23 ديسمبر، 2024 1:56 م

العسل السياسي والمغضوب عليهم!

العسل السياسي والمغضوب عليهم!

خرجنا بعراقيتنا لا بطائفيتنا, من سبات الطغيان والإستبداد, الى يقظة الحرية والديمقراطية, فبلغنا مرحلة الإعلام غير المباشر, والفكرة غير المباشرة, والكتابة غير المباشرة, في وقت كانت العملية السياسية, تسير نحو صراع لا مثيل له, وبدأت النظريات, تسرح بعقول البسطاء والفقراء, الذين يحصلون على نقود قليلة بمعاناة قاسية, وحياتهم معرضة للخطر دائماً, في حين أن الساسة الأثرياء, يعيشون حياة الترف والغنى, وراء أقنعة الزيف والخداع, وكأن البرلمان بات مكاناً مضطرباً, غير إعتيادي يقطنه غرباء الأطوار, لإخفاء الحقائق المرة, وتصرفاتهم موضع سخرية وإستهجان, ورغم كل ذلك فالحياة مستمرة.
وصف أعرابي, لبعض اهل الحضر نجوم الأنواء, ونجوم السعود والنحوس, فقال قائل لشيخ كان حاضراً: أما ترى هذا الأعرابي, يعرف من النجوم ما لا نعرف ؟ قال: من لا يعرف أجذاع بيته!.
أحاسيس مضحكة غير متطورة, هي الوصف الذي تنطبق عليه, أحاديث الفرقاء السياسيين, وإن كانوا أمام الإعلام, يتبادلون أرقى أنواع الملاطفات والإحترامات, ويبدو أنهم يرغبون في كتابة معلقة خالدة, تعلق على أستار البرلمان, تؤرخ شهر العسل السياسي, في محاولة يائسة, للدخول الى عالم الأدب الفارغ المتبجح, وهم أصلاً لم يحسنوا أختيار الألفاظ, ولم ولن يستطيعوا رسم أية لوحة, لصالح العراق وشعب العراق, فلقد سعرتهم الحروب بوقود جزل, حتى شبعت منهم الضباع. 
نتمنى أن يكون الساسة, بمستوى الأعرابي البدوي, البسيط الحذق, حيث جاب مجاهل الصحراء, وقاتل صعاليكها وذؤبانها, وإخترق مهالكها ومطباتها, من شمالها الى غربها, وتبادل مع قبائل زمانه لغة موحدة, رغم إختلاف لهجاتهم, فأمتلأت نفوسهم بزهوها, فإذا إعلامهم وأعلامهم, ألفت قلوبهم, فجاءت المعالي أفواجاً, وأخذت تنهال على صفحات التاريخ, فقطع دابر الذين ظلموا.
الليل بسواده وهمه, كأنه أمواج لا تنتهي في عراقنا, ولا يزال يجهد خياله, حتى يأتي بالنادر الطريف والمخيف, لكن على ما يبدو فالمشهد السياسي غارق في ذكرياته وبكائه, وإرسال دموعه وزفراته, والنواب يدورون حول معان واحدة, وكأنهم إصطلحوا, على مفردات بعينها ومشاكل بنفسها, ولا مرد للقضاء والقدر.
الجوائز الثمينة, والعطايا الجزيلة, تموج في بلاط النواب, وهم أكثر من أن نسميهم, وعندما يحتاجهم الشعب, يخاطبونهم :ما حجر نطوف به, لا يسمع ولا يبصر, ولا يضر ولا ينفع؟, فهم لا يحتاجون الشعب, إلا وقت الإنتخابات, أما إذا شاع مرض, أو عارض مس أموالهم, فإنهم يفزعون الى العرافات, للتنبؤ بحركة الطيور, ويسكنون الصوامع متسائلين, كيف يعتدي الدهر على الأغنياء, فلا يبقي منهم أحداً ولا يذر؟ تذكروا أيها النواب, قول الإمام علي (عليه السلام): “إذا لم تكن عالماً ناطقاً, فكن مستمعاً واعياً”