22 نوفمبر، 2024 8:13 م
Search
Close this search box.

العرب وأهون الشرين ! بايدن ام ترامب ( 2)

العرب وأهون الشرين ! بايدن ام ترامب ( 2)

(ليس العاقل من عرف الخير من الشر وإنما من عرف خير الشرين ) عمر بن الخطاب

في موضوع الانتخابات الامريكية هناك مسألتين اريد التطرق إليهما الاولى اسمع من المحللين ان الرئيس الامريكي ليس بيده شيء ولا يستطيع ان يتخذ قرارات مهمة لأن هناك مجلس النواب ومجلس الشيوخ وهناك مؤسسات كثيرة امنية تكبل يديه وبالتالي ليس المهم من يأتي رئيسا وهذا الكلام فيه قليل من الصحة لأنه في بعض الأحيان يعرقل الكونجرس بعض قرارات رئيس الجمهورية خصوصا اذا كانت الاغلبية في الكونجرس من حزب والرئيس من حزب اّخر وبعض الحالات المحكمة الفيدرالية تعرقل بعض القرارات ، لكن هذا الكلام فيه الكثير من الخطأ لأن رئيس الجمهورية له مساحة واسعة للتحرك واصدار قرارات هامة جدا ولن ننسى قرارات اللعين بوش الاب واللعين ابنه عندما شنوا الحرب على العراق رغم وجود معارضة حقيقة في المجتمع السياسي الامريكي ومع ذلك استطاع بوش الابن ان يتجاوز كل المعارضة واعلن الحرب على العراق .. اذن رئيس الجمهورية منصب مهم وله الحرية في اتخاذ او تمرير القرارت الهامة الى حد ما .. اما المسألة الثانية المهمة التي يجب ان نتكلم عنها هي الحزبين الديمقراطي والجمهوري والتركيز عليهما قبل التركيز على شخص رئيس الجمهورية .. ومن المهم معرفة ايديولوجية كل حزب ومواقفهما من القضايا العالمية وكذلك التي تخص العرب وتخص العراق حتى يمكن اتخاذ الموقف العربي او العراقي المناسب وتحديد استراتيجية مقابلة لاستراتيجية الولايات المتحدة وأوروبا وهذا ما قلناه في الجزء الاول .

الحزب الديمقراطي ..تأسست نواة الحزب عام 1792 وتم تطويره عام 1828 ولذا يعتبر اقدم حزب في العالم تدور فلسفة الحزب المزج بين مفاهيم الحرية المدنية والمساواة الاجتماعية وبين دعم الاقتصاد المختلط ومن مفاهيمه هي الحفاظ على البيئة والمحافظة على البرامج الاجتماعية وتوسيعها ويؤكد على تخفيض رسوم التعليم الجامعي الى حد معقول وضمان الرعاية الصحية الشاملة لكل المواطنين وتكافؤ الفرص وان قانون حماية المستهلك هو جوهر اجندة الحزب الاقتصادية والحزب يؤيد حقوق المثليين والعدالة الاجتماعية وهو أشد صرامة في انتشار السلاح ويطالب الحد منه وهو ضد تشريع الماريجوانا .. أهم الرؤساء الامريكان التابعين للحزب كانوا ، جون كيندي ، وجيمي كارتر ، وبيل كلينتون ، واّخر رئيس من الحزب باراك اوباما .. مواقفهم من الحرب واحتلال العراق كانوا مؤيدين لذلك .. وإن أحد رؤسائهم كلينتون ايضا وجه ضربات على العراق .. بالنسبة لإسرائيل مؤيدين بشدة لأمن اسرائيل والتسابق مع الجمهوريين على تقديم المساعدات لأسرائيل .

الحزب الجمهوري .. تأسس عام 1854 يمكن باختصار تعريف ايديولوجية الحزب بانه يميني متشدد وهو يتبنى سياسة (المحافظ ) فهو يتبنى السياسات الاقتصادية المحافظة والقيم الاجتماعية المحافظة ويدعم تخفيض الضرائب ويتبنى سياسة فرض قيود على الهجرة ( وهذه احد اسباب فشل ترامب ) يؤيد حيازة وحمل السلاح ..اهم الرؤساء من الحزب الجمهوري كانوا ، ابراهام لينكون ، وايزنهاور ، ونيكسون ، و ريغان ، وجورج بوش الاب ، و جورج دبليو بوش الابن واخيرا ترامب .. مواقفهم من الحرب واحتلال العراق مؤيد بقوة لما قام به بوش من تدمير العراق .. يؤيدون اسرائيل والحفاظ على امنها واكثر القرارات ضد القضية الفلسطينية اتخذها ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لأسرائيل وعملية التطبيع بين الدول العربية واسرائيل

اهم القضايا الاساسية التي يختلف فيها الحزبان عن بعضهما

1- الدفاع : الديمقراطيون يقولون انهم انهوا الحرب في العراق بطريقة مسؤولة ( المقصود في عهد اوباما ) وهزموا تنظيم القاعدة بمقتل اسامة بن لادن ووضعوا حد لتقدم حركة طالبان في افغانستان .. ويسعى الديمقراطيون الى التقليل من مخزونات الاسلحة النووية .. اما بالنسبة الى اسرائيل فيقول الديمقراطيون انه لديهم التزاما غير متزعزع بأمن اسرائيل .. اما الجمهوريون فهم يتهمون اوباما باتخاذه مواقف ضعيفة ازاء بعض الدول مثل ايران والصين وكوريا الشمالية وسوريا

2-الضرائب : الجمهوريون يطالبوا بالمساواة بين الأغنياء والفقراء من حيث النسبة ومن حيث التخفيضات الضريبية كما انهم يعارضوا رفع الحد الادنى للاجور بينما الديمقراطيون يطالبوا برفع الضرائب على الاغنياء وخفضها عن الطبقات الوسطى والدنيا

3- قوانين السلاح : الديمقراطيون يطالبون بالحد من انتشار السلاح وزيادة السيطرة على السلاح بينما الجمهوريون لايعارضوا انتشار السلاح ومع تسهيل حيازة وحمل السلاح

4- الهجرة :يؤيد الجمهوريون فرض ضوابط قوية على الحدود ويحاولون فرض قيود على الهجرة خاصة من بعض الدول وقد اتخذ الرئيس ترامب عدة قرارات للحد من الهجرة بينما الديمقراطيون اكثر انفتاحا مع الهجرة واكثر تسهيلا لقوانين الهجرة

العراق وامريكا وبايدن : هذا الموضوع يثير الشجون ويثير الذكريات المؤلمة التي مرت على العراق لنرجع الى الوراء حتى نفهم العقلية الامريكية ( عقلية الكابوي ) .. وعلى مدى خمسة قرون تعرض الهنود الحمر في امريكا لحملات غزو اسبانية وبرتغالية وفرنسية وهولندية وانكليزية سلبتهم انسانيتهم وانزلت بهم فنونا عجيبة من القتل والتدمير وكانت تنظر الى حياتهم ولغاتهم ودياناتهم باحتقار شديد لكن الاميركان من اصل انكليزي (الانكلوساكسون ) وحدهم كانوا الاكثر همجية والاكثر عدوانا واصرارا على تدمير الحياة الهندية وحدهم جاءوا بفكرة مسبقة عن امريكا نسجوها من لحم فكرة اقامة اسرائيل التاريخية وهي فكرة احتلال ارض الغير واستبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة ان فكرة امريكا تجسد مشيئة الله في ارض كنعان الجديدة واهلها وثقافتها كما جسدت اسرائيل فكرة مشيئة الله في ارض كنعان القديمة فلسطين واهلها وثقافة الاحتلال مازالت في عقلهم سائدة حتى الان ، فاول مااعلنه الرئيس بوش بعد غزو العراق في 2003/10/8( ان العراق تحرر من غرف الاغتصاب )وكذلك اعلن بول بريمير في 2003/9/2 (ان العراقيين الان لم يعودوا يخافون ان تساق زوجاتهم الى غرف الاغتصاب ) ولااحد يعلم عن ماذا يتكلمون ونسوا اعمال الاغتصاب في سجن ابو غريب التي تعرض لها السجناء .. وكذلك فأن تدمير العراق وافغانستان بالنسبة الى ( السعلوة ) لورا بوش زوجة بوش التي تقول عن احتلالهما ( من اجل تحرير المرأة وكرامتها ) وفي مقال ساخر للغارديان بتاريخ 2004/3/26 بعنوان ( ماذا فعل جورج بوش للمرأة ) ذكرت الكاتبة ان الادارة الامريكية تدعي ان احتلال قصور صدام كان بسبب امعان النظام البعثي في اغتصاب النساء … بينما الحقيقة انه لايزال اطفال امريكا الفقراء الى الاّن عرضة الى الاعتداء والاغتصاب .. مثل ماحصل في مدينة لاس فيغاس عندما تم الاعتداء على 400 طفل في شهر واحد من عام 2007 .. ان فكرة امريكا تجسد مشيئة الله في ارض كنعان الجديدة واهلها وثقافتها … كان جون سمث الانكليزي ومؤسس اول مستعمرة انكليزية في امريكا يعتبر الحرب على الهنود الحمر استمرار للحرب الصليبية المقدسة ضد المسلمين هذا هو تفكير اغلب الساسة الاميركان وخاصة البروتستانت الانجيلية

 

جوزيف روبينيت بايدن : مواليد 1942 سيناتور في مجلس الشيوخ منذ عام 1973 لغاية 2009 عندما اصبح نائبا للرئيس اوباما ولغاية 2017 وهو كاثوليكي .. هناك مسألة شخصية ولكني اعتقد انه من المهم ذكرها لانها تركت اثرها على شخصيته وهي احد الاسباب التي جعلته يبدو اقل بعدا عن الناس مقارنة من الساسة الاخرين ( وربما هي ساعدته على الحصول على الاصوات ) وهي انه مر بالتجربة الوحيدة التي تؤثر على الجميع الموت خصوصا موت ابنه عام 2015 والتي بالتاكيد سببت انكسار في قوته وهي الحادثة الثانية فسبق ان توفت زوجته الاولى وابنتهما في حادثة سيارة لذا فان بايدن بدى اكثر ضعفا لانكساره وربما سينعكس ذلك على بعض قراراته .. في عام 1991 صوت ضد الحرب على العراق … وفي عام 2002 صوت بايدن في مجلس الشيوخ لصالح الغزو الامريكي للعراق ثم اصبح من منتقدي تورط بلاده في غزو العراق .. وعرف عنه تشدده وتأييده لمشروع تقسيم العراق الى ثلاثة دول واعتبر ان ذلك هو الحل الامثل لازمة العراق ولايوجد حلا غيره ..ولايعرف بعد ان كان مصرا على هذا الامر .. زار العراق عدة مرات عندما كان نائبا للرئيس والتقى بأغلب ( السرسرية) من السياسيين و(حضن وبوس ) .. المالكي وعلاوي وجلال والعبادي ….علاقة بايدن مع اسرائيل قوية جدا وبقي طيلة اربعين سنة من مسيرته السياسية مدافعا قويا عن اسرائيل ويتوقع ان يلاقي فوز بايدن ترحيبا من المؤسسة السياسية والعسكرية الاسرائيلية قال عام 2015 ( يجب على الولايات المتحدة التمسك بوعدها المقدس بحماية وطن الشعب اليهودي) .. ويتوقع ان يلعب بايدن دورا في استعادة الدور الامريكي كمحاور بين اسرائيل والفلسطينيين بعد ان قطعت السلطة الفلسطينية العلاقات مع ترامب .

في الختام وهذا رأي الشخصي انا لم احب الرئيس ترامب ولكني فضلته على بايدن لعدة اسباب اولها موقفه من ايران والحد من تدخلها في العراق والمنطقة وواحدة من انجازاته هي اغتيال سليماني والامر الاّخر انه كان سيقود الولايات المتحدة الى الانهيار والى الفوضى الداخلية وهذا امر جيد بالنسبة للعالم كله ، اما الامر المهم انه كان مجنونا فوضويا وكل تصرفاته وقراراته على لسانه بمعنى ليس لديه خطط ومؤامرات الدولة العميقة التي يمثلها بايدن .. ترامب اصبح ظاهرة في المجتمع الامريكي يمكن تسميتها الظاهرة الترامبية ورغم خسارته فانه حصل على اكثر من 70 مليون صوت وهو عدد كبير ..

لقد اصبح الحزبان كبيران ومتنوعان داخل المجتمع الامريكي بحيث اصبح من الصعب تحديد خط فاصل بينهما فيمكن ان نجد المتطرفين والمعتدلين من كل القضايا نجدهم في الطرفين وقد يبدو الامر للكثير انه لافرق بين الحزبان في الكثير من المواقف … ننتظر لنرى ما سيفعله بايدن تجاه العراق وفلسطين وسوريا وايران .. ولكن الامر لايدعو الى التفاؤل الكثير خاصة ما يخص العراق ويخطيء من يتصور ان الحل سيأتي من اميركا ان الحل هنا في العراق بيد الشعب العراقي

 

 

أحدث المقالات