22 نوفمبر، 2024 7:22 م
Search
Close this search box.

العراق و”مركة الحجية “

العراق و”مركة الحجية “

في ايام الحصار القاسية زار جارتنا الحجية سعيدة ضيف مفاجئ وماكان عليها الا البحث في بقايا البستان عن ما يمكن ان تصنع منه “مركة ”  فجمعت حبة باذنجان مع حبه يقطين واخرى من الطماطم مع حبه بصل وبضعه اوراق من السبانخ واعواد من البامية واللوبياء وراحت تقطعها كلها لتصنع منها حسائها الشهير ورغم عدم تناسق المكونات اﻻ ان  الحجية سعيدة نجحت في اشباع ضيوفها باكله شهيه لم يبقو منها شيئا ،بعد عدة أشهر تكرر الموقف وزار (الحجية سعيدة) ضيوف فطلب ابنائها ان تصنع ذات الطبخه التي صنعتها في المرة السابقه الا انها رفضت ذلك كونها تمتلك البدائل فهي اليوم تمتلك مالا بامكانها ان تشتري به مايمكن طبخه وتقديمه للضيوف فأخذت سلتها وراحت الى البقال القريب وهي تقول “مو كل مرة  تنجح الطبخه !!
موقف جارتنا هذا يشبه الى حد بعيد وضع الحكومات العراقية بعد سقوط الطاغية صدام حسين ، الا ان الحجية سعيدة كانت اذكى بكثير من كل السياسيين الذين حكموا البلاد بعد عام 2003 فهي ورغم نجاح طبختها الغريبه الا انها فكرت بالبدائل المتوفرة امامها اما السياسيين العراقيين فقد بقوا متمسكين بطبختهم الفاشله في اجراء حكومة محاصصة تتقاسم فيها الاحزاب خراب البلد وتتوارث ادارة مؤسساته عائلات تعود لتلك الاحزاب ،ورغم مرور اكثر من عشرة اعوام على سقوط الصنم لايزال الشعب العراقي يرى ذات الوجوه الكالحة والاكثر سوادا من الباذنجان ، ورائحه فسادهم اقوى من رائحة الثوم والبصل .
يبدوا أن الحكومات المتعاقبه في ادارة العراق لم ولن تفكر في اختيار بدائل لتحسين واقع الحال في البلاد والبحث عن شخصيات جديدة قادرة على ان تقدم ماعجز عن تقديمه كل من تبوأ مناصب قيادية في وزارات او حكومات محلية ، وخير دليل على ذلك هو استمرار التدهور في كافه القطاعات ولا يوجد أي ترميم للصدوع التي ورثناها من حكم طاغيه استنزف قدرات البلد في حروب متعددة ،فالامن ورغم الانتصارات المعلن عنها الا انه لايزال ملفا مفتوحا ويستنزف اموالا طائله كان يجب ان تستثمر في رفد قطاع التعليم الذي بات متدهورا هو الاخر فضلا عن مشكله النازحين التي باتت من اعقد المشكلات التي تواجه الحكومة العراقية والمواطن على سواء والتي تحتاج هي الاخرى الى موارد ماليه كبيرة لتوفير ابسط متطلبات الحياة لضحايا العمليات الارهابيه ممن تركوا مدنهم ورحلوا بحثا عن الامان هذا اذا ما غضضنا البصر عن قطاعات اخرى لاتقل اهمية كالصحة والكهرباء والنقل و…الخ والتي سائت اوضاعها هي الاخرى بسبب تكرار الطبخة السياسية الفاشله .
من الواضح أن العراق لايحتاج الى وجوه جديدة لانتاج طبخة سياسية ناجحة وحسب بل يحتاج أيضا الى مطبخ سياسي يديرة افراد  قادرين على استخدام الادوات اللازمة بشكل مهني واختيار مكونات قادرة على الخروج من كل الازمات التي يمر بها البلد والتي من الممكن ان تنتهي به الى الهاوية .. 

أحدث المقالات