22 ديسمبر، 2024 7:54 م

لقد شهدت العلاقات العربية التركية منذ تأسيس الحكومة التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك الى يومنا هذا كثير من التشنجات في حقب زمنية عدة ولم تقتصر تلك التشنجات على دوله عربية واحدة بل شملت دولا عديده .
وكان اعتراف تركيا بالكيان الصهيوني عام 1949 بداية لتدهور تلك العلاقات مما ادى لترك اثار سيئة على العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الاقطار العربية وقد تم هذا الاعتراف بضفط امريكي وكخطوة اولى لقبول تركيا في حلف شمال الاطلس .
وحين قامت ثورة 23 تموز 1952 في مصر وسقط النظام الملكي فيها اتسم الموقف التركي من الثورة بالسلبية وقد نجحت الدوائر الغربية في تعميق الخلافات بين مصر وتركيا ,كما كان موقف تركيا من تأميم قناة السويس وفرض السيادة المصرية عليها والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 سلبيا .
اما موقف تركيا من ثورة الجزائر فقد كان سلبيا ولم يتغير الا في اعقاب انقلاب عام 1960 حين دعت الحكومة التركية بتأثير من الزعيم اليميني (الب ارسلان توركيش)الى دعم حركة التحرر الوطني في الجزائر .
وعند قيام ثورة 14 تموز 1958 في العراق وانهيار النظام الملكي حشدت تركيا قواتها على الحدود مع العراق وحاولت التدخل عسكريا للإطاحة بالحكومة الجديدة الا ان التحذير السوفيتي وضفط المعارضة الداخلية في تركيا والنصائح التي قدمتها الولايات المتحدة الامريكية ادت الى منع تركيا من الاقدام على هذا العمل.
وقد اقدمت تركيا في تشرين الاول عام 1969 لحضور مؤتمر القمة الاسلامية الذي انعقد في الرباط بالمغرب لبحث حادثة احراق المسجد الاقصى من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي وقد كان حضور تركيا في المؤتمر الاسلامي بطلب من الولايات المتحدة الامريكية التي طلبت من تركيا ان تقوم بدور فاعل داخل منظمة المؤتمر الاسلامي ولكن لحساب الغرب ويبدو ان الخطة نجحت الى حد كبير .
ولم يتغير موقف تركيا العدائي للدول العربية في حرب 1973 بقيامها باستخدام التسهيلات غير القتالية كمحطات الاتصال خلال عمليات الامداد للكيان الصهيوني .
وقد شهدت الفترة الاخيرة بتدخل واضح ومسفر من قبل تركيا بالشأن العربي وخصوصا في سوريا والعراق وبات واضح للجميع ما تقوم بها تركيا بمد الجيش السوري الحر بالأسلحة والمعدات لا سقاط حكومة الاسد ,ولم يختلف الحال في العراق فقد اخذت تتدخل في الشأن العراقي خصوصا بعد زياره وزير خارجية تركيا الى مدينة كركوك بدون علم مسبق من قبل الحكومة العراقية وايوائها لطارق الهاشمي المحكوم بالإعدام لقيامة بأعمال ارهابية بالعراق .
ولعل المتتبع لشان التركي يرى في خطاب ارد وغان الاخير في ذكرى تاسيس حزب العدالة والذي تطرق فيه الى امجاد السلاقة وإنجازاتهم للإسلام ولذلك نرى في خطبته هذه مؤشر خطير فان ما يصبو الية ارد وغان هو السيطرة والتحكم بالبلدان العربية والاسلامية من خلال تذكيرهم بإنجازات الاتراك سابقا .ويتطلب مثل هكذا وضع ان تكون هنالك مقترحات عملية لتطوير العلاقات التركية العربية امام صناع القرار وتقوم هذه المقترحات على اساسين اثنين .
اولهما الحاجة الى حوار عربي تركي صريح وعملي على غرار الحوار التركي الاوربي فبالرغم من كل العلاقات الرسمية بين تركيا والاقطار العربية فان روح العلاقات بحاجة الى دعم شعبي فالخبرة التاريخية  خلا عهد السيطرة العثمانية التي امتدت لا ربعة قرون والانعزال الطويل بين الاتراك والعرب بعد الحرب العالمية الاولى ,يحتم اجراء مثل هذا الحوار الفكري وبالتأكيد ستظل خلافات وحساسيات سنتوصل الى صيغة تخدم قضايا الامتين العربية والتركية اما الاساس الثاني فهو الحاجة الماسة لتطوير العلاقات بين الشعبين التركي والعربي من خلا برنامج واسع الامد بحيث لا يقتصر على الجوانب السياسية وانما الجوانب الاقتصادية والثقافية وبدون أي تدخل في الشؤن الداخلية للدول العربية.