18 ديسمبر، 2024 8:11 م

العشاء الأخير لعبد المهدي

العشاء الأخير لعبد المهدي

باحتفالية يتيمة كان عنوانها ( ستبقى افكارك نبراسٱ لنا يا رجل المواقف الثابتة ) والتي أقامها كوادر مكتبه و وبعض الذين أتت بهم (الوساطات البنائية ) احتفالية توديعة بعدها غادر عادل عبد المهدي بناية مكتب رئيس الوزراء الكائن في منطقة العلاوي متوجهاً الى داره التي يشغلها في الكرادة , بهذا البؤس وهذه الذلة غادر من أتت بهِ الكتل السياسية المسلحة إلى المنصب و اعتمدت نظرية توزيع المغانم على الكتل السياسية الاخرى ليصبح بفضلها رئيس وزراء في غفلة من الزمن الأغبر و الايام السوداوية ,
سار بقدميه المثقلتان بتعب سنوات التقلب السياسي والعقيدة المنوعة راكباً سيارته المصفحة ومضى و صم أذنيه عن صيحات الثكالى والأرامل وبكاء الأيتام التي خلفها القمع الدموي الوحشي الذي أستخدمه ضد المتظاهرين السلميين من أبناء جلدته و وحتى من أبناء مدينته حيث أحتلت الناصرية مسقط رأسه الحصة الأكبر من هذه الدماء البريئة ..
ذهب و مشى من المكتب تاركاً فريقاً مهزوزاً و مهزومٱ وحلقة مربكة و متخبطة عمل معها طيلة فترة السنتان فلم تنتج لنا إلا تسليم البلاد إلى غير العراقيين و دولة لا يحكمها القانون بقدر ما يحكمها قوة السلاح المنفلت ..
فلا أتوقع من أي رئيس وزراء قادم مهما كان قبول أبو جهاد مديراً لمكتبه أو قبول عبد الكريم خلف متحدثاً باسمه أو حنان الفتلاوي مستشارةً لشؤون المرأة ؟!
حفلة الوداع التي أقيمت حرص عبد المهدي أن تكون لا للنشر لأداركه ردة فعل الشارع الغاضب التي قد تصل إلى حدود الشتائم العلنية والمظاهرات التي قد تصل إلى سكناه
والغريب ايضاً أن هذه الحفلة الخلساء لم يحضرها ( قادة هندسة الحكومة ) والذي ما زلت اتذكر صورهم معه ليلة تنصيبه وهم يقفون بجواره وهو جالس على المكتب وكأنهم قد حققوا نصرٱ للعراق وانجازٱ للأمة علقت في ذهني ابتسامة أحمد الاسدي و نصار الربيعي وهما مندوبيّن مهندسين جلوسة على الكرسي وقتها أدركت أن الرجل سوف لن يمكث في منصبه طويلاً ..
عبد المهدي ابلغ الكتل السياسية قبل الحفل أنه أوكل مهمة رئاسة جلسات مجلس الوزراء لما تبقى من عمر الحكومة المستقيلة إلى نائبه ثامر الغضبان الذي رأيناه مترساً الجلسة الماضية .
قرار عبد المهدي كان نهائياً حيث تكلم مع رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي عن عدم رغبته بممارسة مهام عمله كرئيس وزراء حكومة تصريف أعمال حتى في عدم حصول حكومة الثاني على الثقة , عبد المهدي الذي أتى بزفة السياسيين ( التفاكة) رحل بخذلان أقرب المقربين و أقوى الداعمين خرج من مبنى السلطة إلى الأبد ليدخل صفحات داكنة السواد في تاريخ العراق المعاصر , صفحات أسطرها قتل و موت , أنا شخصياً لا اجد وصفٱ أشد بلاغة وأشد وقعٱ من قوله تعالى ( وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنو و يتخذ منكم شهداء والله لايحب الضالمين )