اصبح العراق واليمن خارج اللعبة السياسية بين روسيا و الولايات المتحدة الاميركية بعد ان ربحها التحالف الدولي من خلال الاتفاق النووي الايراني الذي قيد الاذرع الايرانية في تحصين جبهة الحوثيين من جهة و جبهة الحشد الشعبي في العراق من جهة اخرى ، وبات الامر فيهما مجرد ترتيب اوراق لاعادة انتشار القوات الاميركية في العراق واليمن بعد ان عملت من خلال مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة على اصدار قرار 2216 لسنة 2015 الذي الزم الجانب الحوثي بالانسحاب من جميع المدن التي استولى عليها و اعادة السلاح الى مخازن الجيش اليمني والا سيكون التدخل البري للتحالف الدولي امراً لابد منه ان لم يوافق الحوثيون على ذلك و هذا ما سيحدث قريباً .
اما على مستوى العراق فقد عملت الولايات المتحدة الاميركية على دفع مجلس الوزراء العراقي لاصدار مشروع قانون الحرس الوطني و تقديمه الى البرلمان العراقي للمصادقة عليه عاجلاً ام اجلاً بعد ان فشلت جميع الجهود التي بذلتها روسيا و حليفتها ايران في انهاء تواجد داعش على الاراضي العراقية من خلال دعمهم لقوات الحشد الشعبي ، فمن خلال قانون الحرس الوطني ستكسب الولايات المتحدة الحرب ضد داعش في العراق باعتبارها صاحبة هذا المشروع والممول له بعد ان تقوم بازاحت داعش الى الاراضي السورية بعد انهاء سيطرتهم على محافظتي الموصل و الانبار بالتعاون بينها و بين الحرس الوطني و تحقيق نصر سياسي يحسب لصالح الحزب الديموقراطي قبيل انتخابات الرئاسة الاميركية العام المقبل .
ولم يتبقى لروسيا بعد خسارة ملف اليمن و العراق سوى الاندفاع بقوة نحو الجبهة السورية لانقاذ مصالحها المتبقية فيها بعد ان بات نظام الاسد مهدد بالسقوط نتيجة التقدم القوي لقوى المعارضة السورية بعد احتلالها لآخر قاعدة عسكرية في محافظة ادلب التابعة لجيش النظام السوري و التي من خلالها ستفسح المجال لقوى المعارضة بالضغط على المحافظات الساحلية التي تمثل الثقل الاكبر لقوات نظام الاسد .
وبعد ان تيقنت روسيا بضعف دور الحليف الايراني و اختياره التفرغ للشأن الداخلي الذي بدأت الولايات المتحدة الاميركية بالتلويح له من خلال اثارة القلاقل في اقليم الاكراد الذي يعتبر ساحة عمليات حزب البيجاك الكردي و اقليم الاحواز العربي الذي يتحين الفرص للاستقلال عن السلطة الايرانية ، ومن خلال العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه و التي يرغب بالتخلص منها لديمومة استقرار الوضع السياسي و الاقتصادي الداخلي .
على اساس هذه المعطيات التي فُرضت على ارض الواقع يدل التدخل الروسي المباشر في الساحة السورية على خروج العراق و اليمن من المعادلة السياسية بالنسبة للدب الروسي و القاء ثقلها السياسي و العسكري على الساحة السورية التي تمثل اخر القواعد الروسية المطلة على البحر الابيض المتوسط و للحفاظ على خط نقل الغاز الروسي المتوجه الى اوربا والذي يعتبر مصدر تمويل هائل لاقتصادها و التي تستخدمه روسيا كورقة سياسية تجاه الدول الاوربية بعد ان ضمنت اوربا مصدر ثاني للغاز الطبيعي والتي تمثل الاراضي السورية المعبر المناسب لوصوله لها بعد سقوط نظام الاسد .
فاصبح من الواضح الآن ان المفاوضات الاميركية الروسية في المرحلة المقبلة ستتركز فقط في الشان السوري كون العراق و اليمن قد حسم الامر فيهما للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية بعد ان اسقطتها من قائمة الاوراق التي تطرح على طاولة المفاوضات الروسية الاميركية في المنطقة .