في تعاملات السوق ومصطلحات الاقتصاد يقال ان راس المال جبان ، و لابد من ان يكون له قوة تسنده وتعزز مسيرته تصاعديا ، لذا فان الإقتصاد والقوة عنصرا حسم، ف من يمتلك إحداهما يستطيع بناء حواجز ومصدات قوية خلف أسواره الخارجية، اي ان هذان العنصران، يشكلان عصب السياسة العالمية.
اليوم عراقنا يمر بمفترق طرق ، فالتحديات تتربص به من كل جانب ، بل وتكاد تشلّه ان لم تكن كذلك ، فالتحديات الامنية من جهة ، والاقتصادية من جهة اخرى ، حيث انخفاض اسعار النفط وترنحها بين صعود وهبوط قد اثر سلبا على موازنة الدولة العامة وبالتالي انسحب تاثير ذلك على كافة مفاصل الحياة .
ان امتلاك أي دولة لأيٍ من الاقتصاد والقوة او كلاهما معا ، سوف يمكنها من التأثير في المعادلات الإقليمية والدولية، الإقتصاد، أوله النفط، فمن يمتلك النفط قطع ثلاثة أرباع المسافة، فالربع الاخير المتبقي هو مساحة التأثير والذي يعد المساحة المريحة التي يتحرك بها البلد لإحداث التوازن.
الاستراتيجة التي اتبعها وزير النفط عادل عبدالمهدي قد اتت ثمارها الاولى حيث السعي نحو تحقيق الجزء الاخير كون ان الاول يمتلكه العراق كحاصل تحصيل فهو يمتلك النفط ابتداءا وهو بذلك قطع ثلاثة ارباع المسافة ولديه المساحة المتبقية التي من خلالها سيكون اللاعب الاساسي في تغيير موازين اللعبة الاقتصادية في العالم ، وبالتالي احداث التوازن ، ان لم يكن اليوم فحتما سيكون في الغد القريب ، كون ما يجري الان من تراجع للاسعار هي ليست حالة اصيلة بل لها ابعادها السياسية ولابد ان تنتهي قريبا لترتفع من جديد اسعار النفط .
تعتمد سياسة وزير النفط التي طالما طرحها في اكثر من مناسبة في توسيع دائرة الحلقة النفطية على اعتبار ان العراق اليوم يمر بأزمة اقتصادية ، بالاضافة الى تدهور اسعار النفط ، حيث سيكون ذلك من خلال اطلاق التراخيص وكذلك استخراج الآبار النفطية ليصل سقف الانتاج الى (4) ملايين برميل يوميا نهاية عام 2015 وستكون آلية رفع سقف الانتاج من خلال استقطاب الشركات النفطية العالمية والصناعية لاستخراج الآبار النفطية وسد العجز المالي ، وبالتالي سيتعافى اقتصاد البلد من جديد وتزداد قوته السياسية وتاثيره الاقليمي والدولي .
إذن فالنفط قد يحقق للسياسة ما عجزت عنه السياسة نفسها، وهذه الإستراتيجية، فضلاً عن نفعها المباشر للإقتصاد العراقي، وتحسينها للواقع برمته؛ ستؤدي إلى المساهمة الفعّالة في سحب فتيل أزمات كبيرة في المنطقة، وإستثمارها لصنع السلام ، وبذلك سيقلب موازين اللعبة الاقتصادية ويكون اللاعب الاساسي فيها عاجلا ام آجلا .