23 ديسمبر، 2024 10:55 ص

العربدات الغريبة

العربدات الغريبة

-1-

ليس على وجه البسيطة اليوم مجموعةٌ تدّعي العلم والدراية ، أكثر تحجراً ، وأشدّ تَكُلّسا من الدعاة الوهابيين ، وفتاواهم الغريبة المريبة التي ما أنزل الله بها من سلطان ..!!

انهم يحرّمون الحلال ، كقيادة المرأة للسيارة ، ويحلّلون الحرام من خلال دعمهم للتكفيريين المستبيحين لدماء المسلمين واموالهم وأعراضهم في مختلف بقاع العالم ومنها الوطن الحبيب الذي مُني بشذاذ الآفاق من خوارج العصر .

ومن الانصاف أنْ نستثني بعضهم من الاتسام بهذه الصفة ، إلاّ أنهم القلة النادرة، أمام الركام الهائل من القشريين الجامدين المتعصبين المتخلفين..

-2-

إنَّ من أهم المبادئ الاسلامية – كما هو معلوم – نصرة المظلوم ، ومحاربة الظالم .

والنصرة بالدعم المادي والمعنوي … والمجال مفتوحٌ لألوان وألوان من الوسائل الجديدة المبتكرة، التي تصبّ في المحصلة النهائية لصالح الانتصار للمظلوم …

-3-

وليست المظاهرات الجماهيرية، الاّ واحدة من هذه الوسائل المعبّرة عن السخط على الظالم ، والوقوف مع المظلوم في محنته .

وأيةُ حزازةٍ أو غضاضة في مثل هذه الوسيلة السليمة القويّة في دلالاتها السياسية والاجتماعية ، في الانتصار للقضايا العادلة ، وفي طليعتها القضية الفلسطينية أمام جبروت وطغيان الصهيونية الغاصبة الغادرة وعدوانها الساحق الماحق على الأرواح والمقدسات والممتلكات ، ولا

سيما عدوانها الأخير على (غزّة) الشهيدة ، الذي مارست فيه (اسرائيل) – وبكل صلف ووقاحة – جرائم ترقى الى مستوى جرائم الحرب والابادة الجماعيّة ؟!

واذا كان الاحرار من مختلف الشعوب في العالم قد عبّروا بتظاهراتهم الشعبية عن مساندتهم لاهل (عزّة) ،في تصديهم للعدوان الصهيوني، فكيف لايعبّر أبناء الاسلام عن مشاعرهم الغاضبة ، وعواطفهم الملتهبه ازاء اخوانهم الفلسطينيين المظلومين في غزّة ؟!

إنّ فِقْه المسألة واضح

الأصل في الاشياء الإباحة – كما يقول الفقهاء – ونصرة أهلنا في (غزّة) وهم يقارعون الطغيان الصهيوني – ولو بالتظاهرات- من أفضل الأعمال، في كل الموازين الشرعية والسياسية والانسانية والاخلاقية ..

-4-

الا أنَّ رئيس مجلس القضاء الأعلى السعودي الشيخ صالح اللحيدان وَصَفَ التظاهرات بأنها (استنكار غوغائي)، معتبراً انها من (باب الفساد في الأرض ، حيث تشهد أعمال فوضى وتخريب ) .

ان هذا الافتراض وَهْمِيٌ لا واقع له ،وانما يفترضه اللحيدان افتراضا ، لذلك استدرك بالقول :

( حتى اذا لم تشهد المظاهرات أعمالاً تخريبية، فهي تصد الناس عن ذِكْر الله ) …!!!

أرأيت كيف يكون التعليل بارداً بعيداً عن الحقيقة ؟!

ويقول : ” وربما اضطروا الى ان يحصل منهم عمل تخريبي لم يُقصدوه “

وكأنَّه عاد الى اللحن القديم ، لحن الافتراضات الباطلة الموهومة .

انه يحرص على تحاشي الاصطدام (بالجلاوزة)، الذين تأمرهم سلطات أسياده بتفريق المتظاهرين وإهانتهم ، بما يضطرهم أحيانا للدفاع عن كرامتهم المنتهكة وحقوقهم المسلوبة …

ان هذه الفتوى اذن، فتوى منحازة لصالح الأسياد ، وليس لها ما يشهد بصحتها من الأدلة المعتبرة …

-5-

وعلى هذا الدرب سار من هو أكبر من اللحيدان .

لقد قال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ – مفتي عام المملكة العربية السعودية – ورئيس ما يسمّى بـ (هيئة كبار العلماء) :

عن التظاهرات التي انطلقت في العديد من الدول العربية والاسلامية لنصرة الفلسطينيين في قطاع (غزّة) في ما عُرف (بيوم الغضب) بأنها :

” أعمالٌ غوغائية ، وضوضاء لاخير منها “

لقد نقلت ذلك عنه صحيفة (عكاظ) السعودية ..!!

ان هذا التوصيف ، غايةٌ في البلادة ، والبعد عن فهم الموقف ومتطلباته، ، وهو ما يذّكرنا بدور ” وعاظ السلاطين ” في تخدير الأمة ، وشلّ حركتها الواعية ، والسعي الحثيث المحموم للحفاظ على مصالح الأسياد.. لا على مصالح الاسلام والعباد ..!!