قبل أكثر من عقد من الزمن ظهرت على الفضائية السورية ومعي الشيخ الحبيب جواد الخالصي أبن الخالصي الكبير الذي كافح الاستعمار البريطاني الأول في العراق يوم كان الاحتلال الأجنبي يسمى استعمار.. أي قبل ان يتغير المعجم العربي في العراق ليسمي الاحتلال تغيير او تحرير وكان الأخ نضال قبلان مدير القناة يدير اللقاء الذي انصرف للحديث عن المقاومة العراقية في حينه … توجه لي سؤال عن وجود أجانب في المقاومة العراقية ولم يكن هناك غير العرب هناك فأجبت ((أن الذين احتلوا العراق هم ألأمه الامريكية والامه البريطانية ولا أدرى لماذا نقاومهم كعراقيين ونحن لسنا امه بل جزء من امه؟؟ ومتى أصبح العرب أجانب في عراقهم العربي؟؟ ألم يحتلونا هم كأمم فلماذا لا نخرجهم من ارض العرب كأمة؟؟)) انتقل الحديث للشيخ الخالصي ليقول ((توجد امة إسلامية تضم العرب والفرس والأتراك وغيرهم)) اجبت ((لا يوجد شيء اسمه امة إسلامية او مسيحية او بوذية بل يوجد عالم إسلامي وعالم مسيحي كما يوجد عالم رأسمالي وعالم شيوعي فالأديان رغم انها رسالات سماوية منزلة الا انها في الوقت نفسه عقائد فكرية (أيدولوجيات) أما القومية فروابطها امتن بكثير من ان تكون عقيدة فقط انها ثقافة لأن اللغة ثقافة وهي انتماء طبيعي أزلي أبدي فيمكن ان يعلن المسيحي اسلامه والعكس صحيح ولكن لا يمكن للعربي ان يعلن تركمانيته والعكس صحيح.. وأردفت: العربي المسيحي يعتز بعمر المختار الليبي وسلطان باشا الأطرش السوري وعبدالقادر الجزائري أكثر مما يعتز به المسلم غير العربي بل اننا لا نتذكر ان المختار هو ليبي بل نتذكره كقائد عربي.. ما الذي يربطني بالمسلم الباكستاني؟ هل يطرب مثلي لصوت ام كلثوم المصرية او اسمهان السورية ام يهتز عندما يسمع قصيدة لمظفر النواب العراقي او نشيد الله أكبر فوق كيد المعتدي المصري؟؟ أو ان يسمع احمد سعيد يصيح هنا القاهرة، او ان يسمع خلال حرب تشرين هنا القنيطرة
هنا نتوقف قليلا لنسأل: هل هناك فكر قومي وهل ان البعث او حركة الاشتراكية العربية مثلا بنت او اوجدت فكر قومي عربي؟؟ وهل ان القومية العربية تحتاج الى تنضير أو فكر؟؟ المنطق يقول ان الانتماء الى قومية ما هو ليس فكرا بقدر ما هو انتماء طبيعي للغاية ، فالألماني لا يحتاج فكر ليثبت له انه الماني ، وهكذا كل القوميات الأخرى بضمنها العربية ، ولكننا نجد ان الأحزاب القومية في الوطن العربي هي اكثر من الأحزاب القومية في العالم كله ، وهنا لا ينبغي لنا ان نسأل لماذا ؟ فالجواب واضح وهو ان معظم القوميات غير العربية تعيش في اوطانها وضمن حدودها وبالتالي فأن أهدافها القومية متحققة ولا داعي لتشكيل الأحزاب والتنظيمات القومية وهذا ما لا ينطبق على العرب الذين لا وطن لهم لأنهم يعيشون في (19) قطرا تقع في قارتين وعملاتهم تبدأ بالجنيه مرورا بالدينار والريال والدرهم والليرة والفرنك والاوقية والشلن وتنتهي بالشيكل الإسرائيلي في فلسطين … وبينما تمكنت دول الاتحاد الأوروبي ان تتوحد باليورو رغم ان هذا الاتحاد يضم اكثر من (60) قومية ودين ومذهب ، بينما الافتراق العربي قائم على قدم وساق تنتابه بعض من نوبات الوفاق المؤقتة كون الصراع بينهم حالة دائمة . ويصل الصراع بينهم أحيانا ان يحتل بعظهم بعضا ويتآمر بعظهم على البعض الآخر بل ووصل الامر الى ان نفرغ خزائننا في القتال بيننا لأراقه دمائنا، وتحقيق مصالح اعدائنا.
نسأل الآن هل ان في اعتزازنا بانتمائنا الطبيعي الى أهلنا العرب فيه عيب ام سبة؟؟ وهل ان نزوعنا لنكون مثل شعوب العالم في وطن واحد يعد (شوفينية) ؟؟وهل ان هذا النزوع يعد (جاهلية) كما يطلق عليه الإسلام السياسي؟؟ وإذا أردنا ان نكون (واقعيين) فبماذا نستبدل انتمائنا؟ هل نقول (الامة السورية) او (الامة المصرية)؟؟ ونقول النبي محمد السعودي لا سامح الله ام نقول محمد العربي؟؟ وهل نقول ان لغة اهل الجنة هي العراقية ام العربية؟؟ وهل نقول بعد ان نستغفر الله ((انا انزلناه قرآنا جزائريا))؟؟
نقول لكل من يريد استبدال عروبتنا بالإسلام اننا امة عربية تنتمي الى العالم الإسلامي كأمة قائدة لأننا من حمل سور القرآن وأسفار الكتاب المقدس الى العالم الإسلامي والمسيحي وأننا نعتز بكل ما انزله الله على رسله ونحن الذين نعي معنى القومية وكوننا نعتز بقومتينا فنحن الاكثر اعتزازا بالقوميات الأخرى وبالإنسانية كلها.