بدأ حملته الإنتخابية لرئاسة الولايات المتحدة من ولاية شيكاغو، مدينته، والتي تزوج فيها، ومسقط رأس إبنتيه. ليكون الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الإمريكية. ومنها، أيضاً، كان خطابه الأخير، خطاب الوداع في حفل أقيم له أمام أنصاره. طالب الرئيس أوباما الشعب الأمريكي التركيز على المستقبل، والإبتعاد عن ثقافة الكراهية، والتمييز العنصري، التي إعتبرها دخيلة على المجتمع الأمريكي، والتي يروج لها بعض السياسيون – وهو من باب اللمز- خصوصاً، كما أشار، في الحملات الإنتخابية. وقد شن الرئيس أوباما حملته المدبّرة في مسعى للمحافظة على ما يعتقده أهم إنجاز داخلي له، وهو قانون الرعاية الصحية المنخفضة الكلفة، المسمى محلياً أوباما كير، وهو، أي القانون، مثار جدل مستمر بين الديمقراطيين والجمهوريين، رغم إقراره من قبل الكونغرس، عندما كان يتمتع بأغلبية ديموقراطية. وقد سبقت خطابه هذا، زيارة قام بها الى الكونغرس في الرابع من كانون الثاني/ يناير الجاري، في محاولة منه لإنقاذ ذلك القانون، الذي يعتبره من أكبر إنجازاته على المستوى الداخلي. والذي يهدد خليفته الرئيس المنتخب دونالد ترامب بإلغاءه، دون أن يرف له جفن، حسب تصريحاته، لحد الآن.
رغم إن كثير من المراقبين يَرَوْن أن أوباما كان قد تسلم مقاليد الأمور، وتعصف بالولايات المتحدة حادثتين غير مسبوقتين منذ أمد بعيد، هما؛ على المستوى الداخلي قضية أزمة الرهن العقاري، التي لم تكن تداعياتها قد اختصت الولايات المتحدة لوحدها، فحسب، بل شملت تأثيراتها العالم بأجمعه، والأخرى تركة سلفه، جورج بوش الإبن، وجود القوات المسلحة الامريكية بأوضاع قتالية في كل من العراق وأفغانستان، وتداعياتها. وقد يقول مراقبون، أنصافاً، إنه، في عاصفة الرهن العقاري، أوجد حلولاً ناجحة للأزمة الإقتصادية، التي إجتاحت أمريكا، والعالم.
ولكن، أوباما، سيرحل ، كما يعتقد الكثيرون، عن السلطة كرئيس مثالي حالم، وعلى الرغم من ذلك فإنه فشل في تحقيق جميع وعوده، خرج بفترتين رئاسيتين، أقل ما يقال عنهما معطلتين لكثير من القضايا، التي كان عليه القيام، أو عدم القيام بها، على حد سواء. فقد فشل في إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائليين، وجل ما قاله فيها، إن بناء المستوطنات تعيق قيام دولة فلسطينية، بشكل ناجز. ولم يقدم وؤية حقيقية. بشأن الأزمة في سوريا، وجعلها مفتوحة على مدياتها. وفشل في العراق، وترك في عملية سحب القوات، فراغاً كبيراً، تصول به، التنظيمات الإرهابية، حتى مكنها ذلك من إقامة دولة في أراض كبيرة في كل من العراق وسوريا، دون أن يحرك شيء. وفشل في ليبيا، وأنسحب دون أن يُؤْمِن الحد الأدنى من أمن البعثة الإمريكية والدبلوماسيين هناك، على أسوء تقدير. كما فشل في إيجاد ما يُحد به نشاط طالبان في أفغانستان، رغم إستمرار الغارات الجوية، التي لا جدوى منها، والتي تقتل المدنيين، فقط.
هذا، إرث أوباما، الذي قدمه في عشاءه الأخير، لا يسمن، ولا يشبع من جوع، وأن قوله، قتلنا ابن لادن، وسندمر داعش، قول إستهلاكي، لا أكثر، أمام تعدد أوجه الإرهاب في العالم. ولن تتحدَّانا روسيا والصين، ونحن اليوم أفضل وأقوى، لا تعبر عن شيء على أرض الواقع، أمام الإختراق السِبراني لروسيا، والتهديد الإقتصادي متعدد الأوجه للصين. ومن المصادفات، التي لا تسر هي الأخرى، وأمام كل هذه الأزمات التي تعصف بقاع الأرض، وتهدد كثير من البلدان، ولا تجد لها حلاً، أن يكون خليفته، دونالد ترامب، لا يقدم أي رؤيه تليق ببلد يقود العالم، ولا برنامج يصلح لشيء، وإن لترامب تجاذبات مع أطراف متعددة، وصلت حتى مع نجوم السينما، عندما تعرضت له أحدى الفنانات الشهيرات، في” كولدن كلوبز”، بإنتقاد لا يحسد عليه، لتعرضه لأحد الصحفيين من ذوي الإحتياجات الخاصة .. نعم باراك حسين أوباما، لم تقدم شيء سيذكر.