18 ديسمبر، 2024 7:13 م

العشائرية بدل القانون لحماية الاسرة التعليمية !

العشائرية بدل القانون لحماية الاسرة التعليمية !

لم يمر اسبوع بدون اعتداءات من الطلبة وذويهم على الاسرة التربوية , معلمين ومعلمات ومشرفين تربويين , على ما يبدو انها اصبحت حالة ملازمة للحياة الدراسية هذا العام , حتى في ايام الامتحانات لم ينج المراقبون , بل المدارس ذاتها مثلما فعل احد الفاشلين بأحراق الدفاتر الامتحانية لإخفاء اخفاقه في الاجابة ….

ظاهرة الاعتداءات على التربويين وازديادها وتفاقمها والايغال في القسوة واقترافها في وضح النهار, وامام ابواب المدارس ,وفي بعضها استخدام الاسلحة النارية , تقف السلطات منها عاجزة , بما في ذلك الموقف الاعلامي يخفت خلال ساعات , فبعد ايام نرى الطلبة المعتدون احرار يتجولون وكأنهم لم يفعلوا شيئا , على الرغم من ان كل واقعة منها مركبة , أي ان اكثر من جريمة تتداخل فيها يحاسب عليها القانون , من السلاح الناري او الابيض الى اقتحام المؤسسة الرسمية وترويع العاملين …

ان هذه الجرائم المقترفة علنا لا يهتم بها بقدر بشاعتها وتداعيتها ولا تبحث بكفاية من قبل المختصين وتأشير اسباب تفاقم العنف والاستهتار ووضع الحلول والاقتراحات لمعالجات , صحيح ان العنف استفحل في المجتمع ومن البناء الخاطئ للدولة ويسود بتشجيع القوى السياسية على تبويس اللحى وذلك للدفاع عن جمهورها ومنتسبيها وبالتالي مما ادى الى غياب القانون او ضعف تطبيقه , ولكن القضاء قادر على وضع حد لها .

الواقع ان سلسلة الاعتداءات تنتهي دائما بحلول التراضي والفصول العشائرية بين المعتدي والمعتدى عليه , بين الطالب والملاكات التربوية , لعوامل مختلفة لضعف تطبيق قانون الحماية او نفوذ ذوي المرتكب وضغوطهم, وفرض الامر الواقع على مرارته , ولا تنفع بيانات الاستنكار ووعيد الجهات الحكومية واعلانها انها صاحبة الولاية في اخذ الحقوق من المعتدي ,ويبقى ما صدر عنها مجرد هواء في شبك ويضيع حتى الحق العام الذي لا ينبغي ان يخضع للضغوط , وبالتالي هيبة المؤسسة التربوية واعضاءها في ادنى درجاتها .

ان التنازل عن الحق العام للحل العشائري تشجع عليه الحكومة وتدفع نحوه , وذلك لان العشيرة اصبحت جهة متنفذة وذات قوة , تفوق قوة الجهات الحكومية , فقد انشأت لها مكاتب في بعض الوزارات ولها ممثلين من وجهاءها وشيوخها , تستعين بهم الجهات الامنية نفسها !, فهم يحلون ويربطون, ومسؤولون يقفون خلف العشيرة ويخطبون ودها على حساب الملاكات التربوية , علاوة على انهم محصنون من الملاحقة اذا ما تنازل المجني عليه , ففي كل الاعتداءات المرتكبة بحق منتسبي الاسرة التربوية لم ينجم عنها جزاء قانونيا , وانتهت اما بالتراضي ولفلة الموضوع او في احسن الاحوال بدفع تكاليف علاج المعلم وابتلاع الاهانة التي تلقاها .

ان نهاية لهذه الظاهرة غير الاخلاقية والاجرامية التي تعكس تصاعد العنف في مدارسنا وتزداد في ايام الامتحانات وتوزيع النتائج تحتاج الى تشديد الاجراءات الرادعة , واحالة المرتكبين الى القضاء لينالوا جزائهم العادل , بغض النظر عن الطرفين اصحاب القضية للتخلص من الضغوط التي تمارس على المعلم , التربية تحيلها ولا تتنازل عنها .

ان عودة الهيبة والاحترام للمؤسسات التعليمية وملاكاتها تستلزم انفاذ القانون وتشديد العقوبات على المعتدين وتحريم حل الفصول العشائرية واعتباره عاملا في اغلاق الدعاوى على الطلبة , الى جانب ان تكون مديريات التربية والادارات التربوية جهات لا تقبل التنازل عن الحق العام , واهمية استخدام الاعلام في التوعية المجتمعية ومساندة القضاء وفضح المرتكبين.