19 مايو، 2024 11:37 م
Search
Close this search box.

العراق ومسلسل التفجيرات الدامية

Facebook
Twitter
LinkedIn

ان مسلسلَ التفجيراتِ التي تعرض ويتعرض لها العراق منذ سقوط النظام والى اليومِ مختلفة الاسلوب والقوة وكلها اعتادَ عليها الشعب العراقي، والتفجيرات الدموية اصبحتْ دورية وتثيرُ النفوس وتستنكرُ الاقلام وثلاثة ايامِ حدادِ ويعودُ كلُّ شيءٍ الى سابقِ عهده، ولكن تفجيرات الكرادةِ الاخيرةِ جاءت بشكلٍ مختلفٍ عن كل التفجيراتِ التي حدثتْ في العراقِ وتفاعل العالم معها واثار الصدمة على ذوي الشهداءِ والجرحى والشارع العراقي مع هذا التفجيرِ جاءَ بانفعاليةٍ قويةٍ جدا-
ان ما يحصلُ في العراقِ اليوم هو نتيجة لأسبابِ سابقةٍ ممهدةٍ لها, ورغم خطورتها وسواد ليلها الحالك الا أن الأخطرَ منها هو ان يكونَ النظر والتقييم على النتيجةِ الحاصلةِ فقط وترتيب الآثار عليها ويزيد من شدةِ الخطرِ واتساع دائرة الفتنةِ هو عدم الالتفات الى من كان سبباً من الأسبابِ التي أدتْ الى هكذا نتيجة مأساوية ويتعدى ذلكَ الى التأييدِ والوقوف الى جنبِ من تسببَ ومهّدَ عن علمٍ وجهلٍ لكل ما يحصل الآن, فلكل سبب قيمة من التمهيدِ والتأثيرِ بما يحصلُ الآن وتراكم قيم هذه الأسباب أدتْ الى انفجارِ الوضعِ الحاليِ وهذا يعني انّ ما يحصل الآن لم يكنْ على نحوِ الصدفةِ او ردة فعل انفعالية آنية  لكن هذا عددا من الأسبابِ ومَنْ يقفْ وراءها حسب الواقع الذي عشناه ولمسناه وليس تصورات خيالية .
اولاً: المحتلُ الامريكي هو مَنْ أسّسَ وغرسَ بذرة الفتنة الكبرى, وكذلك ما طرحهُ المحتل من مصطلحاتِ تثيرُ الفتنةَ وتوقدها ولو بعد حين مثل (المناطق المتنازع عليها ) والأغلبية الشيعية او السنية والمكونات الاخرى ,
ثانياً: الدستورُ العراقيُّ المحكومُ بقانونِ بريمر وما دوّن فيه مِنْ موادِ مطاطية التفسيرِ أثارتْ النزاعاتُ والصراعاتُ السياسيةُ ومواد أخرى تعطي الحق والمشروعية بتكوين الأقاليمِ والفدرالياتِ مع الاخذ بنظرِ الاعتبارِ ان هذا لا يبرر اللجوء الى تنفيذهِ الا بتهيئة مقدماته ومن مقدماته الحال الحاصل الآن فيطرح كحل بديل يتوافق عليه الاطراف المتنازعة !
ثالثاً: هذا الدستور لم يفرضْ بالقوةِ ظاهراً , لأنه يخالفُ دعاوى الحريةِ والديمقراطية الامريكية المخادعة بل انه تم التصويت عليه من الشعبِ العراقيِ استجابة لرغباتِ الجهات الدينية مع ما فيه من سمٍّ وقنابلٍ موقوتةٍ ! حتى اذا ما تم الرجوع اليه وتنفيذ مواده يكون الجواب انه دستور شرعي اختاره الشعب!
رابعاً: ساسة العراق على اختلاف توجهاتهم وعقائدهم ولغة خطابهم وتصريحاتهم المذهبية والطائفية والمناطقية وصراعهم على السلطةِ والواجهةِ وجرها لهذا الحزب او الطائفة والمذهب واخلاقية التسقيط والتهميش بينهم , اضف الى ذلك ولاءاتهم الخارجية وارتمائهم في أحضانِ دولٍ عالميةٍ وإقليميةٍ وممنْ له التأثير من أجلِ أنْ يستقوي احدهم على ألآخر.
خامساً: الشعبُ العراقيُّ عموماً الا النادر الاندر حيث لدغوا من نفس الجحر مرات ومرات وأعادوا انتخابَ وتسليط نفسُ الفاشلينَ الفاسدينَ الطائفيينَ, ايضاً استجابةً لدعوات تحت عنوان نصرة المذهب واخرى لحرمة الزوجات واخرى لكي لا يأخذها ابناء المذهبِ الاخرِ ؟!
سادساً: علماءُ الشيعةِ والمذهبُ على حدٍّ سواء لم يكونوا على قدرِ المسؤوليةِ التاريخيةِ والاخلاقيةِ والشرعية لا على مستوى الخطابِ ولا على مستوى الفعلِ والنزولِ مع الجماهير فحدثْ شرخاً عميقاً بينهم وبين القواعد حتى اصبحتْ هذه القواعدِ بيد الساسةِ واصحاب المصالحِ يحركونهم كيف يشاءون وتحت تأثير اعلامهم وخطاباتهم , الى الحدِّ الذي تأثرَ العلماءُ بثقافةِ الاعلامِ والشارعِ واصبحوا ينساقونَ ويسوقونَ مواقفهم بنفسِ المسارِ المشحون.
سابعاً: الاعلامُ الديني والسياسي المأجور من فضائياتٍ وغيرها والنظر بالعينِ الواحدِ والابتعادِ عن المهنيةِ الاعلاميةِ وعن الموضوعيةِ والشحنِ الطائفي والسبٍّ الفاحشِ والاساءةِ لرموز هذا المعتقد او ذاك القى ضلاله على الشارعِ العراقي وخلق بيئة مناسبة للعنفِ والقتلِ والتهجيرِ على اساسِ الهويةِ المذهبيةِ!
ثامنا: تغييبُ الأصواتِ الوطنيةِ المخلصةِ والحلولِ الناجعةِ والفتاوى الموحدةِ الرساليةِ التي قرأتْ وشخصتْ الواقعِ وتوقعتْ المستقبلِ وفق المعطيات وصدق توقعها وحصلَ ما أنذرتْ منه ونبهتْ عليه مراراً وتكراراً في بياناتٍ وخطاباتٍ واستفتاءاتٍ ووقفاتٍ وتظاهراتٍ ولقاءاتٍ ووفودٍ وزيارات , أبرز هذه الأصوات الوطنية وأصدقها هو صوت السيد الصرخي الحسني انقلُ مقتبسات مِنْ بياناتهِ حيثُ قالَ في بيان رقم (27) في سنة 1427 هجرية ((الرزيــة ….. الرزيــة ….. وكل الرزية في الحرب الطائفية ….. والانقياد للتعصب الجاهلي الاعمى والسير في مخططات اعداء الاسلام والانسانية , والوقوع في شباكهم وفخاخهم ومكائدهم , والانزلاق في مأساة وكارثة الحرب الاهلية الطائفية الدموية الآكلة والمدمرة للاخضر واليابس , والمميتة للقاصي والداني والتي لا يـُعلم متى وكيف تنتهي لو اتسعت واستحكمت (لا سمح الله تعالى. والتي حذرنا ….. وحذرنا ….. العلماء والسياسيين وغيرهم من السنة والشيعة …..وحذرنا منها مرارا وتكرارا ….. ولكن ….. قال الله تعالى : ((وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)) المائدة /71. فنحذر انفسنا من ابليس واتباع الهوى والمنافع الشخصية الدنيوية , ومن الفتنة ….. الفتنة ….. الفتنة ….. التي لاتبقي ولا تذر , فتنة التعصب الباطل والحمية الجاهلية والحرب الطائفية الاهلية , التي يعم شرها وضررها الجميع من ابناء هذا البلد الجريح , ولا يتوقع اي شخص انه سيكون في مأمن من ذلك , أيها العلماء , ايها السياسيون ,ايتها الرموز الدينية والاجتماعية والسياسية , كفانا متاجرة بمشاعر الناس وعواطفهم , كفانا متاجرة ومقامرة بدماء وارواح الابرياء والبسطاء ,فلنعمل جميعاً بصدق وإخلاص من اجل العراق وشعبه المظلوم , من اجل الاسلام , من اجل الانسانية , يجب علينا جميعاً إيقاف سفك الدماء ونزفها , لنمنع زهق الارواح , لنمنع الفتنة …..قال تعالى (( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ )) الانفال /25 .))

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب