24 مايو، 2024 8:26 م
Search
Close this search box.

العشائر أبرياء من مجزرة سبايكر

Facebook
Twitter
LinkedIn

لاتزال مجزرة سبايكر يكتنفها الغموض، لكن تناقضات تصريحات القادة الأمنيين في جلسة مجلس النواب، والتسريبات التي تناولتها وسائل الإعلام، أو التي تناولتها الالسن، تثير الكثير من الشكوك ، وتضع الحكومة والمؤسسة العسكرية في مقدمة المسؤولية عما جرى.
بعض الأبواق، الفاشلة، والمهزومة في الإنتخابات السابقة، وصاحبة التأريخ الطويل في التقلبات ، وكتابة التقارير الإنتقامية، كانت سباقة لتوجيه التهم لعشائر صلاح الدين، بإرتكاب المجزرة، مع إنها لم تكلف نفسها بتحديد أسماء وألقاب قتلة جامع مصعب بن عمير أو جامع سارية، أو المجازر التي ترتكب يومياً بالبراميل المتفجرة.
لسنا في وضع مقارنات، ولا إجراء مسح جغرافي ومناطقي لما يرتكبه الإرهاب بكل عناوينه من جرائم ضد الشعب العراقي بجميع مكوناته، لكنا إزاء مؤامرة دنيئة يخطط اليها بعناية، لإثارة فتنة طائفية – عشائرية، تغيّب المسؤولين الحقيقيين عما جرى، سواء الذين مارسوا القتل بأيديهم، أو الذين سلموا الضحايا للقتلة.
الغريب في هذه القضية، التي وقعت قبل شهرين، أن الحكومة ، منتهية الولاية، ظلت صامتة إزاء ماحصل، برغم أن مواقع التواصل الإجتماعي أخذت تبث الفيديو الذي وثق بشاعة المجزرة، وهو مادفع بأهالي المجندين والطلاب في القاعدة العسكرية الى الخروج في تظاهرات تطالب بمعرفة مصير أبنائها، فيما ظل الأمر مسكوتاً عليه ، حتى وقعت مجزرة جامع مصعب بن عمير في ديالى، حيث كان التوقيت مناسباً للتغطية على ماجرى ضد مصلين مسالمين، بإثارة مجزرة سبايكر رسمياً.
وإذا كان تنظيم داعش الإرهابي قد إرتكب مجزرته في سبايكر بعد سيطرته على مدينة تكريت، فإن مجزرة جامع مصعب قد أرتكبت على يد الميليشيات الإرهابية في ظل وجود القوات الأمنية، أي أن مكان الحادث لم يكن خارج سيطرة الحكومة، ومع ذلك لم يتهم أفراد أو جماعات على أساس عشائري في هذه المجزرة، وإنما إتهم تنظيم ميليشياوي، لايختلف عن تنظيم داعش في طريقة القتل وإرتكاب المجازر.
وفيما كانت الرواية السابقة تشير الى أن ضحايا سبايكر قد جرى سحبهم خارج القاعدة ، وأقتيدوا الى منطقة قتل لإرتكاب المجزرة الشنيعة، كشف المُمثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، نيكولاي ملادينوف، عن معلومات خطيرة تؤكد أن “الأدلة تشير إلى أن المجزرة قد ارتُكبت في معسكر سبايكر”، مايدعو الى التساؤل : أين قوات الجيش، وقيلدة العمليات، والقادة الميدانيين، والطائرات عند تنفيذ عملية القتل، ولاسيما أن التصريحات التي كنا نسمعها عن النواطق العسكريين والرسميين تؤكد عدم سقوط القاعدة بيد ميليشيات داعش.
ولعل هذا مادفع ملادينوف، الى مطالبة السلطات العراقية إلى إجراء تحقيق عام ومستقل بشأن مصير الجنود والعسكريين الذين قتلوا أو فُقدوا في قاعدة سبايكر العسكرية، مشدداً على أن “من مصلحة أسرهم وأقاربهم من الذين ما زالوا يجهلون مصير أحبائهم، وكذلك من المصلحة العامة أن تعمل السلطات العراقية كل ما في وسعها لكشف حقيقة ما حدث لهؤلاء الرجال وتحديد الموقع والتعرف على رفات الذين ربما يكونوا قد قتلوا”، مؤكداً “أهمية محاسبة أي شخص أو مجموعة من الأشخاص المسؤولين عن هذه الأعمال وفقاً للقانون”.
ويفهم من كلام ملادينوف، الذي لايتحدث الا من خلال قرائن، أن دائرة الإتهام تتسع لأطراف أخرى الى جانب الجاني الفعلي وهو تنظيم داعش الإرهابي.
ويبدو أن رئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي ، النائب مثال الآلوسي، أكثر صراحة من ملادينوف، حيث طالب، المدعي العام بحظر السفر عن القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ووزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي على خلفية قضية سبايكر .
وقال الالوسي، انه : ” لكي لايتم تسويف قضية سبايكر اطالب المدعي العام بحظر السفرعن القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ووزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي ، فضلا على فتح تحقيق بشخوص المتهمين وبالقيادة العامة للقوات المسلحة وعلى رأسهم عبود  كنبر وعلي غيدان” .
فيما ألقى رئيس المجلس الاعلى الاسلامي،عمار الحكيم، باللائمة على كل من تورط بمجزرة سبايكر ، مشيراً الى أن اللعنات ستلاحق المتواطئين بهذه الجريمة مهما كانت مناصبهم، وهي إشارة يفهم منها أنهم أطراف في السلطة.
وإزاء حالة الضبابية التي تحيط بمجزرة سبايكر، والمسؤولية التي تتحملها الحكومة والمؤسسة العسكرية، أخذ بعضهم يحاول دفع الإتهام عنه، من خلال إيجاد مبررات لما جرى، مستعيناً بالبعد الطائفي في تحديد هوية القتلة، وتوجيه الإتهام للعشائر العربية هناك، مايزيد من حالة الإحتقان وإشعال نار الحرب الطائفية، مادعا عشائر تكريت، الى التنبيه بأن إتهام العشائر إنما هي محاولة للتغطية على المتسبب الحقيقي لجريمة سبايكر، مشيرين الى دورهم في حماية عناصر فروا من القاعدة وتأمين عودتهم الى أهاليهم، مشددين على أن من يحمّل العشائر مسؤولية المجزرة إنما يسعى لإثارة الفتنة.
وفيما أدانت حادثة سبايكر، إستنكرت كيل الاتهامات لها بالمشاركة في الحادثة،عادة الاتهامات الموجه اليها بانها محاولة لاثارة النعرات الطائفية من بعض السياسيين للتغطية على المتسبب الحقيقي في الحادثة.
كما اعلنت ترحيبها باي وفد عشائري من عشائر الجنوب، لزيارة تكريت والتحقيق في الحادث،  داعية في الوقت نفسه، الامم المتحدة والاتحاد الاوربي والمنظمات الحقوقية والجامعة العربية، الى تشكيل لجنة للتحقيق في جرائم الحرب التي وقعت في العراق بعد عام 2003 ومحاسبة المتسببن بها .              
ماحصل يدعونا الى إعادة البنية المؤسسية للدولة العراقية، على أساس القانون الذي يحكم الجميع بالمساواة والعدل، ويقطع دابر كل التنظيمات الإرهابية، من دون إستثناء، حتى لاتقع مجزرة في تكريت ولامجزرة في ديالى، وفي الوقت نفسه لابد من إعادة الجيش الى مكانه الطبيعي على الحدود، بعيداً عن المدن، وإيقاف حمم القصف العشوائي الذي يصيب المدنيين ويحيل مساكنهم الى ركام.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب