23 ديسمبر، 2024 4:42 ص

العرب بين دوامة تغير المناخ وضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدولية

العرب بين دوامة تغير المناخ وضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدولية

لا يمكن حل التحديات العالمية الا من خلال تضافر الجهود الدولية، كما ان حماية الارض والمناخ والطبيعة بكل جوانبها تعتبر احد اهم التحديات العالمية، ولذلك قامت الامم المتحدة بتجميع كل قواها في مدينة بون الالمانية لتتحول المدينة بفضل وجود 18 هيئة اممية بها الى مركز للسياسات الدولية في مجال حماية المناخ والتنمية المستدامة.
فقد انطلقت يوم امس الاثنين 6|11|2017 فعاليات قمة المناخ 23 في مدينة بون الالمانية بحضور ممثلي 196 دولة لمحاولة ترجمة التواقيع والاتفاقيات التي تم التوصل اليها في مؤتمر باريس 2015 الى برامج عملية حقيقية لتحقيق الالتزامات الدولية ببنود اتفاقية باريس الشهيرة، هذه الاتفاقية التي صفق لها الجميع ورسمت البسمة على وجوه الشعوب الفقيرة المهددة بمخاطر التغير المناخي وعادت لها روح الامل بالعيش بأمن وسلام.
لا يخفى على احد ان المنطقة العربية من اكثر مناطق العالم المتأثرة بالتغيرات المناخية ولاسيما قضايا الاجهاد المائي والتصحر وارتفاع درجات الحرارة وتراجع الانتاج الغذائي وارتفاع مستوى البحار وتردي الصحة البشرية، لذلك ينبغي على الوفود العربية المشاركة اليوم في مفاوضات المناخ ان تلعب دورا مهما وكبيرا لتحقيق مبادئ وبنود اتفاق باريس ولكي تستفيد من الدعم الدولي الذي تحتاج اليه للتكيف مع آثار التغير المناخي، عليها ان تلعب دورا ايجابيا للمساهمـة في العمل الدولي للوصول الى اتفاقـات في المجالات التالية:
1. كفاءة استخدام الطاقة التقليدية وتطوير واعتماد مصادر الطاقة المتجددة.
2. تطوير التكنولوجيات والتعاون العلمي ونقل الخبرات وبناء القدرات.
3. مساعدة الدول الأقل نمواً لاعتماد تدابير التكيّف.
4. التشجير ومكافحة التصحر وتنظيم استخدام الأراضي.
5. اعتماد آليات شفافة للتمويل وتسديد ما تم الالتزام به في المؤتمـرات السابقـة لتخضيـر الاقتصـاد وتمويـل آلية التنمية النظيفة.
لكن ثمة عقبة تقف امام المفاوضين العرب اليوم تتمثل بعدم مقدرة بعض الدول العربية المعتمدة اعتمادا شبه كليا في اقتصادها على الوقود الاحفوري وأنى لها الحد من انتاج الوقود الاحفوري والتحول الى الطاقات المتجددة وهي التي تعتمد على عائدات النفط في سد الاحتياجات الوطنية من الغذاء والدواء وكافة الاحتياجات المحلية الاخرى، في الوقت الذي عزمت فيه جميع الدول المتقدمة وبعض الدول النامية تنفيذ خططا وطنية لكفاءة استخدام الطاقة والتحول التدريجي الى استخدام الطاقات المتجددة رغم الفكرة الشائعة بأن هذه الطاقات غالية الثمن الا انها من اسرع الطاقات انتشارا وتطورا على المستوى الدولي فقد بلغت قيمة الاستثمارات العالمية في هذا المجال نحو 264 مليار دولار خلال فترة قياسية، وهو ما يعد قفزة هائلة بحسب بعض الخبراء.
وكشف تقرير صادر عن شبكة سياسة الطاقة المتجددة (REN 21) أن هذه المبالغ الهائلة استثمرت خلال الفترة القصيرة الممتدة من نهاية العام 2016 وحتى الفترة الحالية من العام 2017، أي خلال مدة لا تزيد على 10 أشهر.
ولفت التقرير إلى أن تكلفة الطاقة المتجددة في مختلف القطاعات آخذة بالانخفاض، مبيناً أن الاهتمام بتكنولوجيا الاستفادة من الطاقة الشمسية كان الأكثر شيوعاً خلال العام الماضي، وفي سياق متصل تشير جميع التوقعات الى ان حصة الطاقة المتجددة ستصل الى 50% عالميا سنة 2050، فعلى الدول العربية المصدرة للبترول ان تعي ذلك جيدا وأن تكون مستعدة للتعامل مع هذا الوضع، الذي سينتج عنه انخفاض في حصة الفرد الفعلية من دخل البترول. فكيف للحكومات العربية ان توازن بين المحافظة على مستوى لائق من الحياة لشعوبها، وان تفي بوعودها بتنفيذ اتفاقية باريس ودعم برامج التنمية في المنطقة عامة؟
على الدول العربية المنتجة للنفط اليوم ان تنوع اقتصاداتها لتخفيف الاعتماد على النفط، كما ينبغي ان تتحول عائدات النفط الى تكنولوجيا يتم تطويرها وامتلاكها محلياً، وليس استيرادها على شكل معدات جاهزة، وكذلك الاستثمار في الطاقات المتجددة ليس للاستهلاك المحلي فحسب بل للتصدير ايضا، فالمنطقة العربية تزخر بالموارد الطبيعية التي يمكن تسخيرها لإنتاج الطاقات النظيفة كالشمس والرياح والمياه، فعلى سبيل المثال هناك دراسة غربية قديمة تفيد بأن العراق يستطيع توليد طاقة كهربائية من طاقة الشمس تسد حاجة مليار شخص لو استغل مساحة في صحرائه الغربية بقدر مساحة الكويت لغرض توليد الطاقة. في حقيقة الامر نجد اليوم في بعض الدول العربية توجها نحو التحول الى الطاقات المتجددة كالمغرب والامارات والمملكة العربية السعودية والاردن الا ان تلك الجهود لا تزال ضعيفة وهي دون مستوى الطموح، فبحسب وكالة الطاقة المتجددة الدولية فإن مؤشر نسبة الطاقة المتجددة من مجموع مصادر الطاقة المتوفرة لا يتجاوز الـ 6%.
جميع انظار المراقبين تتجه اليوم الى مؤتمر بون 23 للمناخ والتطلع لمعرفة ما يمكن ان تخرج به جعبة العرب من اروقة المفاوضات، فعسى خيرُ قادم، ولعل املا يلوح بالأفق لتجنيب المنطقة والعالم من كوارث مناخية محتملة الوقوع ستكون وبالا على العديد من دول المنطقة التي تعاني من ازمات امنية وسياسية واقتصادية وضعف في البنى التحتية وعدم القدرة على الصمود في وجه الظروف المناخية الصعبة وللمحافظة.