4 مارس، 2024 10:03 م
Search
Close this search box.

“العشائرية” اغتراب ذهني ومجتمع مأزوم

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ تاسيس الدولة العراقية وقبلها فترة الحكم العثماني وصراعه مع الدولة الفارسية على الارض العراقية، والمجتمع العراقي يعيش حالة خوف وعدم استقرار، باستثناء سنوات قليلة لا تتجاوز الخمسة اعوام هي فترة ثورة تموز الخالدة، كان هناك بصيص امل لمستقبل يرضي بحدود دنيا هذه المجتمعات، ولكن نكسة اغتيال الثورة الشعبية عام (1963) اعادت انتاج مجتمع مأزوم، يعيش اغتراب ذهني مشوش غير قادر على نسيان صور الماضي بتجلياتها المختلفة، الفقر والحرمان والتهميش اضافة الى فترة الحروب السوداء مع دول الجوار، والحصار الاقتصادي من قبل دول العالم على نظام صدام الدكتاتوري، (الا ان تأثيره ضرب صميم افراد المجتمع العراقي دون التأثير على افراد النظام)، وصولا الى التمسك بالهويات الفرعية ومنها القبلية والعشائرية بعد الاحتلال الامريكي عام (2003)، لغياب السلطة والأنظمة والقوانين، كل ذلك ادت الى انضاج وبروز التقاليد والاعراف العشائرية لتصبح هي السائدة بحلولها الجاهزة باستخدام السلاح وسطوة نزاعاتها.
النزاعات العشائرية تحولت الى ظاهرة بدأت في القرى والارياف في محافظات العراق، لتصل الى المدن الكبيرة والعاصمة بغداد، ولاسباب تافهة وبسيطة وكانت اغلب تلك النزاعات تحل عن طريق شيوخ العشائر وبمبالغ مالية محددة وفق الاعراف السائدة، الى ان وصلت الحالة الى فقدان السيطرة على افراد العشائر المتنازعة، بسبب حيازتهم الاسلحة التي كانت خفيفة لتصل الى الاسلحة المتوسطة، ولتتحول النزاعات البسيطة الى اعمال قتل بين المتنازعين وترهيب الاخرين من المواطنين.
ما يحدث هو تطهير للاعراف العشائرية لمفهوم العشيرة الحقيقي يوازي التطهير الثقافي والعرقي الحاصل الان، مما ادى الى تراجع الكثير من القيم العشائرية بسبب السلطة التي اعطت مكانة للعشيرة، والتي من خلالها تستطيع كبح جماح الشباب الواعي الباحث عن الحرية والتغيير الديمقراطي الصحيح.
وهذا التطهير جاء من قبل السلطة، وهو محاولة لتفكيك القيم وتحويلها الى انفعالات اجتماعية، لغرض احتواء العشائر والسيطرة عليها من خلال جعل الاعتزاز بالهوية الفرعية هو الاولوية لافراد العشيرة، وبالتالي خلق مجتمعات غير قادرة على اعادة ترتيب الهويات وجعل الهوية الوطنية هي الاسمى.
وما يحدث الان في التظاهرات الشعبية في محافظات العراق، ومحاولة ركوب موجة الاحتجاجات من قبل بعض شيوخ العشائر، هو دليل واضح على قبلية الموقف، والدخول في دائرة الامتيازات من خلال الاقتراب للسلطة، وبحجة تبني مطالب المتظاهرين وترأس الوفود الممثلة للمتظاهرين.
ومن هنا يتطلب وعي شبابي عالي لعزل تلك الشريحة ممن يريد النفوذ والسلطة، وتمكين المدنية من العشائرية وجعلها ذات قيم انسانية كما عهدناها لتسهم في بناء الفرد من اجل المواطنة الحقيقية.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب