23 ديسمبر، 2024 2:15 م

العراق يحشر نفسه في الزاوية الحرجة !

العراق يحشر نفسه في الزاوية الحرجة !

منذ اليومين او الثلاثة الماضية والى الأسابيع القلائل القادمة والى أن يحين موعد انتخاب رئيس الوزراء القادم ” سواءً كان السيد العبادي او سواه ” , فهذه الفترة هي الأصعب والأكثر إحراجاً وغموضاً في الخمسة عشر سنةٍ الماضية التي اعقبت الأحتلال الأمريكي , ومن الواضح أنّ تحديد بدء هذه المدة هو تصريح رئيس الوزراء بألتزام العراق بالعقوبات الأمريكية بالرغم من معارضته لهذه العقوبات اخلاقياً وعاطفياً , وإذ العبادي هو ” دعوجي ” من الدرجة الأولى , فلربما لم يسمع البعض من الجمهور بأنّ العبادي قد سبق تصريحه هذا بأرسال طلب خاص الى الأدارة الأمريكية ” ولم ينتشر في الأعلام بنسبةٍ كبيرة ” , يطلب فيها إعفاء واستثناء العراق من الألتزام بهذه العقوبات بسبب ظرفه الخاصة وحدوده البريّة المشتركة ومياهه المتشاطئة مع ايران , لكنّ الخارجية الأمريكية رفضت الألتماس العراقي بشدة , ثم جرى تقديم طلبٍ آخر يوضح اكثر حاجة العراق للكهرباء والوقود الأيراني , بَيدَ أنّ الأمريكان تجاهلوا الرسالة العراقية ولم يكلّفوا انفسهم للرد عليها , وحسبما انتشر في الأخبار بأنّ اعلان رئيس الوزراء بالألتزام بهذه العقوبات هو التحسّب والخشية من أن تفرض الأدارة الأمريكية عقوبات اخرى على العراق وتوقف الدعم الدولي في مساعدة العراق عسكرياً ولوجستيا , لكنّ الأكثر سخونةً من كلّ ذلك هو المعارضة الشديدة للأحزاب والفصائل المسلحة العراقية للألتزام بتنفيذ العقوبات الأمريكية المتعددة الأوجه لأيران , وتأثير وانعكاس ذلك على اعادة انتخاب العبادي او عدمه , والمسألة هنا لا تتعلق بشخص رئيس الوزراء القادم أيّاً كان , بل بموقفه من الوضع القائم بين طهران وواشنطن والقابل للتصعيد بعد الشهرين القادمين , وما سيفرزه ذلك التحدي على الشعب العراقي.

وقد كان معروفاً مسبقاً موقف الأحزاب الموالية لأيران من هذا الأجراء الأمريكي , ولم يشكّل اعتراضهم اية مفاجأة للمجتمع العراقي بالرغم من توقف ايران بتزويد العراق بالكهرباء وقطع المياه على بعض الانهار العراقية , وكأنّ شيئاً لم يكن وكأنّ حدثاً لم يحدث .! وهذا ما متوقّع ايضاً .

وإذ لسنا هنا بصددِ إبداء تصوّراتٍ مسبقة للتطورات التي ستعقب انتخاب رئيس الوزراء الجديد , لكنما من زاويةٍ اعلاميّةٍ تجريدية فلا نستبعد أن يعلن رئيس الوزراء العراقي الجديد التزامه ” في الإعلام ” بتنفيذ العقوبات الأمريكية على طهران , لكنه يبدأ تعاوناً فورياً ومكثفاً مع الحكومة الأيرانية ” سرّاً ” وبمختلف المجالات الأقتصادية والبترولية وايصال العملة الصعبة الى المصارف الأيرانية بطريقةٍ وسواها , وما اكثر طرق الألتفاف والطرق الملتوية الأخرى , ومن المؤكد أنّ ذلك سوف لن يخفى على الأجهزة الأمريكية , لكنه سيمنح وقتأً وظرفاً للمناورة .! , وإذ أنّ هذا السيناريو الأفتراضي قابل للتطبيق او يصعب تنفيذه بالمطلق , وبمعنى أن يعلن الرئيس الجديد لمجلس الوزراء موقفه الرافض بالكامل لتنفيذ ايّ اجراءاتٍ امريكية ضدّ النظام الأيراني وليحصل ما يحصل , فأنَّ قلقاً مقلقاً يسود الشارع العراقي منْ احتمال تعرّض العراق لأحتلالٍ امريكيّ جديد ” وهي افتراضاتٌ سيكولوجية وسوسيولوجية – سياسية ” لها ما يبررها , ويرافق ذلك ويصاحبه الخشية الأستباقية من تعرّض البلاد لحصارٍ امريكيٍّ جديد , فالرئيس الأمريكي رجلٌ صعب وتصعب التكهنات بسلوكه حتى لدى البنتاغون واجهزة الأستخبارات الأمريكية .

ونضيف في هذا المضيف العسكري او الحربي , فبالرغم من سحب بوارجٍ وسفنٍ حربية وطرّادات امريكية من بحر الصين الى مياه الخليج العربي وبحر عمان وتزويد دول الخليج بأحدث منظومات الصواريخ الأمريكية ” وهي من متطلبات الحرب النفسية والدبلوماسية , وحتى الفعلية المفترضة ” , لكنّ احتمالات التسوية عبر تقديمِ تنازلاتٍ ما هنا وهناك , فهي ليست معدومة بالكامل والمطلق وترتبط بتطورات مستجدّة واحداثٍ قد تحدث , والبوابة مفتوحةٌ لمزيدٍ من الأحتمالات …