لايخفى على احد ان المجتمع العراقي وفي مختلف مراحله التاريخية يتسم بخصائص مميزة لتلاحمه وتماسكة لعمق وقوة الاواصر المجتمعية بين ابنائه من الشمال الى الجنوب ، ومن دعائم ذلك التلاحم تعود بالاساس مجتمع يثمن الاصرة العشائرية وقيمها واصالته وسننها واعرافها وتقاليدها المشتركة والمستمدة من الشريعة السمحاء والقيم الوطنية العليا في تجسيد معاني الولاء الحقيقية للوطن ، وجميع العشائر العراقية في مختلف مناطقه متداخلة مع بعضها بالانساب والاصول ومشتركة بالمواقف المشرفة البطولية الخالدة في ملاحم التحريرمن الغزاة والمستعمرين ومن امثلتها في التاريخ المعاصرة ثورة العشرين الخالدة بما تمتلك من ارثا غنيا من التضحية والفداء في سبيل وحدة العراق ولحمة ابنائه ، واليوم وللظروف العصيبة التي يمر بها بلدنا وما تفرضه استحقاقات مواجهة التحديات الخطيرة والهجمات الشرسة لاعداء العراق لتمزيق الوشائج والاواصر بين ابنائه ومحاولاتها الخبيثة في غرس العداء والكراهية والتخندقات على اسس الطائفية والمذهبية والعرقية ، ولذا استوجب وقفة وطنية في تحمل المسؤولية الوطنية والشرعية لعشائرنا في المحافطة وصيانة وحدة العراق بما تمتلك من تأثيرات كبيرة في توجيه ابنائها وحثهم على التمسك باللحمة والاخوة والتراحم والمسامحة والمصالحة ، وعليه وفق منطلقات هويتها المجتمعية يستوجب أن تتسامى عن الخلافات السياسية وافرازاتها وتجاذباتها وخصوماتها وتنأى بنفسها عن تراشقاتها ومهاتراتها لكونها فوق كل الميول والمصالح والمنافع السياسية الضيقة ، وكونها الركن الاساس في الاستراتيجية الامنية الناجحة وتحقيق السلم الاهلي والمعول الفعلي في تحطيم افعى الطائفية التي يبدو اخذت تمد رأسها بين حينا واخرعلى جسد الوطن.
