العرب يحلبون الثور !

العرب يحلبون الثور !

منذ ان طرح العربان مبادرتهم في مؤتمر قُمة بيروت العام ٢٠٠٢ بالاعتراف الرسمي الجماعي بدولة الاحتلال مقابل انسحابها من الاراضي المحتلة في حرب حزيران / يونيو ١٩٦٧ ، وحتى هذه اللحظة ، فانهم مازالوا يرددون هذه النغمة النشاز في مؤتمراتهم وخطبهم ولقاءاتهم دون ان يجدوا من الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة اي تجاوب والعكس هو الصحيح ..

فدولة الاحتلال تكرر دائماً وبمناسبة وبدونها رفضها القاطع للانسحاب من اي شبر احتلته في تلك الحرب او ما تلاها ، بل انها الغت عملياً اتفاقيات اوسلو التي تمخضت عن سلطة فلسطينية مشوهة وعرجاء لا تحل ولا تربط .. وقتلت ياسر عرفات نفسه وجميع القيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية بدعم مطلق ولا محدود عسكرياً وسياسياً من قبل الإدارات الامريكية المتعاقبة : جمهورية كانت ام ديمقراطية وبدعم اقل قليلاً من الدول الغربية .. ولم تكتفِ اسرائيل بذلك بل انها مازالت كل يوم تهاجم بكل الوسائل التدميرية كل الدول العربية التي يرتفع فيها اي صوت لا يتناغم مع مخطط الإحتلال والصهيونية العالمية المرفوع علناً منذ قرن من الزمات والمدعوم من امريكا والغرب : ارضك يا اسرائيل من النيل الى الفرات .. في حين مازال ببغاوات العرب يدعون ويناشدون  ويطلبون ويطرحون مبادرتهم التي ولدت ميتة والتي رفضتها اسرائيل وبالت عليهم وعليها منذ طرحها ، وهذا يثبت احد شيئين لا ثالث لهما : اما ان العرب ( الرسميون طبعاً )  اصماء بما  يكفي ليتجاهلوا رد الفعل الصهيوني على مبادرتهم المضحكة، او انهم اغبياء الى الحد الذي يتصورون فيه ان سياتي اليوم الذي سيظهر فيه صهيوني معتدل واحد قد ( و اقول قد ) يقبل مبادرتهم العقيمة وهذا ابعد من المستحيل رقم مليون وليس سابع المستحيلات .. 

وحقيقة الامر اننا يجب الا نلوم رؤساء العرب وملوكهم ، فهم جميعاً اسرى للإرادة الامريكية والرغبات الصهيونية العليا وان ضمان بقاءهم في كراسيهم هو الانبطاح والقبول بفكرة وجود وتغول وقوة وتفوق الكيان الصهيوني والذي لا يقبل بذلك فان امريكا واسرائيل سوف تقوم بما يلزم ضده ، فاما : احتلال عسكري مباشر وتدمير كل مظاهر الحياة كما حصل في العراق، واما تحريك الشارع في ربيع اسود يحرق كل شيء ويعيد الدولة ومؤسساتها قرناً الى الوراء كما حصل في تونس والجزائر واليمن وسوريا والسودان ومصر وليبيا ، واما حصار اقتصادي وشروط تعجيزية وقروض من البنك وصندوق النقد الدولي، وحدهم ( الحبابين ) من الملوك الذين سلموا الكاك والخرجية بيد امريكا واللوبي الصهيوني العالمي فهم آمنون مطمئنون  على كراسيهم لا يهزها لا ربيع ولا خريف ماداموا سائرين في طريق التطبيع سراً او علانية .. وما داموا يقولون دائماً نعم وموافق ويرددون مبادرتهم العربية العتيدة التي مزقتها دولة الاحتلال ورمتها في وجوههم الكالحة .. والتي اضافوا اليها نغمة تشاببها في النشاز وهي حل الدولتين وهم يعلمون علم اليقين انها مجرد دعوة وامنية وتخليص موقف ردت عليها اسرائيل مراراً وتكراراً بانها لا ترفض المبادرة العربية وحل الدولتين فقط ، بل انها سائرة بكل قوة وبدعم امريكي منقطع النظير نحو شعار اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .

لقد سلبت امريكا والغرب من العرب حتى حق التفكير في مستقبل اجيالهم ، واصطنعت لهم افكاراً وردية عن عالم عربي وشرق اوسط جديد يعيش فيه العرب واسرائيل متحابين متعاونين تحت مايسمى اتفاقات ابراهام .. بل واوصلته الى نهاية ان من يفكر مجرد تفكير في دولة فلسطينية حتى لو على بضعة امتار من ارض فلسطين التاريخية فانه سوف يلقى مصير غزة ولبنان واليمن وسوريا وقطر ايضاً ، والتي هاجمتها وتهاجمها اسرائيل كل يوم لتعلن مؤخراً وبكل صراحة وعلى لسان النتن ياهو انه لا مبادرة عربية ولا دولتين ولا هم يتصورون ويحلمون ، بل دولة يهودية واحدة من النيل إلى الفرات ، وليعقد العربان ماشاؤوا من مؤتمرات وندوات وقُمم وليذهبوا الى الامم المنتحدة او مجلس الامن او الاتحاد الأوروبي او اية جهة يشاؤون فانهم لن يجدوا غير الاحتقار والتجاهل ، لان عالم اليوم لا يعترف بالضعفاء والمنبطحين والمهزومين من الداخل ، والذين لا خيار لهم الا هز الرؤوس بالموافقة غصباً على عگلهم .

 اسرائيل الان ثور هائج واعمى مدجج بكل وسائل القتل والتدمير .. توجهه وتموله امريكا ، وهذا الثور الهائج هو وسيلة الحلب الاساسية التي مابرحت امريكا تهدد بها ساسة العربان.. ولكن هؤلاء الساسة مازالوا يحلمون بانهم ربما سيأتي اليهم ذلك اليوم الذي يستطيعون فيه حلب هذا الثور !.

أحدث المقالات

أحدث المقالات