23 ديسمبر، 2024 8:14 ص

العراق وعولمة النفاق المنظم !!؟

العراق وعولمة النفاق المنظم !!؟

بعد التجارب العديدة التي عاشها شعبنا في السنوات العجاف الماضية ، لم تمرأحداث ومآسي حروب متعددة على شعب في ارض المعمورة كما عاشها شعبنا ، وأخرها الحرب الطويلة على الارهاب المتعدد المصادر والاهداف والعناويين ، وما خلف من نتائج كارثية على شعبنا بسفك دمائه وازهاق ارواح أبنائه حتى غدت اعداد ضحاياه رقما على الشمال في النشرات الاخبارية ، واحيانا ليس له مكانا بعد ان اصبحت عملية القتل المنظم بحق العراقيين خبر عادي لايقف امامه احد ، بل تتفوق عليه بالاهتمام فقرة نشرة الاحوال الجوية بارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها في قنوات الاخوة الاعداء والحاقدين الاصدقاء.
( ولكن )المستغرب بان المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان والاغاثة في جمعية الامم المتحدة ومجلس حقوق الانسان والمفوضية الاوربية ، التي صميم عملها التأكيد على حقوق الانسان وحمايتها وتعزيز قيمها الاساسية المنصوص عليها في مواثيقهم ومعاهداتهم ، تلك المنظمات نراها ترفع صوتها عليا بخصوص قضايا معينة حسب اختياراتها وانتقاءتها و (ترفع الارض ولم تقعدها) عندما ترغب في ذلك وفقا لاهداف ومصالح سياسية واقتصادية لاتخفى على احد ، لديهم الخبرة التي لاتبارى في اتباع ازدواجية المعايير والاحكام وامكانية تسيس الامور في قوالب جاهزة للبيانات المتكررة عن تعزيز وحماية حقوق ( الانسان ) .
(ولكن) بهذا الصدد نرى (الانسان) على مراتب ومستويات وتختلف قيمة فصيلة دمه حسب بلد الانتماء ، من المؤكد العراقي مستثنى من النظر في مفردات قواميس تلك المنظمات الذائعة الصيت ، حيث لم تكن اية مشاركة دولية حقيقية بتحمل المسؤولية الانسانية في المساعدة او تسليط الضوءعلى الكوارث الكبرى التي عاشها العراقي في مواجهة الارهاب الدولي خلال السنوات الطويلة المنصرمة وخصوصا التفجيرات التي طالت المدنيين في الاسواق والمساجد وطوابيرعمال البناء واطفال المدارس ، وما تبعها من جرائم داعش التي يندى لها جبين الانسانية ، كان البخل الدولي من (الغرباء والاقرباء ) حتى في برقيات الاستنكار او برقيات المؤاساة لاهل العراق ، نعم نقولها ان (الدم العراقي) بخس في عيون وحسابات الاعلام الدولي والمنظمات ومجالس حقوق الانسان الدولية العديدة بمسمياتها والموحدة في اهدافها المرسومة وفق قياسات (منقلة ومسطرة ) المصالحهم السياسية للدول القائمة عليها .
(ولكن) في ذات الوقت عند حدوث اية كارثة طبيعية كزلازل او فيضانات او حوادث سقوط طائرات او اصطدام شاحنات او قطارات واحيانا مشاجرات في اماكن عامة ، تحدث في (الجانب الاخرمن عالمنا ) ، تتسارع الاخبارالعاجلة وتتبارى القنوات في بثها المباشر للسبق الاعلامي والتقارير المصورة و مساحات واسعة من برامجها لتغطية تلك الاحداث حتى (يبح ) صوت المحللين والمعلقين والمذيعيين ، هنا نحن لا نستهين بروح اي انسان مهما كان انتمائه اوموطنه ، ولَقد كَرَّم ربنا بَنِي آدم بغض النطر عن ارض مولده ، ولكن استغفال العقول والمُؤاربة ورسم سيناريوهات الحقيقة وفق الرؤية بعين واحدة في اتجاه واحد نحو مصالحهم بعيدا عن العناوين والمسميات لتلك الوسائل الاعلامية ومموليها والمنظمات والتي طالما تشترك شعاراتها بكلمة (الانسانية) .
قد يكون سؤال… لماذا ننتقد تلك المنظمات الدولية ؟، الكل يعرف ان تلك المنظمات نصبت نفسها عينا راصدة في متابعة ومراقبة سجل حقوق الانسان ، تعتبرتقاريرها بمثابة براءة ذمة للدول في تطبيق حقوق الانسان ، خلافه تفرض عليها العقوبات وسياسات الحصار . نقولها ان تلك المنظمات على علم اليقين بالجهات الدولية الداعمة والممولة للعصابات الارهابية وعلى (على عينك ياتاجر). (لكن) اصابها مرض الصم واعراض البكم ، كأن العراق جزء من كوكب اخر لاينتمي اليهم بالانسانية ولم يكن اول الحضارات على الارض ومن مؤسسي عصبة الامم المتحدة و الموقعين على معظم المواثيق والاتفاقيات المعنية بحقوق الانسان .
سؤال قد يكون في خانة الذكرى التي ربما تنفع ….. رغم الامل في ذلك معدوم ، الم يحين وقت لوقف نزف الدم (الرخيص) للمواطن العراقي على طول السنوات الماضية ، لم يرضِ الاعداء عدد الارواح التي زهقت واصبحت عددا نسيا منسيا في ذاكرة مسؤوليينا (ولكن) تبقى في ذمتهم الى يوم الدين . وبمرور خاطف على مسلسل الكوارث على ارضنا ،.بعد عصابات القاعدة وغرسها الموت في ارضنا خلال الفترة الزرقاوية الدامية بما حملت بافظع ( تسونامي) ارهابي اجرامي حاصداً ارواح عشرات الالاف من الابرياء بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة وعمليات الاغتيالات والخطف، غايتها تعميق الفتنة الطائفية بين مكونات شعبنا ، زادت نتائجها الكارثية منذ 2004 وما تبعها من اقتتال طائفي في عام 2006 .
(ولكن) المعتاد لدى سياسينا وتلك المنظمات الانسانية ان تصفر ذاكرة مخزونها كالبرق عن حجم الضحايا الذين سقطوا في هذه الفترة حسب التقديرات الحكومية ، وحتماً تكون اقل بكثيرعن الاعداد الحقيقية ،وعلى سبيل المثال في عام (2006 ) كان الضحايا المدنيين اكثرمن (29) الف حسب التقديرات حينها و شهر تموز الأكثر دموية على الإطلاق حيث بلغ عدد الضحايا حوالي (3260) شخص، و(لم نسمع صوتا ولوهمساً من منظمات حقوق الانسان )..
وعام (2007) بلغ عدد الضحايا حوالي (25300) شخص و كان الشهر كانون الثاني الأكثر دموية للمدنيين العراقيين بإجمالي (2900) شخص . والتقديرات تشيرالى ان عدد الضحايا المدنيين العراقيين حوالي (116,300 )ألف عراقي خلال فترة الاحتلال ، و(لم نسمع لها حساً من منظمات حقوق الانسان ).
ولازالت حلقات مسلسل القتل مستمرة في السنوات اللاحقة الى ان حدثت كارثة الاحتلال التأمري التكفيري (داعش) المخطط له في دهاليز اعداء الداخل ودول الاقليم و ماوراءالبحار، وازدات وتيرة ايقاع سمفونية الموت بعد احتلالها لجزء من اراضينا في حزيران (2014)، واعداد الضحايا الان في مرحلة ( العد والحساب ).
(ولكن) مع كل ذلك الاستغفال واللامبالاة لم بفد في عضد العراقيين مقارعتهم الارهاب الدولي ، حيث حرروا ارضهم ببسالة وشجاعة منقطعة النظير وانتصاراتهم تتواصل دون الالتفات الى الصمت الدولي المهين عن الجرائم البشعة للارهاب التي وثقها القاصي والداني ، و اصبحت مادة اعلامية واقعية ومادة لتدريس اهوال الارهاب من وحشية وعنف وماسي ، ولم نسمع من المهنئين كثيرا على تحرير ارضنا ، بل على الضد بدأنا نسمع عن مؤامرة جديدة لسرقة فرحة انتصاراتنا ، وسيظل يواجه العراق قدره امام اعين العالم المنافق ويبقى (عَلَى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأتِي العَزَائِمُ وَتَأتِي عَلَى قَدْرِ الكِرامِ المكَارِمُ) وتبقى (بغداد أنت شفاء العين من رمدٍ………. بغداد أنت لقاء الله بالأممِ ).