذي جعل العراق يعود إلى المجتمع الدولي، حتى عم الاستقرار من شماله إلى جنوبه، مما يعني وجود إرادة دولية لاستقرار العراق.
تشكّل العشائر العراقية جزءاً اساسياً من المجتمع العراقي، حافظت على امتدادها وبقائها، على الرغم من الأزمات السياسية والعسكرية، التي عصفت بالبلاد.
حتى اصبح الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي، هو الطريق الأقصر لتقديم الخدمات وتحقيق التنمية.
يتطلع العراق نحو عام ٢٠٢٤ ليكون أفضل من قبله، وكل هذا يتجسد في لقاءات الحكيم، من أجل توضيح خطة الحكومة المركزية ، التي تبدأ من الشعب، ومن العشائر والقبائل العراقية الأصيلة، ومع انتشار الأحزاب السياسية بكثرة في العراق، فإن الكلمة العليا تبقى للعشائر، الأمر الذي دفع عدداً من الأحزاب والتيارات السياسية إلى التعاون معها، من أجل الاستفادة من القدرات البشرية والمادية التي تمتلكها، وهو ما قد يشكل عاملاً حاسماً، يضمن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي في العراق .