23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

العراق يستغيث ابنائه  

العراق يستغيث ابنائه  

ذاك العراق الذي كان محطا للانظار ومثالا وقبلة للاخرين في شجاعة اهله ونخوتهم ومروئتهم وسمو نفوسهم ..ذاك العراق الذي كان 
ملاذا وعمقا وحاضنة للخيرين والطيبين والمحتاجين، و مقصد العلماء والمفكرين والشعراء ..ذاك العراق الذي يحتذا به في الاخوة والتماسك والمحبة والتعايش الاخوي السلمي لما يحتضن بين جنباته من اقوام وشعوب وطوائف يكمل احداهما الاخر ..عرب ،كرد ،مسيحيين ،ايزديين ،مندائيين..اليست هذه جنينة تفوح بعطر الياسمين ..ذاك العراق الغني بثرواته وخيراته العميمة .. زراعة وصناعة ونفط وغاز ،عراق دجلة والفرات واهوار الجنوب وجبال كردستان الشماء..عراق العتبات المقدسة، ومهد حضارة الاشوريين والبابليين يقصده العلماء والمفكرين للبحث والتنقيب والاثراء من معارفه وكنوزه التي لا تنضب .. هوذا العراق وهذا غيظ من فيض وهذه كلمات قليلة وبسيطة يمكن ان تقال على عجالة في حق العراق واهله المحرومين من كل خيراته وطيباته العميمة.
فكيف كان..؟ وكيف اصبح وامسى..؟ انها حقا لمفارقة تاريخية فهل يمكن ان نقنع انفسنا بان هذا هو قدر العراق واهله؟ وان هناك من دعى على العراق والعراقيين بأن لا تقوم لهم قائمة حتى يوم الدين ..؟ وعلى اساس تلك الدعوى ابتلا العراقيون بحفنة من الحكام الجائرين والظالمين وفترات حكم سوداء مدلهمة راعدة بارقة حارقة غير ممطرة .. حيث احترق العراق والعراقيون على مدى اكثر من ثلاثينن عاما وعلى ايدي البعث الفاشي متمثلا في القتل والعذاب والسجون والتهجير والمنافي والحروب الظالمة التي احرقت الاخضر واليابس وافقدتنا خيرة ابنائنا واجزاء طاهرة معطاء من اراضينا ومع كل ما فعلوه ها هم نجدهم اليوم يتباكون على العرب والعروبة وتصلنا اصواتهم النشاز منادين بالزحف على بغداد لحرقها عن بكرة ابيها بنيران الفتنة الطائفية المقيتة ..لقد تضامن الكثيرون من ابناء الشعب العراقي مع مطالب المتظاهرين ولكن الكل يرفض البعث والقاعدة وسيطرتهم على التظاهرات وتوجيهها لمصالحهم الهدامة.
اليوم وبعد عشرة سنوات من الحكم الطائفي المقيت ثبت وبشكل قاطع يعترف به الجميع وخصوصا من هم في الحكم انه حكم فاشل سيؤدي بالبلاد الى الجحيم ولكن المفارقة العجيبة انهم يدينون الطائفية المقيتة وبنفس الوقت يتمسكون بعراها لانها مصدر قوتهم وبقائهم في الحكم وهذه الطامة الكبرى.
اليوم اصبح العراق اضعف الدول في محيطه سواءا كان في العدة والعتاد والتدريب والتسليح ، سماء مكشوفة ناقص السيادة اراضيه مستباحة لاحرمة لها يدنسها كل من هب ودب من اللصوص والارهابيين والقتلة.
والامرّ والاخطر من هذا وذاك استشراء روح العداء والفتنة الطائفية على حساب الاخوة واللحمة الوطنية، وشيوع الفوضى والمحاصصة والعودة بالعراق الى الوراء والتخلي عن سيادة قانون الدولة لصالح الحكم العشائري والاقطاعي واحتماء سياسيي العراق وراء تلك الاعراف والاساليب البالية والتي لا تتماشى والتطور الحضاري والحياة البشرية العصرية.
وها هي ثرواتنا تنهب من قبل الجيران امام مرئى ومسمع حكامنا سواء كان النفط اوالمياه اوالاراضي وهم لا يحركون ساكنا وفي افضل الاحوال يلجأ حكامنا الى المناشدات والاستجداءات لا اكثر.
واليوم اصبح العراق يعتمد على ثروة النفط الناضبة بعدما فقد مصانعه ومعامله وورشاته ولا تلوح في الافق اية بوادر وتحركات جدية لاعادة تلك الصناعات الى سابق عهدها ..كما اصبح العراق يعاني من انهيار الزراعة وشحة المياه بعدما حبسوا الجيران كل مصادر المياه عنه ونرى العراق عاجز عن المطالبة الجدية بفك ذلك الحصار لعدم وجود قوانين تحكم وتحدد علاقاته بالاخرين في هذه المجالات..وعليه فقد اصبحنا نستورد كل شئ من الخارج.
لقد اصبح العراق من الدول الاولى في الفساد الاداري والمالي وتهريب العملة وتبديد المال العام كما اصبح المتنفذون لا يخجلون ولا يعيرون اية اهمية لتهمة السرقة او الرشوة اوالفساد اوالتحايل التي توجه لهم ويتهمون بها لان الكل سواسية في الجريمة وليس هناك احد احسن من الاخر ( اللهم الا ما ندر).
في كل يوم يطلع علينا قائدا هماما يستل سيفه ويعلن نفسه ناطقا باسم الدين والمذهب معلنا عن عديد جيشه الجرار وارتباطه العلني بالاجني دون خجل محذرا كل من يقف بوجهه ويحاول منعه من تطبيق الشريعة وحكم الله، بالويل والثبور والقصاص بحد السيف والدولة خائرة القوى لا تحرك ساكنا وهذا ما يثير الشك ويزرع الريبة في نفوس العراقيين ..وعدا ذلك هناك العديد من اشكال والوان العصابات التي تمارس الخطف والقتل والسرقة واخذ الاتاوات والقتل الطائفي وسرقة الاثار والاطفال فاين هم حكام العراق من كل ذلك فجميع الاحزاب والقوى المتنفذة المشاركة في الحكم يتحملون المسؤولية عما يجري للعراق واهله جراء صراعاتهم اللآمبدئة وتخندقهم وراء مصالحهم وطوائفهم وعشائرهم ومناطقهم وابتعادهم عن الوطنية الحقة والنظر لكل العراق والعراقيين بروح المسؤولية الوطنية العابرة للمحاصصة والطائفية.
واخيرا اريد ان اقول للمواطن العراقي آن الاوان لكي تقول كلمتك الشجاعة وتنفض يدك من تاييد تلك الاحزاب في الانتخابات القادمة وصدقوني ان حكامنا جميعهم لايخدمون لا هذه الطائفة ولا تلك انما يخدمون انفسهم فقط..وهم ومع الاسف الشديد  يضحكون على الجميع..  من الشيعة  والسنة.. والرد المناسب على الاحزاب الطائفية هو اسقاطها في الانتخابات القادمة اذا اردنا ان نثبت المقولة التي تصف العراقيين بانهم (مفتحين باللبن) وعكس ذلك فالذي يبصم للاحزاب الطائفية هو من يتحمل جريرة عمله ولا يظهر على شاشات التلفاز ليعلن عن ندمه ويعض على اصبعه.